صدر حديثا عن سلسلة " كتاب اليوم " الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم ، طبعة جديدة من كتاب " الإسلام وأصول الحكم - بحث فى الخلافة و الحكومة فى الإسلام " للشيخ على عبد الرازق . و يقول علاء عبد الوهاب رئيس تحرير السلسلة ، أن المسألة تتجاوز تجديد الخطاب الديني، أو علاقة الدين بالدولة أو بالسياسة، أو الأسلوب الأمثل لحكم المسلمين أو إقامة دولة إسلامية ، أنها حرب طويلة الأمد حول استغلال و توظيف الدين من أجل المُلك، أى المقدس بثوابته لصالح الدنيوى المتغير بطبعه، وطبائع من يعمدون لخلط الأوراق! و يؤكد عبد الوهاب أنه ليس هناك مجتمع إنسانى إلا عانى عبر مسيرته - فى لحظة ما -من تلك المواجهة بين من ينتصرون للإنسان، ويضعون الدين موضعه المقدس، وأولئك الذين يحترفون خلط الأوراق بهدف جنى الأرباح وحدهم، ولو كان الثمن العبث بالأديان والأوطان وجميع البشر دونهم! و يتابع : ما أشبه اليوم بالبارحة، قبل 90 عاما كانت المنطقة تموج بتيارات عاتية، خلافة زائفة شاخت، فسقطت فى تركيا، وملك فاسد فى مصر يتطلع لأن تقع الثمرة المعطوبة فى حجره، وشعب ثار وعرف طريقه، وعالم يتعامل مع الواقع باجتهاد يعى أنه حق وواجب فى آن، اختار أن يحتكم للغة العقل، وأن يقدم رؤية، هى خطاب فصل، فى قضية عمرها قرون: هل الدين - عموما - والإسلام بوجه أخص رسالة هادية أم راية يرفعها حاكم بشر يصيب ويخطيء فتحميه وتصبغ على خطاياه قداسة، وعصمة هو ليس أهلاً لها؟! قبل 90 عاما اجتهد الشيخ على عبدالرازق وقدم كتابه الخالد "الإسلام وأصول الحكم"، ليأتى صرخة مدوية للدفاع عن فكرة الدولة الوطنية الحديثة، وعن الديمقراطية باعتبارها حقا للمواطنين، بعيدا عن حق إلهى يدعيه ملوك قد يخطئون بأكثر مما يصيبون! و فضح العالم الجليل، والمفكر المجتهد على عبدالرازق حقيقة ما يصفه - من فى قلوبهم هوى ومرض - بالدولة الإسلامية، وكونها مجرد مشروع سياسى يرفع أصحابه راية الدين وهو منهم براء، فضح الشيخ أساطير لا تستند لحقائق التاريخ أو براهين المنطق، فأزاحها عن كاهل المسلمين ليتقدموا ويلحقوا بركب الأمم التى يجب أن تسود. ويدور الزمن دورة، ودورات، ويطفو من بيننا من يحاول جذبنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر، فيطرح إخوان مصر، وتونس فكرة الخلافة، ويشاغل تاريخها الغابر أردوغان، ويدعو الحوثيون لعودة الإمامة، وتعلن "داعش" عودتها فى الشام والعراق!! هذا فضلا عن مشروع الهيمنة الشيعية المنطلق من ايران متشحا بأفكار لا تبتعد كثيرا عن بعض جوانب مما أشرنا إليهم! و يشير عبد الوهاب أن من هنا تأتى أهمية ليس إعادة طبع كتاب الشيخ على عبدالرازق، ولكن استدعاء رؤيته، إذ انها أكثر ما يصلح للانطلاق نحو بعث حقيقى ومستنير لتجديد الخطاب الديني.