إجراء المقابلات الشخصية ل44 من المتقدمين لشغل وظائف مدير عام بالقاهرة (تفاصيل)    «تعليم كفر الشيخ»: غرفة العمليات لم تتلق أي شكاوى في أول امتحانات الفصل الدراسي الثاني    انخفاض في أسعار مواد البناء اليوم الأربعاء 8 مايو 2024 في جميع المصانع    متابعة لمشروعات حياة كريمة بقرى ديرمواس في المنيا    «المصرية للمعارض» تدعو الشركات للمشاركة في معرض طرابلس الدولي في الفترة من 15 - 21مايو    العثور على مقبرة جماعية جديدة بمجمع الشفاء.. وانتشال 49 شهيدًا    توخيل: من المستبعد التواجد في بايرن الموسم القادم.. وأحب الدوري الإنجليزي    غرامة مالية وترحيل.. ننشر موعد تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج 1445    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    لا تكذب على برج العقرب.. 4 أبراج لديها موهبة قراءة أفكار الآخرين (تعرف عليهم)    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    «صحة المنيا»: كشف وعلاج مجاني 10 آلاف مواطن في 8 قوافل طبية    هايد بارك العقارية للتطوير تطرح Lagoon Town على لاجون بمساحة 22 ألف متر مربع بمشروع Seashore رأس الحكمة    روسيا تؤكد ضرب مواقع عسكرية وشبكة الطاقة الأوكرانية "ردا" على هجمات كييف    تأجيل محاكمة متهم ب"أحداث وسط البلد" إلى 22 يونيو المقبل    خان شقيقه بمعاشرة زوجته ثم أنهى حياته بمساعدتها في كفر الشيخ    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    رئيس نادي خيتافي يكشف مصير ميسون جرينوود في الموسم المقبل    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    مسؤول إسرائيلي: لا نرى أي مؤشرات على تحقيق انفراج في محادثات الهدنة في غزة    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    تعذيب حتى الموت| قرار جديد بشأن المتهم بإنهاء حياة صغيرة السلام    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    علاء مبارك ينتقد مركز "تكوين الفكر العربي".. بين الهدف المعلن والتحفظ على العقيدة    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    فصائل فلسطينية: سنتعامل مع إفرازات أي مخطط للوصاية على معبر رفح كما نتعامل مع الاحتلال    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    باتور... سيارة حصرية جديدة من بنتلي    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    المركزي للمحاسبات: ملتزمون بأقصى درجات المهنية في نظر الحساب الختامي الموازنة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من زيّف «المعرفة» الغربية بالإسلام؟
نشر في محيط يوم 29 - 06 - 2015

هل لنظرة الغربيين، اليوم، إلى الإسلام ونبيّ الإسلام والمسلمين علاقة بنظرة أجدادهم المسيحيين، في العصور الوسطى، إلى هذا الدين ونبيِّهِ ومعتنقيه ؟ هل يردّد المعاصرون منهم ما قاله السابقون، ويستأنفون ما بدأهُ الأوّلون من قدْحٍ في الإسلام، وإنكارٍ لقيمه، وتشنيعٍ على المسلمين،أم إن الصُّوَر النمطية عن الإسلام والمسلمين، التي تتكوَّن اليوم وتَرْسَخُ في الذهنية الغربية العامة، تستمد مصادرها من معطيات الاشتباك المعاصر بين الغرب والمجتمعات العربية والإسلامية، ولا علاقة لها - بالتالي - بالصور النمطية القروسطية التي رسَّختها الكنيسة، وأشاعها اللاهوتيون المسيحيون على أوسع نطاق، فباتت عميقةً في المتخيّل الجمعي للمسيحيين الأوروبيين؟.
