تربويون: المنظومة التعليمية فاشلة والمناهج في غاية الصعوبة طلاب: دعونا فنحن مظلومون خبراء: "الغش" مرض مستعصي رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة عين شمس: انهيار الطبقة الوسطى سبب الغش النجاح أو الرسوب، شبح يطاردان الناس بصفة عامة والطلاب بمختلف المراحل الدراسية بصفة خاصة، فهو يعني لهم استمرار المضي نحو تحقيق أحلامهم، و الرسوب يعني الفشل في الوصول إلى ما يتمنوه ولكن تظل الفرصة قائمة أمامهم. ما بين النجاح والرسوب يتناوب الطلاب في كيفية الوصول للأول و النجاة من الثاني بطرق مختلفة، منها الاعتماد على المجهود الشخصي، والبعض الآخر يعتمد على"الغش". وبالحديث عن "الغش" أجرت شبكة الإعلام العربية "محيط" لقاءات مع عدد من الطلاب وأولياء الأمور، للتقصي مدى المجتمع المصري من عدمه لهذه الظاهرة، وخرجت بالحصيلة التالية. نريد الحرية بسؤال أحد الطلاب في كلية الهندسة جامعة عين شمس أجاب: "الخوف من الفشل هو سبب الغش، ولا أحمل الطالب المسئولية، لأنه ضحية آراء و ضغوطات، فالنبات لا ينمو صحيحا إذا ما تم زرعه بشكل صحيح". و أضاف: "الغش يمكن القضاء عليه إذا علّمنا الطلاب من الصغر أن الغش عادة سيئة وتفسد المجتمع، و نعلمهم أن الغش عاقبته أن تصبح إنسانًا فاشلا، ولن تستطع عمل شيء في السوق والمجتمع، فالقضاء على الغش يكمن في التربية". وذكر طالب بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن الغش مفهوم خاطئ لا يجب إتباعه، فأي طالب يرغب بالنجاح فقط سيلجأ للغش. و أكمل: " الطالب قد يخشى من المعايرة سواءً كانت من الأسرة أو الأصدقاء أو الأساتذة بأنه راسب و فاشل و لم ينجح كغيره من الطلاب، و هذا قد يدفعه إلى الغش". في المقابل حمل أولياء أمور "عدد من الطلاب"، الدولة، محملين إياها فشل التعليم والطالب معا. الدولة ضعيفة ويقول رمضان عبد المقصود: الدولة ضعيفة ولا تستطيع مواجهة من يقومون بتسريب الامتحان، كل عام نسمع تصريحات بأن الداخلية قامت بالقبض على من يقوم بذلك، وكل عام يستمر التسريب بل و يزيد إلى أن وصل إلى تسريب الامتحان قبل بداية اللجنة بمدة طويلة مثلما حدث في امتحان العربي ولا أحد يجيبنا كيف يحدث هذا و من يحمي هؤلاء؟ ويواصل: "نريد أن نعرف من المسئول عن ضياع مجهود أولادنا كل عام و يتسبب في وجود أطباء و مهندسين لا يستطيعون القيام بعملهم". المدرسون السبب أما أحمد رأفت مدرس اللغة العربية، فيقول: "إن لبعض المدرسين يد في انتشار هذه الظاهرة، نتيجة لموت ضمائرهم، وهم من يتواصلون مع الطلاب أثناء الامتحان أو ليبيعون لهم إجابات الامتحانات، وعلى الحكومة اتخاذ إجراءات جدية تجاه هذه الفئة، ويمكننا أن نقضي على هذه الظاهرة باختبارات تمهيدية قبل المرحلة الثانوية. وبدورها ترى ياسمين صلاح "مدرسة" أن "الغش" ظاهرة موجودة منذ أن وجد التعليم، وهناك عوامل تساعد على تفاقم هذه الظاهرة، وهي الأجهزة الحديثة مثل التليفون المحمول ووسائل الاتصال، بالإضافة لعدم الاهتمام بالتعليم