أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى تقدير مصر لعلاقاتها مع المملكة المتحدة وحرصها على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وخاصة التجارة والاستثمار، مشيراً إلى أن مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية رفعت التصنيف الائتماني لمصر عدة مرات، كما عدلت نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري بشكل إيجابي، وهو الأمر الذي يدلل على صواب التوجهات الاقتصادية المصرية ويوفر فرصاً واعدة لاستثمار. جاء ذلك خلال مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء اليوم في لقاء اقتصادي حافل ضم العديد من ممثلي مجتمع المال والأعمال البريطاني ورؤساء كبريات الشركات البريطانية ومن بينها بعض الشركات العاملة في مصر، وذلك بحضور اللورد فرانسيس مود وزير الدولة البريطاني للتجارة والاستثمار، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس السيسى استعرض المؤشرات الإيجابية التي يحرزها الاقتصاد المصري، حيث زاد معدل النمو عن 4 فى المائة . وأكد الرئيس السيسى اهتمام الحكومة المصرية بالبُعد الاجتماعي في عملية التنمية، منوهاً إلى برامج التنمية والتكافل التي تنفذها مصر. واستعرض الرئيس السيسى المشروعات التنموية الواعدة التي يجري تدشينها وتنفيذها في مصر والتي يمكن أن يشارك فيها المستثمرون البريطانيون، وفي مقدمتها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، فضلاً عن مشروعات إنشاء الموانئ البرية والمدن السكنية والطاقة وتحلية المياه، معرباً عن أمله في أن يساهم تحول مصر إلى دولة عمليات بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى زيادة أنشطة البنك في مصر. ونوّه الرئيس السيسى إلى الجهود التي تبذلها الدولة لتهيئة مناخ الاستثمار، فضلاً عن مساعيها لاستكمال خارطة المستقبل بإجراء الانتخابات البرلمانية ليكتمل بذلك البناء المؤسسي والتشريعي للدولة المصرية. من جانبه رحب اللورد فرانسيس مود وزير الدولة البريطاني للتجارة والاستثمار بالرئيس السيسى ، مستعرضاً أهم ملامح العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ومنوهاً إلى أن بلاده تعد أكبر مستثمر أجنبي في مصر بحجم استثمارات يزيد عن عشرين مليار دولار، فضلاً عن حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي تجاوز 2.7 مليار دولار. وأعلن عن قرار رئيس الوزراء البريطانى بتعيين عضو مجلس العموم جيفرى دونالدسون مبعوثا شخصياً له لتنمية العلاقات التجارية بين مصر والمملكة المتحدة. وأضاف المتحدث الرسمي أن روبرت دودلي رئيس مجلس إدارة شركة بريتش بتروليوم ألقى كلمة خلال اللقاء وجّه فيها الشكر للرئيس السيسى على ما اتخذته من خطوات لدعم وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومشيراً إلى اعتزام الشركة ضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة. كما استعرض تجربة الشركة الناجحة في مصر، منوهاً إلى ما يتيحه الاقتصاد المصري من فرص واعدة في مختلف المجالات، ومن بينها قطاع الطاقة الذي يُعد من القطاعات الواعدة في مصر، وهو الأمر الذي يتطلب تكثيف جهود البحث والتنقيب عن البترول والغاز في مصر. وذكر السفير علاء يوسف أن فيتوريو كولاو رئيس مجلس إدارة شركة فودافون ألقى كلمة وجه فيها الشكر للرئيس السيسى لحرصه على الالتقاء بممثلي الشركات البريطانية العاملة في مصر بما يتيح فرصة للتواصل المباشر بين القيادة السياسية ومجتمعات الأعمال الأجنبية ويزيد من مساحات الثقة والتفاهم بين الجانبين وهو الأمر الذي يكون له أكبر الأثر في تيسير عمل الشركات المستثمرة في مصر ويشجع على جذب مزيد من الاستثمارات. وأشاد رئيس شركة فودافون بمناخ الأعمال فى مصر وما تم اتخاذه من خطوات لتشجيع