من يسبق في المكانة والدرجة الحب أم الحنان أم الرحمة..وأى هذه المشاعر اكثر إنسانية..سؤال يطرحه بعض الناس أحيانا..هناك من يرى أن الحب هو الإحساس الشامل الذى يحتوى كل المشاعر بما فيها الحنان والرحمة وان الإنسان حين يحب فهو يدرك قيمة الحنان ويعرف معنى الرحمة..وهناك رأى أخر يرى ان الحنان هو الأكبر والاهم فلا حب بغير الحنان ولكن يمكن ان يوجد الحب ويغيب الحنان.. وهناك رأى ثالث يرى ان الرحمة هى أم كل المشاعر إنها غطاء كونى تتجسد فيه ارفع وأنبل ما خلق الله..والشىء الغريب ان هذه الثلاثية لا تقتصر على الإنسان وحده لأن بقية مخلوقات الله تعرف وتمارس كل هذه المشاعر..إن الحيوان يعرف الحب ويمارسه..والعصافير تدرك قيمة الحنان وتعيشه..وهناك أنواع من العصافير تعيش على الحب غناء وطعاما وشرابا اما الرحمة فالكل فيها شركاء.. واذا كان الحب أنانيا أحيانا..والحنان من توابعه فإن الرحمة إحساس كونى كامل..حين يكون الإنسان رحيما فهو يعيش الحب ويدرك قيمة الحنان والإنسان قد يكون حنونا مع امرأة يحبها وغليظا قاسيا مع من لا يحب ولكن اذا كان الإنسان رحيما فلا مكان عنده الا للحب والحنان..ولهذا فإن الرحمة هى أرقى وارفع المشاعر الإنسانية وهى الكيان الذى تتجمع فيه جوانب الخير والجمال في حياة البشر..الإنسان احيانا يقتل بسبب الحب.. ويكره بسبب الغيرة وهنا لا يعرف شيئا اسمه الحنان ولكن الرحمة إن وجدت فهى تعنى ان الإنسان قد اختار منطقة من السمو والنبل تتجاوز أنانية الحب وفقر الحنان..إن أقسى اللحظات ضراوة في تاريخ البشر هى غياب الرحمة والغريب ان تجد قائدا دمر العالم كله مثل هتلر وكان يعيش قصة حب.. وقد تجد إنسانا يذوب حبا..وقطع رأس امرأة احبها وكم من الدماء سالت في سراديب الحب والعشاق..ولكن الذين عرفوا الرحمة لا يعرفون مشاعر الحقد والكراهية والانتقام..ان العاشق قد ينتقم ولا يعترف بشىء يسمى الحب أو الحنان وينسى كل ما عاشه في لحظات ولكن الذى سكنته الرحمة يتسع قلبه لكل ما هو جميل ونقى في هذه الحياة ومنذ اختفت الرحمة سيطرت خفافيش الكراهية على مصائر البشر. نقلا عن " الاهرام" المصرية