- شنوبا هاجمت فساد الحكومة النيجيرية و تورطهم فى الإتجار بالبشر - الفساد فى نيجيريا سهل ..ما عليك سوى التقرب للسلطة - الاستعمار أتى بالتعليم و لكنه نشر بذرة الانقسام - الأدب السوقى لم يعش طويلا - تاريخ الرواية بين الاستعمار و الاستقلال و الحروب و الانقلابات - الاتجار بالبشر و تحرير المرأة و كشف الفساد تيمات أساسية " إفيوما أكابوجو شنوبا " كاتبة و ديبلوماسية نيجيرية و سفيرة نيجيريا حاليا لدى جمهورية ساحل العاج ، عرفت كتاباتها بالجرأة رغم عملها بوزارة الخارجية و لكنها لم تخشى مهاجمة الحكومة و الرئيس بشان الفساد ، و حملتهم مسئولية إرسال 11 ألف نيجيرية للعمل فى البغاء بإيطاليا ، و هذا ما كشفته فى أول رواياتها " تجار اللحم البشرى " ، و تتابعت الروايات التى تهاجم الفساد و المسئولين و تنادى بتحرير المرأة ، و تعكس مشكلات المجتمع النيجيرى بعد الاستعمار فى رواياتها " بلا خوف " و " فى انتظار ماريا " و " حدوتة إفريقية " ، و الحاصلة على جائزة كتاب الكمنولث عام 2008 . جاءت شنوبا للقاهرة للمشاركة فى ملتقى الثقافات الأفريقية ، و استضافها المركز القومى للترجمة مساء أمس لتوقيع رواياتها الثلاث المترجمة عن المركز " تجار اللحم البشرى " ،و بلا خوف " و " فى انتظار ماريا " ، و تلقى محاضرة عن " الرواية النيجيرية " ، بحضور مترجم الروايات د.صبرى محمد حسن ، و الروائى الكبير يوسف القعيد ، و د. خيرى دومة أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة والمشرف على سلسلة الإبداع القصصى بالمركز ، و تم تقديم درع المركز للسفيرة عن إسهاماتها الأدبية من جانبه رحب الروائى يوسف القعيد بالكاتبة إفيوما شنوبا ، قائلا : مؤخرا اكتشفنا أننا أفارقة و عدنا للاهتمام بهذا البعد ، الذى أثاره عبد الناصر فى الخمسينات ، كما أعتذر للكاتبة عن الحضور الضعيف بالندوة . و أشار القعيد أن أوجه التشابه بيننا و بين نيجيريا مدهش فى تيمات الروايات و ما عايشه البلدين ، و كان من قبل يظن أن العامل المشترك بين البلدين فقط أنهم يعانون ويلات الإرهاب ، و لكنهما أيضا عانوا من الاستعمار الذى عرف كلا البلدين من خلاله على المطبعة و التعليم ، مستدركا بقوله : لكن هذا لا يعنى ان الاستعمار جيدا، فلقد استنزاف خيرات البلاد و كان يعتبر مصر مزرعة للقطن . ووصف القعيد تجربة الكاتبة بالمركبة و بالغة التعقيد فهى تعرف عدة لغات وثقافات ، و عن قراءتها لنجيب محفوظ لفت القعيد إن لو نجيب محفوظ حى لسعد أن رواياته تقرأ فى دولة أفريقية ، و أثنى على الكاتبة التى فى حديثها ابتعدت عن ذاتها ونتاجها الأدبى و فضلت أن تتحدث عن إبداع الآخرين ، قائلا : هذه صفة مميزة ، فطالما كانت "الأنا " آفة المثقفين ، و طالب پان تكون صلتنا بأفريقيا فى الترجمة مباشرة بعيدا عن مظلة روما و باريس ، و علق خيرى دومة أن الروايات المنشورة باللغات