"بودا بودا" دراجة نارية تتمتع بشهرة واسعة النطاق في جنوب السودان، لا سيما في العاصمة "جوبا"، وتكاد تكون وسيلة المواصلات الوحيدة التي تنقل المواطنين من مكان إلى آخر سواءً للعمل أو التسوق أو غيرها من المشاوير اليومية التي يصعب إنجازها سيرًا على الأقدام وسط قلة أعداد الميكروباص وسيره في شوارع محددة وظهور نادر للتاكسي و"التوكتوك" أو ال"ركشة" الذي ينتشر في مناطق أخرى من البلاد. انتقلت فكرة "بودا بودا" من دول شرق إفريقيا وفي البداية كان يعمل بها شباب معظمهم من أوغندا المجاورة، ولكن مع نشوب الأزمة السياسية في البلاد عادت أغلب هذه العمالة إلى موطنها، وورث أبناء جنوب السودان المهنة من بعدهم. ومع الارتفاع الكبير في الأسعار أصبح المشوار الصغير الذي لا يتخطى مئات الأمتار يتكلف مطلع 2017 مبلغ 50 جنيهًا أو يزيد، فيما يصل إيجار المدة الزمنية التي لا تزيد عن ساعتين ما يزيد عن 200 جنيه جنوب سوداني، ولكن يظل "بودا بودا" الأشهر في "جوبا" ويمكن أن يحمل أكثر من راكب مع تكلفة أقل نسبيًا لكل منهما. وتنتشر هذه الوسيلة السريعة والملائمة لشوارع وأزقة المدينة حول الأسواق وفي الميادين وأمام رؤوس الشوارع وعند التقاطعات، حيث يجلس الشاب مستعد لأي إشارة حتى يتحرك بسرعة لضمان الفوز بالراكب قبل غيره من سائقي "بودا بودا" حديثي السن الساعين إلى جلب المال. ويقول طوني "أنا جنوبي واحصل على قوت يومي من هذا العمل أنا وأخي الذي يعمل سائق (بودا بودا) أيضًا، وكلنا متضررون من ارتفاع الأسعار مثل الزبائن، فهناك زيادة كبيرة في أسعار البنزين وصلت بسعر اللتر إلى 22 جنيهًا في المحطة و80 جنيهًا في السوق السوداء، وكذلك قطع الغيار ومصاريف الصيانة التي تستنزف الآلاف من الجنيهات". أما "ماريو" فهو من أوائل الجنوبيين الذين عملوا في هذا المجال يروي أن ركوب "بودا بودا" اختلف تمامًا عن ذي قبل حيث كان الناس يخافون السقوط من فوق الدراجة البخارية وهي تسير بسرعة في الشوارع والطرق بين القرى والمدن، ولكن الآن زاد الإقبال عليها وتعود الناس على ركوبها لما تختصره من زمن كان يستغرق يومين أو ثلاثة أيام سيرًا على الأقدام وأصبح دقائق أو ساعات محدودة. وفي النهاية، تبقى "بودا بودا" ليست فقط وسيلة موصلات تسعف راكبيها للوصول إلى وجهتهم داخل المدينة، إنما هي وسيلة أبناء الجنوب لكسب المال وتحدي الفقر والبطالة.