يتواصل تباين مواقف الأطراف الليبية المختلفة، حول المسودة الرابعة التي اقترحتها بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا خلال جولة حاسمة من الحوار السياسي الليبي، شهدتها مدينة الصخيرات المغربية، قبل يومين. والاثنين الماضي، سلم "برناردينو ليون" رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا التي ترعي الحوار بين الليبيين مسودة رابعة قال إنها الأخيرة وذلك خلال جولة حوار حاسمة عقدت في مدينة الصخيرات على مدار يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين. وفي تعليقٍ منه على المسودة قال "طارق الجروشي" عضو مجلس النواب الليبي (البرلمان) المنعقد في مدينة طبرق شرقي البلاد، في حديث للأناضول أمس، إنها "معيبة بشكل كبير"، مؤكداً أن "مجلس النواب سيرفض المسودة تماما". و تابع البرلماني الليبي قائلا "جميع الليبيين الذين يريدون مصلحة ليبيا سيرفضون هذه المسودة جملة و تفصيلاً"، مؤكداً أن "تعديلات الأممالمتحدة علي المسودة كانت لإرضاء تيار الإسلام السياسي في البلاد" . هذا في الوقت الذي أشار فيه البرلماني "عيسي العريبي" من طبرق، إلي أنهم " قرروا أول أمس الثلاثاء خلال جلسة للبرلمان استدعاء لجنة الحوار الممثلة للبرلمان، والمشاركة في حوار الصخيرات" موضحا أن هذه الخطوة " تأتي لمناقشة المسودة". وأكد "العريبي" أن " المسودة تعني بشكل واضح تسليم البلاد لجماعة الإخوان المسلمين"- في إشارة للمؤتمر الوطني الذي يجتمع في طرابلس و حلفائه-، رافضا ما رود فيها بشأن "وضع الجيش الليبي تحت سيطرة حكومة الوفاق" التي وصفها ب"حكومة تقاسم السلطة ". وتابع "العريبي" قائلا "عودة المؤتمر الوطني المنتهية ولايته و إقحامه في السلطة الجديدة للبلاد شئ نرفضه تماماً"، مؤكداً أن " المسودة الجديدة لاقت رفضا من كافة فئاتالليبيين" علي حد قولة . أما "عيسي عبد القيوم" المتحدث باسم لجنة الحوار الممثلة للبرلمان الليبي في طبرق، فقد وصف المسودة الرابعة بأنها "مسودة انقلاب"، مطالبا مجلس النواب الليبي برفضها. و أوضح "عبد القيوم" في حديث مع الأناضول أن "مسودة المبعوث الاممي ليون منحت مجموعة إيديولوجية 90 مقعدًا مقابل منح الشعب كله 30 مقعدًا"، مطالبا الليبيين في ذات الوقت "حسم الأمر بإبداء رأيهم". وعلى جانب آخر رحب "محمد صوان" رئيس حزب العدالة والبناء - الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الليبية- بالمسودة، مؤكداً أن "التعديلات التي أدخلت علي المسودة السابقة (الثالثة) جاءت إدراكًا لخطورة المرحلة ولأهمية التوصل إلى اتفاق عاجل ينهي الانقسام ". جاء ذلك في تصريحات نشرها "صوان" علي صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، والتي ذكر فيها أيضا أنه "بالرغم من وجود ملاحظات مهمة على المسودة الرابعة إلا أننا نرى أنها حققت تقدمًا إيجابيًا ملموسًا " مطالبا الجميع "بأخذ هذا التقدم بكل جدية والبناء عليه للوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام السياسي ويحقق الاستقرار ويعبر بالبلاد إلى الأمان". وعلى نفس الشاكلة رحب "إبراهيم الدباشي" مندوب ليبيا الدائم بالأممالمتحدة بالمسودة، وذلك في بيان له على صفحته الشخصية بموقع "فيس بوك"، وذكر "الدباشي" أنه "اطلع على مشروع الاتفاق السياسي المطروح في صيغته الأخيرة وهي بشكل عامة ووثيقة جيدة ". وأضاف قائلا: "هناك أمران أري أهمية تعديلهما الأول فجوة في اختصاصات مجلس الدولة قد تتسبب في عرقلة عمل الحكومة و يجب تعديلها بحيث تنص بوضوح على أن رأي مجلس الدولة يكون ملزمًا للحكومة في حالة اعتماده بالإجماع أو على الأقل بغالبية الثلثين ". واستطرد قائلا: "أما الأمر الثاني هو عدم النص على استقلالية رئيس الحكومة وأعضائها أو على الأقل مجلس الرئاسة" مشيراً إلي أن ذلك "النقص قد يقودنا من جديد إلى المحاصصة بين دكاكين السياسة التي تسمى أحزابًا وتضيع مصلحة الوطن أمام مصلحة الحذاق" بحسب وصفة. ودعا "الدباشي" المتحاورين، للأخذ بملاحظاته في عين الاعتبار، مطالبًا في الوقت نفسه " بالمضي قدمًا في اعتماد الاتفاق وتنفيذه خاصة أن المجتمع الدولي مهيأ أكثر من أي وقت مضى للمساعدة في الإسراع بإقامة مؤسسات الدولة وعودة الأمن والاستقرار". أما "فتحي باشاغا" عضو مجلس النواب الذي يقاطع الجلسات في طبرق، فقد عبر عن ارتياحه لمجريات الجولة الأخيرة للحوار قائلا علي صفحته الشخصية علي فيسبوك "بوادر إيجابية للغاية لمسناها في مجريات الحوار والمسودة الرابعة التي قدمتها البعثة الأممية كانت جيدة وأفضل من سابقتها". وكان المبعوث "ليون" أعلن أول أمس، عن تقديمه مسودة جديدة لحل الأزمة الليبية لمناقشتها خلال جولة الصخيرات، مشيراً إلى أن هذه المسودة "تتضمن رؤية للهيكل المؤسساتي المقبل والترتيبات الأمنية". وتضمنت المسودة الجديدة 3 نقاط ، الأولى: حكومة وحدة وطنية توافقية، والثانية: اعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، والثالثة: تأسيس مجلس أعلى للدولة، ومجلس أعلى للإدارة المحلية، وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور، ومجلس الدفاع والأمن. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، نص المقترح الأممي على " تشكل حكومة الوفاق الوطني على أساس الكفاءة وتكافؤ الفرص وتكلف بممارسته مهام السلطة التنفيذية والتي تتكون من مجلس للوزراء يرأسه رئيس مجلس الوزراء، وعضوين نائبين رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء ويكون مقرها بالعاصمة طرابلس، ومدة ولايتها عام واحد". أما الثانية، فنص المقترح على أن السلطة التشريعية للدولة خلال المرحلة الانتقالية، تضم مجلس النواب المنتخب في يونيو 2014 (برلمان طبرق). بينما الثالثة، فجاء فيها أن المجلس الأعلى للدولة هو أعلى جهاز استشاري للدولة ويقوم بعمله باستقلالية ويتولى إبداء الرأي الملزم بأغلبية في مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تعتزم الحكومة إحالتها على مجلس النواب ويتشكل هذا المجلس من 120 عضواً. واستضافت مدينة الصخيرات المغربية، على مداريومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، جولة جديدة من الحوار الليبي، برعاية أممية، تجمع وفدين من برلمان طبرق، شرقي ليبيا، والمؤتمر الوطني العام بطرابلس. وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان هما: الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب، ومقرها مدينة البيضاء، وحكومة الإنقاذ، المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، ومقرها طرابلس.