لم تكد تخلو الساحة السياسية اللبنانية من أزمة الفراغ الرئاسي منذ مايو 2014 وحتى الأن، حتى بدا أن لبنان على وشك الدخول في أزمة أخرى لا تقل أهمية عن الفراغ الرئاسي ألا وهي الحديث حول تأجيل الانتخابات البلدية التي من المفترض أن تنطلق مايو القادم والتمديد للحالية. ففي الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق استعدادات وزارته لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها، تتحدث بعض الأوساط والقوى السياسية عن ميل البعض إلى التمديد للمجالس الحالي لمدة سنتين. وجاءت هذه التصريحات عبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي قال إن"هناك أجواء أن حزبين كبيرين، لم يسمهما، على وشك الاتفاق لتطيير الانتخابات البلدية". وقال جعجع عبر تغريدة أطلقها على موقع التواصل الاجتماعي" إن هذا أمر خطير ويضعف إيمان المواطن نهائيا بوجود دولة لبنانية"، مضيفا "أن جميع أطراف الحكومة الحالية مسؤولون بالتكافل والتضامن عن اتخاذ القرارات اللازمة لدعوة الهيئات الناخبة في المهلة القانونية، وإلا فإنهم يتحملون أمام الله والوطن والناس مسؤولية جسيمة تتعدى الانتخابات البلدية في ذاتها". بينما جاءت الثانية من أمين سر "تكتل التغيير والإصلاح" النائب إبرهيم كنعان الذي غرد، أيضا، قائلا إن"الدولة مؤسسات منتخبة من الشعب، وإلا فإنها تكون سلطة عدم من عدم، متابعا "نرفض التمديد للبلديات". لكن وزارة الداخلية اللبنانية، من جانبها، أكدت جاهزيتها لوجستيا للاستحقاق البلدي، في انتظار الإنتهاء من التواريخ القانونية لنشر لوائح الشطب وتاريخ انتهاء ولاية المجالس البلدية التي يبلغ عددها 2010 . وتشير بعض المصادر إلى أن المستحقات المالية للانتخابات والتي تقدرت بنحو 31 مليار ليرة من المقرر أن يطرحها وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق على مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل للبت فيها. وينص قانون الانتخابات البلدية في لبنان على أن ولاية المجالس البلدية 6 سنوات، وتبعا لذلك يفترض أن تجرى الانتخابات المحلية في مايو من هذا العام بعدما نظمت آخر انتخابات بلدية العام 2010. ويرى بعض المراقبين أن هناك حاجة ملحة لإجراء هذه الانتخابات منها أن قسما كبيرا من هذه المجالس أصبحت في حكم المنحلة بسبب فقدان نصف أعضائها، وفي عهدة إما القائمقام أو المحافظ، إذ ينص القانون على أن يتولى القائمقام أو رئيس القسم الأصيل في القضاء والمحافظ أو أمين السر العام في مركز المحافظة أعمال المجلس البلدي حتى انتخاب المجلس الجديد وذلك بقرار من وزير الداخلية. كما يرى هؤلاء المراقبين أنه بالرغم من أن القانون ينص على ضرورة إجراء انتخابات بعد شهرين من انحلال أي مجلس بلدي، إلا أن المجالس المنحلة بقيت على حالها، وتفاقمت في الوقت نفسه أوضاع البلدات وزادت سوءا، وبات واقع البلديات يعرقل الكثير من الأمور الإدارية والانمائية والأعمال التي تعود السلطة فيها حصرا الى هذه المجالس المحلية. وقد عرف اللبنانيون المجالس البلدية منذ منتصف القرن التاسع، وأول بلدية منتخبة كانت بلدية دير القمر في عام 1864 وقد استمر العمل بالنظام الانتخابي البلدي بعد انهيار السلطنة العثمانية، وأبقى عليها بقرار من المفوض السامي الفرنسي العام 1920. وفي عام 1922 صدر أول نظام للبلديات مأخوذ من النظام الفرنسي. وبعد الاستقلال، تطور نظام الانتخاب وأدخلت عليه تعديلات عدة، والقانون الحالي هو القانون المعدل للمرسوم الشتراعي الصادر في 1977، وبعد الحرب الاهلية (1975 - 1990) أجريت أول انتخابات محلية عام 1998 لتجرى لاحقا في عامي 2004 و2010. وقد اعتمدت وزارة الداخلية اللبنانية قوائم الناخبين حيث يبلغ عدد المجالس البلدية 963 مجلسا و2753 مختارا هو الرقم الرسمي الذي اعتمدته وزارة الداخلية العام 2010 لاجراء الانتخابات البلدية في لبنان. وهذه المجالس موزعة على 26 قضاء. ويعد أكبر المجالس البلدية عددا هي مجلس بلدية بيروت ومجلس بلدية طرابلس المكونين من 24 عضوا، أما مجالس البلديات الاخرى فتتوزع بين 9 و12 و15 و18 و21 عضوا، ويحتسب عدد أعضاء المجلس نسبة إلى عدد سكان البلدة. ويسجل أكبر عدد اللجان بحسب وزارة الداخلية اللبنانية في عكار حيث يوجد 210 لجان، ومن ثم بعلبك 200 والمتن 164 والشوف 139 وصور 121 وبيروت 107 وبعبدا 106 وصيدا 102. وبحسب آخر إحصاء لوزارة الداخلية عام 2015 بلغ عدد ناخبي لبنان 3 ملايين و 567 ألفا، و 486 ناخبا مسجلين على قوائم الناخبين، على أن تصدر النسبة النهائية لأعداد الناخبين لعام 2016، بعد أن توضع القوائم بين 10 فبراير المقبل و10 مارس أمام الناخبين للتدقيق فيها، وتصدر نهائية آخر مارس تمهيدا لاجراء الانتخابات البلدية.