زار بعثة من مكتب منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) موقع "نمرود" الأثري جنوب شرقي الموصل بمحافظة نينوي شمالي العراق، اليوم الخميس، في مهمة تقييم سريعة من أجل الوقوف على الحالة العامة للموقع الأثري الذي دمره تنظيم (داعش) الإرهابي وألحق به أضرارًا بالغة منذ سيطرته على المنطقة في يونيو عام 2014. وتستهدف مهمة البعثة الدولية تحديد التدابير الطارئة التي يمكن اتخاذها للحيلولة دون تفاقم الخسائر بالموقع الأثري المهم "مدينة النمرود" والتي طالها التدمير الممنهج والمتعمد للبقايا الأثرية للموقع على مدى السنوات الماضية. وأكدت بعثة "يونسكو" - في بيان صحفي اليوم الخميس- عزمها على العمل مع السلطات العراقية؛ لضمان الحفاظ على ما تبقى ووضع الأساس لإعادة الترميم التدريجي للموقع الأثري في النمرود بعد تحريرها من قبضة داعش، بوصف ذلك أمر مهم لشعب العراق وهو المفتاح لأمن واستقرار المنطقة .. ووفقًا لما قالت مدير عام اليونسكو إيرينا بوكوفا إن هذا أمر مهم بالنسبة لتاريخ الإنسانية. ولفتت إلى أن "الزاقورة والهياكل المبنية والنقوش المنحوتة" لحقت بها أضرار كبيرة نتيجة للانفجارات والتجريف الذي طالها، مشيرة إلى أن تدابير الطوارئ سوف تتضمن الحماية المادية المباشرة للموقع من أجل السماح للتوثيق المفصل للموقع وموجوداته وهذا بدوره سيمنع عمليات النهب المحتملة للقطع المتبقية المتناثرة في الموقع الأثري. وشاركت ليلى صالح من الهيئة العامة للآثار والتراث في العراق وسيدو تاكاني من مجلس محافظة نينوى أيضًا في مهمة تقييم بعثة يونسكو في النمرود .. وستعرض يونسكو خطط عمليات صون وحفظ الموقع وعلى المدى الطويل وتناقشها مع الجهات المعنية الوطنية والدولية الرئيسية في اجتماع لجنة التنسيق الدولية للتراث الثقافي في المناطق المحررة من العراق الذي سيعقد في مقر يونسكو في باريس، للفترة 23-24 فبراير عام 2017. وموقع النمرود الأثري يعرف أيضًا باسم "كالح" وهو أحد المواقع الأثرية الرئيسية للفترة الآشورية في العراق .. وتم إنشاؤها خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حيث بني المدينة الملك الآشوري شلمنصر الأول (1274-1245 قبل الميلاد)، وأصبحت فيما بعد العاصمة الثانية للإمبراطورية الآشورية في عهد الملك آشور ناصربال الثاني (883-859 قبل الميلاد).. وبدأت الحفريات الأثرية في عام 1845 والتي كشفت عن بقايا القصورر والحصون والزاقورة ومعابد نابو وعشتار، فضلا عن العديد من المقابر الملكية.. وتشمل البقايا الفنية والمعمارية الآشورية تماثيل كبيرة، والواح ونقوش تزين قصر اشور ناصر بال، وتوثق حملاته العسكرية وإنجازاته، وتوفرالمزيد من الفهم حول بلاد ما بين النهرين القديمة. وكان مجلس الأمن وافق منتصف شهر فبراير 2015 بالإجماع على مشروع قرار روسي يقضي بتجفيف منابع تمويل تنظيم(داعش) والتنظيمات الإرهابية من خلال بيع النفط والآثار والفدية.. ويطالب القرار بتجريم كل من يشتري النفط من التنظيم وأيضا من جماعة "جبهة النصرة" وغيرهما من الجماعات المتطرفة والتي لها علاقة بتنظيم "القاعدة"، وتقديم المتورطين للعدالة كمتواطئين مع الإرهاب. يذكر أن داعش دمر آثار مدينة "الحضر" المدرجة على لائحة التراث العالمي والتي يعود تاريخها الى القرن الثاني قبل الميلاد.. كما جرف قبل أيام مدينة "نمرود" الأثرية، بالآليات الثقيلة مستبيحا بذلك المعالم الأثرية التي تعود الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد وما بعده.. كما حطم قطعا أثرية نادرة في متحف الموصل بمحافظة نينوي شمالي غربي العراق، وفجر المتحف التاريخي ونهب وخرب ما فيه من مقتنيات أثري ومخطوطات تاريخية.. ويضم المتحف 173 قطعة أثرية وتماثيل لحقب تاريخية مرت بها حضارات العراق لاسيما حضارة مابين النهرين بخلاف القطع الأثرية بمخازن المتحف..كما فجر عناصر (داعش) يوم 8 مارس 2015م منطقة "خورسباد" الأثرية شرقي الموصل بمحافظة نينوي شمال غربي العراق.. والتي تزخر بالآثار الآشورية القديمة.. وأسست "خورسباد" كعاصمة جديدة لمملكة آشور في زمن سرجون الثاني بعد وقت قصير من توليه العرش عام 721 قبل الميلاد.