من المسلَّم به أن صدام الصُّوَر المتبادلة بين الغرب والإسلام، اليوم، وليدُ أوضاع معاصرة تضاربت فيها المصالح والمواقف (الحقبة الكولونيالية ومواريثها، إقامة الدولة الصهيونية في قلب المشرق العربي، الصراع على النِّفط والغاز والرغبة الغربية في السيطرة على مصادرهما، معاداة حركات التحرر الوطني والقومي في البلاد العربية، الإرهاب، المهاجرون العرب والمسلمون في أوروبا وأمريكا وما يقترن بوجودهم فيهما من شيوعٍ لمنظوماتِ قيمٍ تتحسّس منها المجتمعات الغربية، مناهضة السياسات الغربية المنحازة إلى «إسرائيل»، معاداة القيم الغربية في أوساط الحركات الإسلامية...). غير أن انشداد صدام الصُّور ذاك إلى هذه الأسباب كلِّها، ليس ينفي أنه يَنْهل من ثقافة عامة سائدة، في مجتمعات الغرب، وموروثة عن الماضي المسيحي الأوروبي، يُعَاد إنتاجُها اليوم، من طريق الكتابة والتأليف كما - خاصة - من طريق وسائط الإعلام المرئي وما يمارسه من تكريه الغربيين في الإسلام، والتحريض على المسلمين: في العالميْن العربي والإسلامي، كما في المَهَاجر. إنّ نظرةً سريعة على تمثّلات المسيحيين الأوروبيين الوسطوية للإسلام تُطْلعنا على نوع الثقافة التي يتلقنها الغربيون، اليومّ، عنه.
قبل أن تستقيم المعرفة الأوروبية والغربية للإسلام على القواعد العلمية، في ما سيُعرف باسم الاستشراق بدءاً من مطالع القرن التاسع عشر، كانت هذه قد مرّت بحقبةٍ تاريخية طويلة مَلْأى بالخيالات والتمثُلات الأسطورية، وبالآراء والمواقف اللاهوتية العدائية، وبالدهشة من اكتشاف صورة أخرى إيجابية للإسلام (في إنتاجه العلمي والفلسفي)، وبمشاعر الخوف المديد من قوة الإسلام العسكرية - ممثَّلة في الإمبراطورية العثمانية - ثم بتجاهُله، بعد تراجع خطره العسكري في بدايات القرن السابع عشر، فإلى إعادة الانتباه إليه في حقبة التنوير، في القرن الثامن عشر، وفي امتداد صعود الرومانسية الألمانية وازدهار أدب الرحلة (فرنسا خاصةً)؛ المنبهريْن بسحر الشرق.
وفي سياق هذا التاريخ الطويل، الممتدّ من القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري)، وخاصة من القرن الثاني عشر الميلادي، لم تكن التمثّلات الأوروبية (المسيحية) للإسلام موضوعيةً أو حتى دقيقة، ساد فيها الاضطراب والتشوُّش أحياناً، بسبب الجهل وسوء المعرفة، فيما سيطر في بعضها التقصُّد إلى إساءة تقديم الإسلام إلى المسيحيين الغربيين من قبل لاهوتييهم ومفكريهم وحكّامهم. وفي المستطاع القول، بالإجمال، إذ هذه «المعرفة» الغربية للإسلام، المستمرة في تناقضاتها على غير انقطاع إلى نهايات العصور الوسطى الأوروبية، لم يكن لها أن تنتج غير صُوَرٍ نمطية سلبية ما لبثت أن ترسخّت في الذهنية العامة، بوصفها الصور الحقيقية عن الإسلام، ودُرِج على إعادة إنتاجها أو على استدعائها من جديد كلما دعت إلى ذلك ضرورة!.
