نقلت صحيفة "العرب اليوم" الأردنية أن دراسات حديثة ظهرت الحضارة الجرمانية الليبية التي تعمد نظام القذافي تجاهلها في تاريخ بلاده، وأن هناك كنوز قد تكتشف عن حضارة امتدت لما يقرب 1500 عام ، وقد تدرج بالتراث الثقافي العالمي . وبحسب الصحيفة فقد عاشت قبائل الجرمنت في منطقة شديدة الازدحام في مفترق طرق القوافل العابرة للصحراء قديمًا، وتمركزوا حول ثلاث واحات تعرف اليوم باسم وادي الآجال ووادي الشاطئ ومناطق زويلة ومرزوق وبرجوج التي ضمت عاصمة الحضارة المسماة جرمة. وقد اشتهروا بإتقانهم للحفر بحثًا عن المياه الجوفية اللازمة لري محاصيلهم. وقد اعتمد الجرمنت بشكل كبير على العمالة المقبلة من جنوبي الصحراء الكبرى في صورة عبيد.
وكتب عالم التاريخ ديفيد ماتينغلي من جامعة ليستر البريطانية أخيرًا في صحيفة الدراسات الليبية التاريخية واصفًا الاكتشافات الأخيرة حول حضارة الجرمنت بأنها "اكتشافات غير عادية، إذ تثبت قيام الجرمنت بحركة تجارية كبيرة عبر الصحراء قبل حقبة طويلة من التاريخ الإسلامي المدون للمنطقة". وكتب البروفيسور ماتينغلي أن "الاكتشافات المذهلة كلها انتهت على مكتب القذافي الذي لم يكن يبد أي اهتمام بهذه الحضارة لدرجة عدم ذكرها في المناهج التعليمية خلال عهده على الإطلاق، آملًا في أن يتغير الوضع بعد سقوط نظام القذافي".
وشغلت حضارة الجرمنت منطقة تبلغ حوالي 250 ألف ميل مربع، وتمكن الباحثون من التوصل لها لأنها كانت حضارة متقدمة في وسائل الزراعة، ويعد البربر من الشعوب التي انحدر الجرمنت من سلالتهم.
وتمثل الجرمنت حضارة فريدة من نوعها لأنها كانت أول حضارة صحراوية في التاريخ تكون مجتمعًا حضاريًا معقدًا في منطقة بعيدة عن الأنهار وتؤسس مدنًا وتستورد بضائع منها سلع كمالية للرفاهية. بل إن البعض يقول إن "تصميم المباني والتحصينات الخاصة بالغرامنت قد تم نقلها من قِبل الرومان الذين تتشابه بعض آثارهم في شمالي أفريقيا مع مباني الغرامنت بشكل مذهل".
وعلى الرغم من استفادة ماتنغلي في أبحاثه من صور الأقمار الصناعية الملتقطة لمصلحة شركات النفط، فإنه يُبدى "تخوفه من تأثير الانفتاح الجديد في ليبيا على المواقع الخاصة بالجرمنت"، مطالبًا "بحمايتها تاريخيًا من أن تكون هدفًا للتنقيب عن النفط".وقام البروفيسور وزملاؤه الباحثون خلال هجمات حلف شمال الأطلسي على ليبيا بإمداد الحلف بإحداثيات المواقع الأثرية الرئيسية لحمايتها من الأضرار الناجمة عن القصف.
ويقدر الخبراء - بحسب المصدر - أن "الغرامنت قد قاموا خلال قرون ازدهارهم الستة باستخراج حوالي 30 مليار غالون من المياه عبر نظام أنفاق التنقيب، ولكن المياه بدأت في النفاذ خلال القرن الرابع الميلادي مما احتاج للتنقيب بأعمق من قدراتهم والحصول على عبيد للعمل بأعداد أكبر مما يمكن لقواتهم العسكرية تدبيره، مما أدى لتراجع إمدادات المياه حتى كان مصير الحضارة هو الزوال.