تونس: بعد مرور شهر ونصف الشهر على أول انتخابات بعد ثورة الياسمين التونسية ، أقر المجلس الوطني التأسيسي التونسي دستورا مؤقتا يفتح المجال أمام إقامة سلطة تنفيذية شرعية في البلاد وإطلاق عمل المؤسسات. وكان رئيس وزراء تونس حمادي الجبالي قد أكد أهمية إرساء نظام ديمقراطي يكفل الحريات للجميع ويفتح المجال أمام الحوار.
وناقش أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مشروع القانون التأسيسي للتنظيم المؤقت للسلطات "الدستور المؤقت" المكون من 26 فصلا قبل التصويت على النص بمجمله عقب خمسة أيام من المناقشات اتسمت بالحدة في بعض الأحيان.
وبدا الانقسام جلياً داخل المجلس الوطني التأسيسي خصوصاً بين فريق أغلبي أقرب في رؤيته الى النظام البرلماني الذي يمنح سلطات أوسع للسلطة التنفيذية لرئيس الحكومة، وفريق أقلي يتشبث بالنظام الرئاسي الذي يمنح صلاحيات أكبر للسلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية.
وشهدت الجلسة تجاذبات بين الأطراف السياسية حول مشروع القانون، الذي جاء في المادة الأولى منه "تنظم السلطات العامة بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا القانون إلى حين وضع دستور جديد ودخوله حيز التنفيذ ومباشرة المؤسسات المنبثقة عنه لمهامها". انطلاقة جديدة ووصف رئيس المجلس مصطفى بن جعفر اقرار الدستور المؤقت بانه "لحظة تاريخية وانطلاق لتونسالجديدة". واعرب بن جعفر عن فخره بقيادة المجلس الانتقالي الذي يجمع بحسب قوله خيرة ابناء تونس بفضل ثورة الشعب. ويحدد الدستور شروط واجراءات ممارسة صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الى حين اجراء الانتخابات العامة المتوقعة مبدئيا خلال عام واقرار دستور جديد نهائي لتونس في مرحلة ما بعد سقوط زين العابدين بن علي. واعلن بن جعفر بدء قبول طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية . مشيرا الى ان انتخاب الرئيس سيحصل بعد ظهر الاثنين.
شروط الترشح ويحدد القانون شروط الترشح الى الرئاسة التي من المتوقع ان تؤول الى منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي سيعين حمادي الجبالي الرجل الثاني في حزب النهضة الاسلامي رئيسا للحكومة. وهذا السيناريو موضع اتفاق بين حزب النهضة وحزبين يساريين هما المؤتمر من اجل الجمهورية وحزب التكتل الذي يقوده بن جعفر. وكان عدد من نواب الجمعية التاسيسية قد دعوا إلى الإسراع بتبني هذا المشروع، مؤكدين أهمية هذا الأمر لتشكيل الحكومة المقبلة ونزع فتيل التوتر المتنامي في الشارع التونسي.
معارضون في الوقت نفسه اعتبر عدد من النواب أن مشروع القانون المصادق عليه "لا يقطع مع النظام السابق المكرس لهيمنة طرف دون بقية الأطراف الأخرى على السلطة، وأنه تم تفصيله على مقاس الأحزاب الفائزة بالانتخابات مع إقصاء البقية من إعداده". في سياق متصل اتهم الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي المعارض إئتلاف الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي التونسي المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالتراجع عن تعهداته أمام الشعب التونسي. مخاوف وقالت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي في تصريحات للصحفيين في أعقاب تصويت أعضاء المجلس التأسيسي :"إن كتلة الإئتلاف الثلاثي تراجعت عن تعهداتها للشعب التونسي".
ويتألف الإئتلاف الثلاثي من حركة النهضة الإسلامية (89 مقعدا)، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (29 مقعدا)، وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (20 مقعدا).
وأضافت الجريبي "نحن نؤكد على موقفنا الرافض، ونبيّن تخوفنا من أن تطول مدة مهام المجلس لأنه ليس من مصلحة تونس أن تطول الفترة أكثر حتى تستقر سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا".