فى الوقت الذى تتجه فيه الإدارة الأمريكية، إلى وضع جماعة الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية، رفض وزير الخارجية الإسرائيلى الأسبق «شلومو بن عامى» إدراج الجماعة على القائمة، مطالبا الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» بالتخلى عن هذا الأمر. وساق الوزير الإسرائيلى عدة أسباب فى مقاله المنشور بموقع «project-syndicate»، من بينها أن وصول تيارات الإسلام السياسى للسلطة فى المنطقة العربية مفيد للكيان الصهيونى ومهم لاستقرار إسرائيل. وضرب «بن عامى» مثالين لذلك أولهما: تجربة تل أبيب مع إخوان مصر، «وصفهم بالتيار المعتدل بعد وصول محمد مرسى للرئاسة فى عام 2012»، موضحا أن مرسى احترم اتفاقية السلام مع تل أبيب ولعب دورا رئيسيا فى وقف إطلاق النار خلال النزاع بين إسرائيل وحماس عام 2012. وكشف «بن عامى»، أن مرسى كان عازما على دعم مصر كقوة ضامنة للاستقرار الإقليمي، وشدد على أن الإخوان تخلوا عن مواقفهم الراديكالية تجاه تل أبيب، وهاجم الوزير الإسرائيلى موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى الرافض لعودة الإخوان للعمل السياسي، ووصف خروج المصريين ضد الإخوان فى 30 يونيو 2013 ب«انقلاب 2013» زاعما أن ذلك تسبب فى ظهور التيارات الجهادية واستخدامها للعنف فقال نصا: «معالجة أوجه القصور- يقصد رفض الإخوان للديمقراطية- عن طريق نبذ الخيارات السياسية المشروعة، لا يعزز سوى حجة المجندين الجهاديين، بأن العنف هو السبيل الوحيد لتأمين الإصلاح»، هذا ما حدث عندما اعتمد عبدالفتاح السيسي-خليفة مرسى بعد انقلاب عام 2013- نهجا صفريا فى جماعة الإخوان المسلمين». المثال الثانى الذى أشار إليه «بن عامى» هو تجربة إسرائيل مع حماس فى غزة بعد وصولها للسلطة فى انتخابات 2006، وكيف أن الحركة تخلت عن موقفها المعادى لإسرائيل مما تسبب فى حدوث انشقاقات داخل الحركة لكن ظل التيار المسيطر على الحركة هو من يعترف بإسرائيل. وأوضح «بن عامي»، أن حماس تتصرف وفق المنطق «البراجماتى» ومن ثم ستعترف بحل الدولتين وستقطع علاقتها بإخوان القاهرة من أجل مصالحة مع النظام المصرى وبقية الأنظمة العربية، وطالب «بن عامى» الحكومة الإسرائيلية تشجيع هذا التوجه المتصالح مع إسرائيل عبر رفع الحصار عن غزة بل والتعامل مع غزة كدولة مستقلة والعمل على تعزيز استقرارها، وفى سياق تبريره الرافض توجه الإدارة الأمريكية إعلان الإخوان جماعة إرهابية، استشهد الوزير الإسرائيلى بتجربة الإسلاميين فى المغرب العربى. وأشار إلى تجربة حزب العدالة والتنمية فى المغرب، وحركة النهضة فى تونس، حيث كان مفهوم «الأسلمة» هو قلب حملتهما الانتخابية إبان دخولهما معترك السياسة، من خلال الاعتماد بصورة كبيرة على إرث الثورة الإيرانية التى اندلعت فى أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وكذلك الأفكار الراديكالية المناهضة للقيم الغربية التى تبناها مؤسسى جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم سيد قطب، والتى ظهرت بصورة كبيرة فى كتاباتهم فى الخمسينيات. إلا أنهما، بحسب الكاتب الإسرائيلي، قد تبنيا أفكارا أكثر اعتدالا بعد وصولهما إلى سدة السلطة فى بلديهما فى عام 2011، بل إنهما كان أكثر ميلا للأفكار العلمانية، موضحا أن تلك الأحزاب اتجهت إبان وجودها فى الحكم إلى دحض الأفكار الراديكالية التى شكلت المنحى الرئيسى لتوجهاتهم، ليحل محلها المبادئ المتعلقة بالديمقراطية العلمانية، من بينها التعددية الثقافية وحرية التعبير. ففى عام 2003، هكذا يستطرد الكاتب فى مقاله، اتجه حزب العدالة والتنمية فى المغرب إلى الفصل بصورة واضحة بين الحزب السياسى من جانب والحركة الدينية المؤسسة له من جانب آخر، حيث أعلن الحزب عن إدانته الكاملة للعمل الإرهابى الذى ضرب مدينة الدار البيضاء فى ذلك الوقت، على عكس الحركات الجهادية التى كانت تميل إلى الاحتفاء بمثل هذه الأعمال. وأضاف أن حركة النهضة التونسية سارت على نفس الدرب فى عام 2015، عندما قامت بالفصل بين الحركة التى تروج للمبادئ الدينية، والحزب السياسى الذى يقوم على فكرة الالتزام باللعبة السياسية ومبادئ الديمقراطية العلمانية. وتابع الكاتب أن هناك من يرى أن تلك السياسات ما هى إلا مناورات تكتيكية، وهو الأمر الذى قد يكونوا محقين فيه تماما، إلا أن مثل هذه المناورات ربما تقود إلى تحولات استراتيجية وأيديولوجية ربما لم تعتدها مثل هذه الأحزاب فى السياسات التى تتبناها منذ عقود طويلة من الزمن.