لا يصدق الفتى "سامح صبيح" (14 عاما) أنه "كسر روتين" إجازته الصيفية "الممل"، بينما كان يمتطي صهوة جواده ويتنقل بخفة بين أروقة أحد أندية الفروسية في مدينة غزة، استعدادا للمشاركة في أحد أندر سباقات الخيل التي تنظم في القطاع. وارتسمت علامات الشغف والسعادة الغامرة في عيني "صبيح" عندما سمع صفارة الانطلاق وترك العنان لجواده بني اللون، ليركض إلى جانب عشرات الجياد التي يمتطيها أطفال وشباب تتراوح أعمارهم ما بين (6 إلى 20 عاما) في مضمار السباق. ونظم نادي "الأصدقاء للفروسية" في مدينة غزة، أمس الجمعة، سباق "قفز الحواجز للخيل"، شارك فيه 35 فلسطينيا معظمهم من الأطفال، في محاولة لخلق متنفس للشباب والأطفال الفلسطينيين في ظل ظروف البطالة والفقر والحصار الإسرائيلي. ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في يونيو/ حزيران 2007. ويقول الفتى "صبيح" لوكالة "الأناضول": "بدأت قبل عدة أشهر مع عدد من الأصدقاء التدريب على ركوب الخيل في نادي الأصدقاء للفروسية بمدينة غزة، في محاولة للتخلص من الملل والضغط النفسي الذي نعيشه جراء الحروب والاعتداءات والحصار الإسرائيلي وظروف الفقر، التي تتزامن مع عدم وجود أماكن ترفيهية في القطاع". ويضيف "تدربنا طوال الفترة الماضية بشكل جيد على ركوب الخيل، إلى أن أعلن نادي (الأصدقاء للفروسية) قبل أيام عن تنظيم سباق لقفز الحواجز فشعرت بحماس كبير وقررت المشاركة فيه فهذه من المرات النادرة التي تعقد فيها مثل هذه السباقات في غزة". وتمنى الفتى الغزي، أن تنعقد مثل هذه السباقات بشكل متواصل في قطاع غزة الذي يفتقر إلى الأماكن الترفيهية والأندية الرياضية. وعلى مضمار السباق وبعد رحيل معظم المتسابقين، ظل الطفل "سليم عبد الله" (12 عاما) يتدرب مع فرسه "أبيض اللون" على قفز الحواجز بدقة وسرعة أكبر، فهذه الرياضة هي المفضلة لديه ويتمنى أن يصبح أحد فرسانها في المستقبل. وفي برهة توقف خلالها الطفل "عبد الله" عن التدريب، قال لمراسل وكالة "الأناضول": "اليوم تحقق أحد أجمل أحلامي عندما شاركت في سباق الخيل لقفز الحواجز، فلم أتوقع أن يشهد قطاع غزة المحاصر مثل هذه السابقات". ويضف "هذا السباق رائع ومميز وكسر حالة الروتين الممل التي أعيشها منذ حلول الإجازة الصيفية قبل ثلاثة أسابيع. سأواصل التدريب لعلي أحقق المركز الأول في السباق الذي سينظم بعد شهر من الآن فهناك العشرات من الأطفال والفتية المتفوقين". ويتمنى الطفل "عبد الله" والعشرات من الأطفال والشباب الفلسطينيين الذين شاركوا في سباق الخيل، أن يزداد الاهتمام برياضة ركوب الخيل والرياضات الأخرى في قطاع غزة فهي تمثل متنفسا لسكان القطاع الذين يعيشون ظروفا حياتية قاسية بسبب الفقر والبطالة والحروب والاعتداءات والحصار الإسرائيلي المتوصال منذ ثمانية أعوام. وترصد بيانات للبنك الدولي أصدرها في 22 مايو/ أيار الماضي أن "سكان غزة يعانون من سوء الخدمات العامة الأساسية وتدني جودتها، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، ويحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية المحدودة من منظمات دولية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر، و43% منهم يعانون من البطالة".