يشتاق الصائمون في شهر رمضان الكريم كل عام لسماع صوت المدفع الذي اعتادوا عليه في إفطارهم، ويرتبط سماع صوت المدفع بإفطار رمضان، وهو من التقاليد الشهيرة المرتبطة بالصوم جنبا إلى جنب المسحراتي. والمدفع يستخدم في الإعلان عن موعدي الإفطار والإمساك في كل يوم بداية من أول ليلة في شهر رمضان، وحتى آخر يوم في الشهر الكريم ليلة عيد الفطر المبارك، وهو موروث متبع في غالبية الدول الإسلامية، وتعتبر القاهرة أول عاصمة انطلق منها مدفع رمضان. وللمدفع طقوس خاصة حيث يحضر المسئولين عنه قبل موعد الإفطار بنصف ساعة استعدادا لإطلاقه، ويتجمع الأطفال والكبار والأهالي في ساحته، ويتزاحم الكثيرين فوق أسطح المنازل لمشاهدة عملية الإطلاق ويقابلونها بالهتاف والتصفيق والتصفير. وفي ليلة العيد وبعد ثبوت رؤية الهلال في التاسع والعشرين يطلق المدفع سبع طلقات متتالية، وإذا أتم رمضان الثلاثين يطلق المدفع سبع طلقات بعد العصر احتفالاً بالعيد، وأثناء أيام العيد الثلاثة يطلق المدفع عند كل أذان. وطلقات مدفع رمضان تختلف عن الطلقات المستخدمة في الحروب حيث يوضع كتلة من البارود لتعطي صوتًا مرتفعًا، وتتم عملية الإطلاق بعد وضع البارود في المدفع بشد الحبل علي كتلة البارود لينطلق الصوت، ويوضع قبل شد الحبل بعض الحجارة خلف عجلات المدفع لتثبيته حتى لا ينزلق لحظة الانطلاق. ولم يقتصر إطلاق المدفع فقط علي العاصمة بل امتد لبقية محافظات الجمهورية حيث يوضع علي مدخل المحافظة ويقوم علي خدمته أربعة من أفراد الأمن الذين يعدون الباردود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك، وقد اعتيد توفير مدفع آخر جانب المدفع الرئيسي لتتبادل الطلقات، وتوفير البديل في حالة حدوث عطل. بداية ظهور المدفع الدكتور جمال الهواري، مدير عام القلعة قال ل "محيط "، هناك روايات كثيرة حول ظهور مدفع رمضان أشهرها رواية الحاجة فاطمة زوجة السلطان المملوكي "خوشقدم" الذي كان يتولي الحكم في مصر سنة 859 ه/1455م. أضاف الهواري: كان جنوده يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية للسلطان وصادف اختباره وقت غروب الشمس فظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار. وتابع، عندما توقف المدفع عن الإطلاق بعد ذلك ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان فلم يجدوه والتقوا زوجته التي نقلت طلبهم للسلطان فوافق عليه ومن هنا أطلق الأهالي علي المدفع اسم "الحاجة فاطمة". وأوضح أن مدفع رمضان لم يعد يتم إطلاقه من القلعة كما كان يحدث من قبل منذ عشرين عامًا، والموجود حاليًا في القلعة هو مدفع نموذج، وتم نقله إلي منطقة الدراسة وحتى الآن غير مستعمل وتم الاعتماد علي إطلاق المدفع علي التسجيلات الصوتية، وعندما كان المدفع متواجد بمنطقة القلعة كان المسئول عن إطلاقه فردين من وزارة الداخلية. ذخيرة «فشنك» خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم قال، إن المدفع استمر يعمل بالذخيرة الحية حتى عام 1859م، لكن امتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة وظهور جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة "الفشنك" غير الحقيقية أدي إلي الاستغناء عن الذخيرة الحية. وأضاف: كانت هناك شكاوي من تأثير الذخيرة الحية علي مباني القلعة الشهيرة، لذلك تم نقل المدفع من القلعة إلي نقطة الإطفاء في منطقة الدرَّاسة القريبة من الأزهر الشريف ثم نُقل مرة ثالثة إلي منطقة مدينة البعوث قرب جامعة الأزهر. وأشار إلى انه كان حتى وقت قريب في القاهرة 6 مدافع موزعة علي أربعة مواقع اثنان في القلعة واثنان في العباسية وواحد في مصر الجديدة وآخر في حلوان تطلق مرة واحدة من أماكن مختلفة بالقاهرة حتى يسمعها كل سكانها. ولفت إلى أن المدافع كانت تخرج في صباح أول يوم من رمضان في سيارات المطافئ لتأخذ أماكنها المعروفة، ويستقر المدفع الآن فوق هضبة المقطم وهي منطقة قريبة من القلعة ونصبت مدافع أخري في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية ويقوم علي خدمة المدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك. توقف المدفع اللواء ممدوح عبد القادر، مدير الإدارة العامة للحماية المدنية، قال: المدفع تقليد قديم جدًا يتم كل سنة في شهر رمضان ويرتبط بأذان المصريين، حيث يتم إطلاق طلقه عند دخول وقت الإفطار، وطلقة عند دخول وقت السحور ساعة الإمساك يوميًا في شهر رمضان. وأضاف عبد القادر ل" محيط "، طلقة المدفع عبارة عن بارود "فشنك" غير حقيقية ليس لها أيه تأثير، لكن تحدث صوت قوي تبين للناس وقت الإفطار، ويتكون المدفع من سلك المشعل وحجر بطارية وسلك حديدي لاستخدامه في إطلاق القذيفة. أوضح عبد القادر أن الحماية المدنية هي المسئولة عن إطلاق مدفع رمضان كل عام، ويتم تكليف أفراد من الإدارة بعد تدريبهم علي كيفية إطلاقه، لكن إطلاق المدفع توقف منذ عام 1998، واعتمدت الدولة في إطلاقه بعد ذلك علي التسجيل الصوتي عبر الراديو والتليفزيون، وهذا العام الإدارة لم تكلف بإطلاق المدفع في رمضان.