شارع عماد الدين عبارة عن شريان طويل في وسط البلد يمتد طوله 2.5 كم، يبدأ شمالاً من شارع رمسيس ويستمر جنوباً في منطقة عابدين ثم يواصل استمراره من خلال ميدان الأزبكية وميدان مصطفى كامل. ويسمى الجزء الجنوبى من الشارع محمد فريد على اسم الكاتب المشهور المدافع عن الاستقلال والذى توفى عام 1919. كما سمي ميدان سوارس القديم احد ميادين هذا الشارع باسم ميدان مصطفي كامل , واقيم به تمثال بديع من البرنز علي قاعدة مرتفعة من الرخام لهذا الزعيم الوطني الاول. وهناك عدة قصص حول أصل اسم عماد الدين، وأكثرها مصداقية هي أن الشارع سمى على اسم شيخ غير معروف يقع جامعه في الجزء الجنوبي (محمد فريد). وأكثر القصص طرافة تحكي أن الاسم يعود إلى فتوة في الجوار كان يتحكم في الجزء الشمالي من الشارع. وكان ذلك الجزء من الشارع موطن صناعة الترفيه من دور السينما والمسارح والحانات والملاهي الليلية. ويقال إن سبب ذلك أنه كان يحمى الفنانين من الفتوات الآخرين في الجوار. من أهم ما يميز شارع عماد الدين بناياته القديمة، وطرزه المعمارية التي انقرضت والتي تعود بالسائر جوارها إلى أزمنة مضت ولن تعود، ويعود بناء بعض هذه البنايات إلى الخديوي عباس حلمي الثاني، والذي أنشأ ما سماه عمارات الخديوي، على الطراز المعماري الإيطالي، واستخدم الرخام فيها في الأعمدة والسلالم، ولكن بعد عزل الخديوي عباس (عام 1914) آلت هذه العمارات إلى أجنبي اسمه سيتون، وتم تأميمها أوائل الستينيات، لتصبح مقرا للعديد من الشركات المصرية . وعلى الرغم من أن الفن والفنانين قد انتقلوا من شارع عماد الدين، إلا أنه بقيت بعض السينمات والمسارح على جانبي الشارع، فهناك سينما بيجال، وسينما كوزموس، وسينما كايرو، وسينما كايرو، وهناك أيضا مسرح الريحاني، عل أجمل ما في الشارع ان هناك أكثر من مقهى بالقرب منه يحمل اسم سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم، فهناك مقهى ركن أم كلثوم، وآخر باسمها. اما الكارثة التي حلت بشارع عماد الدين بدأت مع حريق القاهرة في يناير (كانون الثاني) 1952، والذي راح ضحيته العديد من دور السينما والمسارح، لعل أشهرها ملهى صفية حلمي، وحتى الآن بإمكان المار في الشارع أن يلمح آثار الحريق على عدد من دور السينما. وتميز شارع عماد الدين بأجوائه الفنية والثقافية الفريدة ، والتي كان يتمتع بها هذا الشارع الخاص جدا الرابط في قلب وسط البلد، في شارع عماد الدين أضاء المسرح بإبداع يوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلي الكسار, وبموسيقي سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم, وتألق من النجوم منيرة المهدية والفنانة ملك وروز اليوسف وأمينة رزق وأحمد علام وحسين رياض واستيفان روستي.. إلي آخر قائمة العمالقة في دنيا الفن. فضلاً عن احتضانه يوما في أرجائه خمس عشرة داراً مسرحية, بالإضافة الى المقاهي التي كانت بمثابة صالونات للفن ومنتديات للثقافة, في سنوات العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي .. وكان للجزأين من الشارع، الجنوبي (محمد فريد) والشمالي (عماد الدين) خصائص مميزة نظراً لاهتماماتهما التجارية المتنوعة. وكان الجزء الجنوبى منذ البداية (أي في نهاية القرن التاسع عشر) مركزاً مالياًً لتأسيس عدة بنوك فيه مثل كريديت فونسيير والبنك العثمانى. وفي عام 1927 شجع تأسيس بنك مصر في ذلك الشارع على إقامة العديد من البنوك الأخرى والمؤسسات المالية مما ضمن الطابع المالى لذلك الشارع لعدة عقود بعد ذلك. أما الجزء الشمالى فقد ارتبط بصناعة الترفيه. فعلى جانبى الشارع، من شارع 26 يوليو (شارع فؤاد) إلى نهايته في شارع رمسيس وجدت المسارح ودور السينما والملاهى الليلية والحانات. وفي المبانى السكنية كانت توجد مكاتب وكلاء الفنانين ودور الإنتاج ومتعهدى الحفلات. ولعدة عقود كان شارع عماد الدين يعتبر برودواى مصر والشرق الأوسط. وكان من الشائع أن تجد مسرحاً أو اثنين أو سينما بجانب بعضهما البعض. وكانت بعض هذه الأماكن مقر عمل عمالقة الأداء مثل نجيب الريحاني، الذى منح اسمه الآن لأحد الشوارع الجانبية المتفرعة من عماد الدين. وحتى الخمسينيات كان هذا الشارع يعد موطناً للحياة اللامعة لأثرياء المصريين والأجانب الذين قدموا اليه ليستمتعوا بالحياة الليلية المزدهرة. ومما زاد من روعة الازدهار الفنى للشارع التصميمات المعمارية المميزة لعماراته السكنية وأبنيته العامة. وبعد ثورة 1952 وتأميم الكثير من الثروات المحلية والأجنبية تم تخصيص المؤسسات المالية والعمارات السكنية وقطاع كبير من مباني شارع عماد الدين لشركات التأمين المحلية التي قامت بدورها بتأجير الشقق والمتاجر الخالية التي غادر ملاكها مصر لشركات جديدة للقطاعين العام والخاص. ومنذ ذلك الحين بدأ الشارع يفقد رونقه لأن العديد من المسارح ودور السينما أغلقت أبوابها وتدهورت ملاهيه الليلية وأصبحت حانات من الدرجة الثالثة. وبدلاً من كونه معقلاً للفن تحول الشارع إلى قطاع مهم لإمدادات الأجهزة الكهربائية ذات الضغط العالى. وفي أوائل الثمانينيات أدى تأسيس سينما كريم كأحد مجمعات دور السينما الصغيرة الأوائل في المدينة، وفيما بعد تجديد سينما كوزموس، إلى أن يشهد الشارع بداية عهد جديد، أعاد له جزءاً صغيراً من شخصيته السابقة.