كثيرًا ما وردت قصص عدد من الأنبياء مجتمعة في سورة واحدة، معروضة عرضًا سريعًا بطريقة خاصة لتؤيد هذه الحقيقة، كما في سورة الأنبياء، حيث ورد ذكر "موسى وهارون"، ثم لمحة موجزة عن قصة "إبراهيم ولوط"، وكيف نجاهما الله وأهلك قومهما ، وقصة "نوح"، وجانب من أخبار "داود وسليمان" ، وما أنعم الله عليهما. وكذلك "أيوب" حين نجاه الله من الضر، وورد ذكر "إسماعيل وإدريس" وذي الكفل وكلهم من الصابرين الصالحين. وذكر الله لنا: "وَذا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِبًا" الأنبياء 87، وقال تعالى "فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمَّ وَكَذَلِكَ نُنْجي الْمُؤْمِنينَ" الأنبياء : 88. ثم قال تعالى: وَزَكَرِيّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبَّ لا تَذَرْني فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثينَ" الأنبياء 89، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهْ إِنَّهُمْ كَانوا يُسارِعونَ في الْخَيْراتِ وَيَدْعونَنا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكانوا لنا خاشِعينَ" الأنبياء 90. ويختم الله هذه السلسلة من الأنبياء بخبر مريم وابنها عيسى عليهما السلام "وَالَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيها مِنْ روحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيةْ لِلْعالَمينَ" الأنبياء91، ثم يخاطب الله مباشرة جميع أنبيائه ورسله وأتباعهم بقوله: "إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمًّة واحِدَة وَأَنا رَبُّكُمْ فَاعْبُدونِ" الأنبياء 92. فتبين هذه الآية الكريمة كما يقول الشيخ إسلام محمود دربالة في كتابه عن القصص في القرآن الكريم تقرير الغرض الأصيل من هذا الاستعراض الطويل وهو أن جميع الأنبياء يدينون دينًا واحدًا ويخضعون لرب واحد يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وعندما نستعرض خبر كل نبي نجد أن الله قد شد أزره ونصره ونجاه من الكرب الذي نزل به، أو المأزق الذي أوشك أن يقع فيه، كما نجّا ذا النون "يونس" واستجاب لزكريا، وكما نجّا إبراهيم وقد أوشك أن يحترق بالنار؛ وأنه سبحانه دائمًا ينعم على رسله والذين آمنوا إذا صبروا وصدقوا، كما أنعم على داود بالنصر، وسليمان بالملك، فشكروا نعمة ربهم.