الاستثمار داخل السوق المصرية بما يساعد على دفع عملية التنمية قدماً. وفيما يلى النص الكامل لكلمة الرئيس خلال لقائه مع ممثلي مجتمع المال والأعمال البريطاني ورؤساء كبريات الشركات البريطانية: كلمة السيد رئيس الجمهورية حول العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا وخطط مصر الطموحة في المجال الاقتصادي، خلال لقاء سيادته مع اللورد "مور" وزير التجارة والاستثمار البريطاني السيدات والسادة الحضور أود أن أعرب لكم عن سعادتي بحضور هذا اللقاء.. فالعلاقة بين مصر وبريطانيا قديمة ووثيقة.. وقد مرت بمراحل كثيرة كما تعلمون.. حتى وصلت الآن لمرحلة النضج الكامل الذي يقوم علي فهم كل طرف للآخر وإدراكه لمغزى التعاون معه.. فنحن في مصر ندرك جيداً قيمة بريطانيا في السياسة والاقتصاد والعلم والابتكار والثقافة.. نعلم أن لديها الكثير الذي يمكنها أن تقدمه لبلادنا في مجالات عديدة.. ونعلم كذلك أن بريطانيا تدرك قيمة مصر جيداً.. تاريخاً وحضارةً.. وتعي قدرتها السياسية ووزنها الاستراتيجي.. تدرك إمكاناتها الاقتصادية والبشرية.. وتُقدر أيضاً مدي تأثيرها الثقافي والحضاري في منطقتها وفي العالمين العربي والإسلامي. وفي إطار هذا الإدراك المتبادل والعلاقة الناضجة تأتي رغبتنا المشتركة في الارتقاء بالروابط الثنائية بين الدولتين.. لتكون أكثر تلبية لتطلعات الجانبين.. وأكثر استجابة لما تتوقعه مصر من الشراكة مع دولة كبيرة راسخة في ممارستها الديمقراطية.. وذات تأثير على مجريات الأحداث العالمية.. وصاحبة اقتصاد ضخم من العشرة الكبار في العالم.. ورصيد يُعتد به من الخبرات الهامة في مختلف مجالات الحياة. السيدات والسادة حضرت إلى هنا اليوم لأعبر عن مصر التي تتطلع إلى تحقيق شراكات تنموية حقيقية فعالة وسليمة.. وتقدم الفرص لشركاء التنمية بما يحقق مصالح الطرفين.. إنني علي يقين أنكم تتابعون عن كثب التطورات في مصر.. وتعلمون أن مصر قد حققت تحسناً اقتصادياً ملحوظاً خلال العام الماضي تحديداً.. وهو ما شهدت به تقارير المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية لاسيما مؤسسات التصنيف الائتماني وتوقعاتها الإيجابية حول أداء الاقتصاد المصري والتي تعكس ارتفاع مستوي الثقة فيه.. وقد ارتفع معدل النمو ارتفاعاً ملحوظاً عام 2014 حيث زاد عن 4%.. وهو ما أثني عليه صندوق النقد الدولي خلال زيارة بعثته إلي مصر مؤخراً.. حيث أكد علي شروع الاقتصاد المصري في التعافي.. وعلي أن مؤشرات السلامة المالية تُشير إلي حفاظ القطاع المصرفي علي تماسكه واستقراره. وبالتوازي مع هذه الانطلاقة الاقتصادية.. لم تغفل الحكومة المصرية العمل علي تحقيق برامج حماية وتعزيز العدالة الاجتماعية.. فقد عملت على تطوير شبكات الضمان الاجتماعي والدعم لحماية الفقراء ومحدودي الدخل.. وإطلاق برنامج "كرامة وتكافل" بالتعاون مع شركائنا في التنمية بهدف دعم شبكات الأمان الاجتماعي في مصر وتوسيع نطاق هذه الشبكات استناداً لآليات ومعايير تتسم بالشفافية والكفاءة لضمان وصول الدعم إلي من يستحقه من الفئات الأولى بالرعاية. السيدات والسادة إن بريطانيا تُعد أكبر مستثمر أجنبي في مصر.. كما بلغت الصادرات المصرية إليها عام 2014 قرابة 863 مليون جنيه إسترليني.. في حين بلغت الواردات المصرية عن ذات الفترة 1052 مليون جنيه إسترليني.. وهو ما يضع مصر في مرتبة متقدمة من الشراكة التجارية مع بريطانيا في المنطقة العربية. ونحن نتطلع إلى الاستفادة من الإمكانيات المتاحة لجذب الاستثمارات والتي ترحب مصر باستقبالها في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والصناعات المغذية، والبترول والأدوية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. السيدات والسادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة التي أود أن أحدثكم عنها مجموعة المشروعات القومية.. ومن بينها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس بما في ذلك تطوير المنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس.. بعد أن تم افتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس الماضي.. وهو مشروع ضخم نطمح إلى أن يكون قاطرة تنموية جديدة لبلادنا.. كما نطرح عليكم المشاركة في العديد من المشروعات التنموية بما في ذلك إنشاء الموانئ البرية والمدن السكنية ومحطات الطاقة وتحلية المياه والمناطق الصناعية، وذلك فضلاً عن العديد من المشروعات الطموحة سواء في شرق بورسعيد وغيرها من مختلف أرجاء البلاد. وبالتوازي مع طرح الفرص الاستثمارية الكبرى.. فإننا نعمل بكل إصرار على اتخاذ كافة الخطوات وإصدار التشريعات المطلوبة لتوفير مناخ موات وجاذب للاستثمار.. بما فى ذلك مكافحة الفساد وإزالة المعوقات البيروقراطية وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة الراغبة فى دخول السوق المصرية.. وتقديم التسهيلات لعمل المستثمرين الأجانب فى أسرع وقت ممكن.. وتقديم حوافز وضمانات للاستثمار وفقاً للقطاعات والمناطق التى يستثمرون بها، فضلاً عن العمل على تفعيل الآلية الخاصة بحل المنازعات القائمة مع بعض الشركات العاملة فى مصر. السيدات والسادة إن مصر بدأت بالفعل مرحلة انطلاق اقتصادي أثق أنها ستقود مصر إلى المكانة التى تليق بها.. وتتناسب مع الموارد البشرية والإمكانيات الهائلة التى تزخر بها.. وما يوفره ذلك من إمكانيات كبيرة وفرص استثمارية هائلة. إنني أدعو شركاتكم إلى الاستفادة من تلك الإمكانيات والفرص بما يحقق المصالح المشتركة.. وأؤكد لكم مجدداً التزام الحكومة المصرية بتوفير كافة الضمانات الممكنة للاستثمارات الأجنبية فى مصر.. وفي مقدمتها الاستثمارات البريطانية التي تعد الأكبر في مصر على الإطلاق.. والعمل على تذليل وحل كافة المشكلات والمصاعب التى تواجه عدداً من الشركات العاملة بالبلاد.. علماً بأنها مشكلات وقتية ارتبطت بفترة بعينها.. ونعمل حالياً بكل جد وعزم على معالجتها. من ناحية أخري أشير إلى أننا حققنا بالفعل فى الأشهر الأخيرة تقدماً ملموساً على طريق تحقيق الاستقرار واستعادة الأمن.. فبدون ذلك لا مجال لجذب الاستثمارات وتنشيط السياحة. كما لا يفوتني أن أشير هنا إلى تغير وضعية مصر لدي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتصبح دولة عمليات.. وهو ما نتوقع أن يؤدي إلى تنامي رؤوس الأموال الأوروبية في مصر.. فضلاً عن رغبتنا في الاستفادة من القروض المتاحة في إطار بنك الاستثمار الأوروبي.. ولا شك أن هذين العاملين يساعدان أي مستثمر بريطاني محتمل علي اتخاذ قرار إيجابي بالاستثمار في بلادنا. السيدات والسادة إن مصر الآن في خضم انتخاباتها النيابية المنصوص عليها في دستور البلاد الذي تم إقراره في استفتاء عام 2014.. لتستكمل بذلك المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة المستقبل التي جسدت إرادة المصريين في منتصف عام 2013. ونحن على يقين أن استكمال عملية التحول الديمقراطي الجارية لن يتأتى دون استناد النظام الاقتصادى والاجتماعي على أسس سليمة.. تعكس رؤية متطورة.. تقوم علي تحسين مستوى معيشة الأفراد وتوفير فرص عمل للشباب وتحقيق نمو اقتصادي متسارع يتواكب مع احتياجات المجتمع.. كما أن لدينا العزم والإرادة لبناء نظام ديمقراطي سليم.. وللمضي قدماً في تشكيل نظام اقتصادي يقوم علي آليات السوق الحر ويحقق في ذات الوقت أهداف العدالة الاجتماعية. نعلم جيداً أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً، لكننا نعلم أيضاً أننا على الطريق الصحيح.. وندرك تماماً أن التحديات أمامنا كبيرة، لكننا على ثقة أن فرص النجاح أكبر.