كغاية في حد ذاته ولكن كوسيلة للوصول لكلية معينة أو مجموع معين، ناهيك عن تدهور القيم والأخلاقيات". واتهمت المطابع التي يطبع فيها الامتحانات بأنها السبب الرئيسي في تسريب الامتحانات. محيط مع الطلاب المدرس القديم "والحشو" أما أشرف راضي أستاذ الجغرافيا بالمدرية التعليمية يقول إن إقدام الطالب على الغش ناتج عن عدد إحساس بالمسئولية منذ بداية العام وعدم إدراكه للمستقبل". وأضاف: "الخلل يكمن في المنظومة والطالب، لكن خلل المنظومة أكبر لأنه لا يوجد تعليم فعلي في المدارس الحكومية، وعدم رغبة الطالب في التعلم من قبل المدرس الحكومي لاقتناعه بأنه لن يفيده وبسبب وجود مدرسين حتى الآن بأعمار تتعدى الستين عاماً يفتقرون إلى عنصر التجديد والابتكار وعدم إعطاء الفرصة للخريجين حديثاً من كليات التربية الذين تلقنوا أساليب التعليم الحديثة". ويقول محمد عبد الناصر مدرس أول لغة انجليزية: "السبب الرئيسي للغش هو "الحشو" الزائد في المناهج مما يؤدي إلى عدم إمكانية الطلاب مراجعة المنهج بالكامل قبل الامتحان، فالنظام التعليمي يحتاج إلى إعادة هيكلة كاملة بداية من الوزير و حتى اصغر المدرسين، فالطالب منذ دخوله المدرسة وهو ضحية لنظام تقليدي و فاسد، نحن وصلنا إلى المركز 139 في الأنظمة التعليمية من ضمن 140 دولة لأننا مازلنا نعتبر التعليم خدمة في حين أن الدول المتقدمة أصبحت تعتبر التعليم الآن استثمار". وفي سياق متصل، يرى الدكتور مصطفى مرتضى رئيس قسم علم الاجتماع و وكيل كلية الآداب بجامعة عين شمس، أن الغش في الامتحان يرتبط بجانبين هما "نظامي وأخلاقي، وكثير من الناس لا يوجد لديها ضمير أخلاقي في وقتنا الحالي و هذا يرجع لعيوب في التنشئة الاجتماعية ومشكلات خاصة بالقيم والمجتمع. ويعتبر "مرتضى" في حديثه ل"محيط" أن القيم تحولت لتصبح سلعة تباع و تشترى، فالطالب في حالة غشه في الامتحان يتساوى مع التاجر الذي يبيع بضاعة فاسدة. ويرى أن انهيار الطبقة الوسطى في مصر يعد من العوامل الأساسية التي أدت إلى انتشار الغش، لأنها كانت حارسة القيم، وتحرص على تعليم أبنائها جيدا و مع انهيارها انهارت القيم، بحسب قوله. و عن أساليب منع الغش أجاب: " الحل في تصوري الشخصي هو تطبيق القوانين مهما كانت النتائج المترتبة عليها، و كلما حدث تطور في أساليب الغش يحدث تطور في أساليب مقاومة الغش، فإن خلل القيم الذي يحدث الآن يجب محاربته بوضع قوانين رادعة و لكن الأهم من وضع القوانين هو تطبيقها". و بسؤاله عن فساد المنظومة و هل لها يد في ذلك: "لا يمكننا التعميم فهناك من يعمل و من لا يعمل، ولا يجب ألا نقف كثيرًا عند السلبيات بل نحاول تطوير الإيجابيات، فمثلا إذا كنت وزيرا للتعليم وعلمت بتسريب الامتحان كنت اتخذت إجراءًا فوريًا بتأجيل الامتحان المسرب وقمت بإعادته لمنع الظلم، ولكن هذا لا ينفي أن هناك جهدًا يبذل لتطوير التعليم". تحقيق: شادي إبراهيم – هدير يحيى - سعيد عبد الدايم – رناد محسن - محمد كمال - ساندرا رجائى – مصطفى صفى