الأفريقية الأصلية نفسها قليلة ، و أن الروائيين هم الأقدر على تصوير مجتمعهم من زوايا لا يدركها الآخرون . و عن عالم شنوبا الروائى حدثنا مترجم الروايات د. صبرى محمد حسن ، قائلا أن نيجيريا هى القوة الوحيدة فى غرب أفريقيا إذا ما تحدثت استمعوا إليها ، و على الجانب الأدبى جذبته روايات شنوبا و ما مثلته من مساحة حرية فرغم أنها على رأس العمل بوزارة الخارجية و لكنها تهاجم الحكومة و الرئيس و تتهمهم بالفساد و تحملهم مسئولية إرسال 11 ألف نيجيرية للعمل فى البغاء بإيطاليا . و قال المترجم أنه قرأ الرواية الأولى " تجار اللحم البشرى " التى تشير لمأساة النيجيريات التى تم إرسالهم لإيطاليا للعمل فى البغاء أكثر من 13 مرة ، و فى كل مرة كانت تكشف له المزيد من الأمور التى لم يعرفها ، و تعرف على الكاتبة أكثر التى هاجمت الفساد فى كتاباتها و طالبت بتحرير المرأة فى عملها " بلا خوف " ، و رواية " فى انتظار ماريا " التى تعد امتداد لروايتها الأولى ، و تقول شنوبا فيها " الفساد سهل فى نيجيريا .. إذا أردت أن تصل اقترب من السلطة " . الصحوة الأدبية بنيجريا فى بداية حديثها عبرت إفيوما شنوبا عن سعادتها بملتقى الثقافات الأفريقية للتعريف بالفنون و الثقافات الأفريقية ، خاصة أنه انطلق من مصر التى وصفتها بأنها مهد الحضارة بلا منازع ، مستعيدة زيارتها الأولى للقاهرة منذ 22 عاما ضمن برنامج تدريبى فى المعهد الدبلوماسى فى القاهرة ، معبرة عن سعادتها بزيارتها مرة ثانية ، قائلة : مثلما قال همنجواى عن باريس ، فإن القاهرة أيضا هى مأدبة ممتعة . و استعرضت شنوبا فى محاضرتها تاريخ " الرواية النيجرية " و الذى كان نتاجا للصحوة و الإنفجار الذى شهدته الفنون النيجيرية التى شهدت زيادة واضحة و انفجارا فى كل الاتجاهات ، ضاربة مثال بالسينما النيجيرية " نولى وود " الذى وصلت لسائر أنحاء العالم ، و أصبحت صناعة مربحة تدر الملايين على العاملين فيها ، أما الموسيقى فكانت حفلات الرقص و الزفاف دوما تعتمد على الموسيقى الأجنبية ، أما حاليا فأصبحت الموسيقى النيجيرية رائجة و لا يعزف غيرها ، و من أشهر الموسيقيين هناك سكويرد ، و دافيدو ، ديانجى ، هويزكد ، فليقور ، آشا ، و سيون كوتى و غيرهم . و أشارت شنوبا أن تلك الصحوة الفنية كان لها أثرها أيضا على الأدب النيجيرى ، و أثارت الكاتبة النيجيرية عدد من التساؤلات عن المقصود من الرواية النيجيرية ؟ و من هو النيجيرى ؟ متسائلة هل المرء يكون نيجيريا بحكم المولد ؟ أو الأبوة ؟ أو الجنسية ؟ أو تيمات الموضوعات النيجيرية ؟ و أكدت الكاتبة أن البشر لهم المشاعر نفسها و الاحتياجات نفسها و كذلك التطلعات و الآمال ، فيما يعرف ب " كونية الوجود " أو " كونية الاحتياجات " ، ضاربة مثال بروايات نجيب محفوظ فعلى الرغم من أنها تتناول الحياة فى مصر ، لكنها رأت فيها أيضا ما يشعروا به فى بلادهم ، و ما يستشعره البشر فى كل مكان ، و كذلك عندما أهدت روايتها " حدوتة أفريقية " لدبلوماسى صينى ، اتصل بها بعد أيام ليخبرها أنه تعرف على شخصيات روايتها فى موطنه بكين ، و هذا ما نعرفه ب " كونية الإنسانية " ووحدة الوجود . و أوضحت شنوبا أن الكاتب لا يكتب من فراغ ، انما ينتقى من بيئته المحيطة به ، لذا فهى ترى أن الرواية النيجيرية تتخذ من نيجيريا خلفية لها، لكنها كشأن كل الأعمال تتخذ صفة الكونية ، و هذا يظهر فى أعمال كبار الروائيين أمثال شنوا آتشيبى ، وولى سونيكا ، آموس توتيولا ، شوكوميكا آيكى ، فلورا نوايا ، و أيضا الكتاب الجدد كشيماماندا آديشاى ، تريشيا نوبانى ، شنيرى أوبيوباسى ، تس أونومينى ، لولا شونيين و غيرهم . ما قبل الاستعمار من التيمات الأساسية فى الروايات النيجيرية ، حياة ما قبل الاستعمار ، تلك الحياة القروية المعروفة ببساطتها و نقاوتها ا\لصلية التى لم تطالها يد التلوث ، و تمجيد الطبيعة قبل الاستعمار ، و على الرغم من ذلك فتذكر شنوبا أن الاستعمار هو الذى جاء بالكتابة و الطباعة ، و من قبل كان أدبهم شفاهيا يقتصر على الحواديت و الحكايات التى يرويها الناس حول النار ، و هم يرقصون و يدقون الطبول ، و كانت كل القصص تنتطوى على درس أخلاقى حتى لا يلقى الناس النهايات السيئة للجشعين و الأشرار ، و توثق رواية " المحظية " لإليشى أمادى هذه الحياة . فترة الاستعمار أكدت شنوبا أن فترة الاستعمار كانت علامة مميزة فى التاريخ النيجيرى أدت لتغيير حيواتهم ، فعرفوا فنون الكتابة و القراءة ، و استطاعوا تدوين لغتهم العامية ، فكان الاستعمار أشبه بالاستعمار الذى قلب منظومة حياتهم و عقائدهم تماما ، و لكن هذا لم يمنع وجود مقاومة و صراع و حتى حرب و تهميش ، لذا كان " التقاء الثقافات " ايضا تيمة أساسية فى الرواية النيجيرية ، كرواية " إيزى يلتحق بالمدرسة " لأونيورا نزيكو ، التى تروى عن أحد الشباب الذى سلك طريق البحث عن معرفة الرجل الأبيض ، و رواية " الأشياء تتداعى " لآتشيبى و الذى قال فيها : " لقد غرسوا سكينا فى الأشياء التى تربطنا بعضنا بالبعض الآخر ، و بذلك تداعينا" . و هذا التداعى الذى اشارت له الرواية مستمر حتى يومنا هذا ، فى الانقسامات الاجتماعية و العرقية و القبلية و اللغوية أيضا ، و التى تواصل استنفار جماعة على أخرى ، فلقد قالها المؤرخون أن الاستعمار البريطانى قام على مبدأ " فرق تسد " و ذلك بغرس سكين فى نسيجهم الاجتماعى و جعلهم يتداعون . و كما أشارت شنوبا رواية "الأشياء تتداعى " تعد علامة فارقة ، فهى أول مطبوعات سلسلة الأفارقة ، التى فتحت الباب الأدبى للأفارقة ليوثقوا مشاعرهم و يبعثون رسائلهم ، فالأدب رسالة قبل كل شئ . و تتناول الروايات النيجيرية ذلك الصدام بين الحضارات ، ذلك الغريب الأبيض الذى جاء لأرضهم و طلب منهم الإقلاع عن كل ما ورثوه عن أجدادهم من عبادة