حول أداء الإعلام المصري المرئي في المرحلة الثورية، عقد مكتب منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "مكتب اليونسكو بالقاهرة" أمس، اللقاء التشاوري الأول ضمن سلسلة من اللقاءات التي تحمل عنوان "الإعلام المرئي والمسموع في مصر: مسار التقدم للأمام" في فندق "جراند نايل تاور". وقال الإعلامي عمرو الليثى أننا بحاجة لوضع ميثاق شرف إعلامي، وإلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء هيئة خاصة بمراقبة الأداء الإعلامي تحدد واجبات وحقوق العاملين فى هذه المجال الإعلامي، وتكفل وجود حرية تداول معلومات خاصة.
ولفت الليثي إلى المشكلة التي يواجهها الإعلام المصرى في الفترة الراهنة هي سيطرة النظام السابق طوال العقود الماضية حتى أصبح مجرد بوق للحكومة وقرارتها وتحول دوره بدلا من أن يعكس صوت الشارع المصري، وتحديدا المشاكل التى تعاني منها الطبقة المهمشة إلى وسيلة لإظهار محاسن النظام الحاكم.
وأكد الليثي تعرضه للكثير من المضايقات من قبل قوات الأمن خلال فترة عمله فى برنامح "اختراق"، كما تم تحذيره بأنه ممنوع أن يتحدث عن القضايا الهامة الحديثة فى المجتمع، بالإضافة إلى إيقاف برنامجه "واحد من الناس" لمدة شهرين مدعيين أنه يحرض لصالح فصيل سياسي بتناول مشكلات الطبقات المهمشة.
وأكد الليثى أنه مازال لا يوجد حرية إعلامية مطلقة بعد ثورة 25 يناير؛ فمازالت وزارة الإعلام والمجلس العسكرى يتدخلون فى الأداء الإعلامى. مطالبا ببدء ممارسة الإعلام دوره الحر الحقيقي، المبنى على عدم وجود تدخل سافر من جانب الدولة.
من جهتها أشارت خولا مطر مسئول مكتب الاممالمتحدة للإعلام بالقاهرة، أن الأممالمتحدة بكل هيئاتها المتخصصة وعلى رأسهم اليونيسكو تقوم بدعم جهود الشعب المصرى للوصول إلى بر الأمان في هذه المرحلة الحرجة، لافته لانعكاس اختلاف التوجهات الإعلامية للوسائل المرئية والمسموعة والمطبوعة على نقل الأحداث فى هذه المرحلة الانتقالية التى تمر بها معظم بلاد الربيع العربى.
وأوضح د. طارق شوقى رئيس مكتب اليونيسكو بالقاهرة أن منظمة "اليونسكو" تحرص على مواصلة دورها فى توعية بلدان العالم الثالث بأهم التحديات التي تواجهها في تلك المجالات وكيفية التغلب عليها، وهذا على الرغم من الصعوبات التي تواجه المنظمة فى استمرار تقديم الأنشطة والفعاليات الخاصة بالإعلام، العلوم، التربية والثقافة؛ وذلك بسبب إنقطاع الدعم المالي الذى كانت تقدمه لها الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب موافقة اليونيسكو على عضوية فلسطين.
ونفى شوقي تنظيم "اليونسكو" أي برامج وأنشطة تدعم أغراض ومصالح سياسية، مؤكدا أنها بعيدة عن السياسة، وهذا ما يجعلها تقف كالمراقب المحايد من جميع الدول، تدافع عن حرية الصحافة والإعلام منذ إنشاءها. لافتا إلى ان الدراسة التى أعدها مكتب "اليونسكو" لتقييم وسائل الإعلام فى مصر خلال الفترة الراهنة تعتمد على مؤشرات دولية على تطبيق الإعلام جاءت بحثا عن استقلال الميديا بطريقة منظمة.