لو فحصنا ما خلَّفته كتاباتُ اللاهوتيين المسيحيين، في أوروبا، عن الإسلام والمسلمين ومجتمعاته ونبيّهم، وما كرَّسَتْه الأغاني والآداب الشعبية من أساطير عنهم، لَدُهِشنا من شدة آثار صدمة جهل هؤلاء بالإسلامَ جهلاً كبيراً، أو من شدة صدمة اكتشاف حجم العَدَاء الأعمى للإسلام في أوساط أكثر رجال الدين في أوروبا؛ فمِن تخيُّل المسلمين برابرة متوحشين، ووثنيين يعبدون الأصنام، ومن تشنيعهم على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وعلى «شغفه» بالعنف والملذات؛ إلى الطعن على نبوّته وعلى أصالة القرآن، ومهاجمة تعاليمه، والقَدْح في أخلاق أتباعه، والتحريض عليهم وعلى دينهم... إلخ، كانت ترتسم ملامح تلك الصّور النمطية الغربية وقسماتها. وقد تغذّى وعيُ أجيالٍ متطاولة في أوروبا المسيحية الوسيطة - كما في أوروبا والغرب الحديثين - من هذه الصور النمطية؛ بحيث لم تكد معرفتُها عن الإسلام أن تخرج عن نطاق معطياتها إلاّ في النادر: في حالة المفكرين المتحررين من سطوة أفكار الكنيسة، أو المتصلين - اتصالاً مباشراً - بتراث الإسلام، والعارفين بمقدار ما أسهم به ذلك التراث في تاريخ الفكر الإنساني، بما فيه تاريخ الفكر الديني (اللاهوتي). لهذه «المعرفة» المشوَّشة والمزيَّفة، والحاقدة أحياناً كثيرةً، ما يفسّرها من أسباب تاريخية ودوافع دينية؛ إذْ كان لظهور الإسلام على مسرح التاريخ آثار انقلابية في علاقات القوى بين الدول والحضارات والأديان. لقد حدّ من نفوذ المسيحية، في نظر لاهوتييها، وسيطر على أجزاء من سلطانها في سوريا، ومصر، وإسبانيا، وصقلية، وجزر المتوسط، ثم في القسطنطينية، وبلغاريا، وهنغاريا، واليونان، وهدّد فرنسا والنمسا في مرحلةٍ من تقدّم الجيوش العثمانية. وإلى ذلك فإن نصوص الإسلام طعنت على عقائد المسيحية الكاثوليكية (عقائد التثليث والصَّلب والتجسيد) واتهمت أتباعها بتحريف الدين، ناهيك «بصاعقة» سيطرة المسلمين على الأراضي المقدسة في فلسطين ومنها «قبر المسيح». ولم تكن الحروب الصليبية وحدها الصّدام العسكري الذي تولّد من الشعور بالحاجة إلى استعادة سلطان المسيحية في المشرق، وإنما استمرت الصدامات منذ حروب «الاسترداد» في الأندلس حتى الحروب الكولونيالية في القرنين 19 و20 في موجات متصلة لم تتغيّر فيها، كثيرًا، النظرة الغربية العدائية للإسلام كدين، ولعالم الإسلام كمجتمعات وكمنظومات ثقافية وقِيَمية. تغذّت مشاعر التوتُّر، في القرنين الماضيين، بوقائع جديدة استجدت في سياق العلاقة بين عالميْ الغرب والإسلام: الاستعمار، الاستتباع الاقتصادي الإمبريالي، المصالح النفطية، الصراع العربي - الصهيوني، صعود الحركة القومية العربية وحركات التحرر الوطني، صعود «الإسلام السياسي» وولادة تيارات التطرف والعنف من أحشائه، مشكلات الهجرة في الديار الغربية، اندلاع موجات الإرهاب وضربها العمقَ الأمريكي والغربي... إلخ. وبما أن مشكلات التوتر هذه كافية لتوليد أسوأ علاقة ممكنة بين الغرب والإسلام، وبما أن المعرفة العامة بالإسلام في الغرب تكاد تتحرك - في جهلها - عند نقطة الصفر، فقد لاحت الفرصة لمهندسي الحروب الكولونيالية، وألسنتهم الثقافية والإعلامية، لإعادة بعث كلّ ذلك المخزون الغربي المسيحي الوسيط من الصور النمطية، وإشاعته في الرأي العام الغربي من طريق وسائط الإعلام، قصْد شيطنة الإسلام والمسلمين، وتبرير الحروب الجائرة ضدهم (أفغانستان، الصومال، العراق، فلسطين...)، أو الحروب القذرة بينهم (سوريا، العرق، ليبيا...). وهكذا لم تعد من «معرفة» بالإسلام لدى الغربيين، اليوم، إلاّ المعرفة التي كانت لدى أجدادهم قبل ألفِ عام!.
نقلا عن " الخليج" الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.