قال الكاتب البريطاني جدعون راخمان، إن "سِمة رئاسية قد ميزت جولة المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل في أوروبا الأسبوع الماضي، حيث قابلت 15 من قادة الاتحاد الأوروبي في زيارات دبلوماسية سريعة شبيهة بتلك التي يقوم بها رؤساء أمريكا عند تدشين تحالفات أو تأكيدها". ورأى راخمان –في مقاله بالفاينانشيال تايمز- أن "بروز ميركل كقائدة بحكم الواقع للاتحاد الأوروبي هو مثار جدل؛ ذلك أن المجريين والبولنديين والتشيك ينتقدون بشدة سياسات حكومة ميركل إزاء اللاجئين، فيما يتهم اليونانيون حكومتها بتقويض اقتصادهم، كما يتذمر الفرنسيون والإيطاليون من إصرار ألمانيا على التقشف". وتابع راخمان "بعض البريطانيين يُحملون ميركل لائمة خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي قائلين إنه كان بإمكانها إبرام صفقة أفضل بشأن الهجرة... بينما في بروكسل تتصاعد الشكوى من أن المستشارة الألمانية دفعت المفوضية الأوروبية إلى جانب واحد". وقال الكاتب إن "ميركل ارتكبت بلا شك عددا من الأخطاء، لاسيما بخصوص أزمة اللاجئين، لكن لا يوجد قائد أوروبي آخر يمتلك من السلطة والمثابرة (ما تمتلكه ميركل) لكي يبرم صفقات ضرورية للحفاظ على تجمّع الاتحاد الأوروبي... ثمة حاجة ماسة لمثل هذا النوع من القيادة في الاتحاد الذي يواجه عددا من الأزمات الحادة والمشاكل المتشابكة هي: خروج بريطانيا من الاتحاد؛ واليورو؛ واللاجئين؛ وروسيا؛ وتآكل القيم والممارسات الديمقراطية في المجر وبولندا؛ وارتفاع أمواج الأحزاب السياسية المتطرفة عبر أوروبا". ورأى راخمان أن "المستشارة الألمانية تتعامل بحيطة وحذر مع مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد .. فحتى هذه اللحظة يبدو موقفها متمثلا في التغلب على بوادر المطالبات الفرنسية بتعجيل وتيرة عملية الخروج ... غير أن الإبطاء يحمل في طياته مشاكل؛ إذ يطيل أمد حالة عدم اليقين كما يستدعي رد فعل عكسي من المتشددين في بريطانياوبروكسل." وقال راخمان "ربما كانت المحطة الأكثر حساسية في جولة ميركل الأسبوع الماضي العاصمة البولندية "وارسو"، حيث الحكومة القومية والرجعية تقف متهمة بتقويض استقلالية القضاء والإعلام." وفيما يتعلق بأزمة الهجرة، قال راخمان "إن قدرة ألمانيا على رسم طريق أوروبي مشترك للتعامل مع أزمة المهاجرين هي بكل الأحوال تواجه صعوبات جمة ومعقدة في ضوء حقيقة أن السياسات التي تبنتها ميركل الصيف الماضي هي أكثر ليبرالية من معيار الاتحاد". ونوه الكاتب عما أثارته سياسات ميركل إزاء الهجرة من "توتر للعلاقات بين ألمانيا وأوروبا الوسطى وهو ما يُعمّق بدوره الانقسام الذي أوجدته بالأساس أزمة اليورو بين برلين وأمم أوروبا الجنوبية".