وناقش الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز ضرورة وجود قوانين خاصة بحرية الإعلام وتكفل حق المواطنين في الحصول على المعلومة، خاصة وأن الإعلام الرسمى لم يتعامل مع الأحداث التى تقع فى البلد بشكل موضوعي، وعلى رأسهم أحداث ماسبيرو وتناسى تماما انه وسائل إعلام عامة مملوكة للشعب، وقال أن النظرة العامة لوسائل الإعلام المسموع والمرئى تحديدا تشكلت على اعتبار انه يأجج الأوضاع ويساهم فى صناعة الأزمات، وبالتالى علينا دور كبير فى الدفاع عن مهنتنا حتى يتم تغيير هذا الإنطباع السائد، وخصوصا بعد أن تم إبعاد إعلاميين بعينهم عن تقديم برامجهم.
وتمنت الإعلامية راوية راشد المنسق العام المشارك لهذا المؤتمر تنظيم الإعلام المصري، وإعادة هيكلته على أسس حقيقية وعلمية، قادرة على الإنخراط بشكل مباشر مع الشارع وعكس نبضه وآراءه المختلفة، وكذلك وجود هيئة إذاعة وتلفزيون مصري مستقل عن اى نفوذ هدفهم المجتمع والناس، بالإضافة إلى هيئة مستقلة منظمة لجميع التشريعات والأسس المهنية التى سيتم العمل عليها، وتدريب العاملين في قطاع الإذاعة والتلفزيون حتى يتم النهوض به وتغيير المفهوم الشعبى السائد عنه ليكون تابع للناس بدلا من السلطة.
ومن جانبه لفت المُعد التلفزيونى محمد نصر إلى أنه لا يجب الالقاء بالمسئولية على عاتق العاملين بالإعلام الحكومى فقط، والتعامل معهم كما لو كانوا مذنبين وحدهم؛ لأن هناك إعلام خاص أيضا تحكم فيه رجال أعمال ربطتهم مصالح بالنظام السابق، كما أن بداية ظهور الفضائيات الخاصة كان لأغراض معينة أولها أن النظام السابق أراد أن يجمل وجهه خاصة بعدما أطلق الفضائية التابعة له ليروج لمشروع التوريث.
وقال: واقع الإعلام الخاص فى مصر بعد الثورة اكثر خطورة بمراحل من قبل الثورة؛ خاصة وأن هناك طفرة حدثت فى إطلاق القنوات الفضائية وقدم بعض رجال الأعمال استثمارات بالمليارات لعمل قنوات جديدة، واستقطاب الشباب الثوري وتقديم كم هائل من الاموال لهم لتجريدهم من ثوريتهم؛ لذلك يمكن القول أن الاعلام الآن متآمرا ضد الثورة ومستقبل مصر، وأصبح يشارك فيه رجال اعمال من ناحية، ودول خارجية من ناحية أخرى؛ ولذلك يجب تشريع قانون خاص بمحاكمة كل من أفسد الحياة الإعلامية ومنعهم من ممارسة المهنة، وذلك على غرار قانون العزل السياسي.
وتحدث الإعلامى رجائى المرغني عن الإطار التشريعي والقانوني لحق تداول المعلومات، قائلا أن هناك علاقة وثيقة بين مستقبل البث الإعلامى وحرية تداول المعلومات، فلا يمكن تصور أى تطور حقيقى فى البيئة الإعلامية بدون حدوث تطور فى بنية حرية تداول المعلومات على أرض الواقع.
وأكد على اننا بصدد وضع بائس فيما يتصل بحرية المعلومات فنحن قضينا سنوات فى ظل انظمة سياسية استبدادية كرست لمفهوم الملكية الخاصة للمعلومات ووسائل الإعلام على اعتبار انها قدس اقداس، وهناك منظومة من الكهنة التى تقف حارسا على تلك الوسائل، كما انه في الوقت الذى انتهت فيه أكثر من 80 دولة من إقرار قوانين مُلزمة وشاملة لاتاحة المعلومات مازال المجتمع المصرى عاجزا عن تحقيق توجهات قومية ووضع قانون شامل لحرية المعلومات.
وقال الإعلامى محمد جوهر مؤسس قناة "25 يناير" أن لديه استراتيجيه عامة للإعلام الحر قائم على رعاية حرية التعبير خلال مجتمع ديمقراطى. وأن قناة "25 يناير" تسعى من خلال موجز الأنباء الذى تقدمه بتمثيل المصريين بكافة أطيافهم.