الآلهة التى من صنع الإنسان ك " الخشب ، الرعد ، الحديد ، النار " و أن يقتصر الرجل على زوجة واحدة ، و يتوقف عن كثرة الإنجاب ، و العمل الجبرى و ضعف الضرائب لذلك الغريب ، و هذا حاضر فى رواية " سهم الله " لآتشيبى ، و " زوجة واحدة لكل رجل " لألوكو ، و " بلا خوف " من تأليف شنوبا . و من التيمات أيضا الكفاح من أجل الاستقلال ، و إزالة الأوهام من أذهان الناس عن زعمائهم الجدد ، و نرى ذلك فى رواية " واحد من الناس " لآتشيبى ، و " الشيخ الوزير الشريف " لآلوكو . عهد الانقلابات أسفرت فترة ما بعد الاستقلال و محاولة إزالة الأوهام ، عن انقلابات و انقلابات مضادة فى افريقيا ، و منهم نيجيريا ،التى دارات فيها الحرب الأهلية ما بين 1967 إلى 1970م ، والتى عبرت الروايات عن مآسيها ، كرواية " غروب الشمس عند الفجر " لشوكوميكا آيكى ، و رواية " لماذ ضربنا ضربتنا " لآدجيويجا ، و رائعة آتشيبى " كان هناك بلد " ، ورواية " مات الرجل " لسونيكا . و بحسب شنوبا لم تغب الروائبات عن مسرح الأحداث فتسجل آكاشى إيزجيو فى " أبناء النسر " ،و شيما منادا فى " نصف من الشمس الصفراء " ويلات الحرب الأهلية على البشر . ما بعد الاستقلال فى فترة ما بعد 1970 ، لم تتوقف التيمات فقط عند تلك المواضيع بل اتسعت لتناول تحرير المرأة و مساواتها مع الرجل ، و أهمية الطفلة ، و الحكم الصالح ، و الفساد و التدليس و الاتجار بالبشر ، و التحديات الاجتماعية و الصحية ، لتتناول الروايات جوانب الحياة فى نيجيريا و نرى ذلك فى روايات لولا شونيين " الحيوات الكثيرة لزوجات الجد " ، و " شيما ماندا فى " الهايبسكس الأرجوانى " ، و روايات شنوبا " تجار اللحم البشرى " و " فى انتظار ماريا " . الأدب الشعبى وأدب الأطفال قالت شنوبا أن الأدب الشعبى أو " السوقى " فرض صولجانه بعد الحرب الأهلية ، و لكنه لم يعش طويلا ، و لكنه يظل علامة من علامات الأدب النيجيرى ، و تمثل هذا الصنف من الأدب فى شكل كتيبات تحمل عناوين ك " طريقة كتابة الرسائل الغرامية " ،و " كيف تخاطب الفتيات " ،و " كيف تحب " . أما أدب الأطفال فهو ليس جديدا فى نيجيريا و انما شهد مؤخرا توسعا كبيرا كرواية آتشيبى للأطفال " شايك و السائق " ،و أو بيوياسى " السائق الشجاع " و " شيجيكى " . البيوت الأدبية و الجوائز كما تحدثت شنوبا عن البيوم و الجمعيات و الجوائز الأبية فى نيجيريا و منها : جمعية ابوجا الأدبية و منتدى كتاب أبوجا ، و رابطة المؤلفين النيجيريين ، و بيت إبيدى الأدبى فى ولاية أويو الذى ساعد كتاب كثر على إتمام مخطوطاتهم ، و معايشة الوحى و الإلهام ، أما عن الجوائز منها جائزة رصدتها الشركة النيجيرية للغاز الطبيعى سنوية تقدر قيمتها ب 100 ألف دولار للادب و الدراما و الشعر و النثر و أدب الأطفال ، و الأدب النيجيرى منتشر فى الكثير من الدول الأفريقية . و أوصت الكاتبة فى النهاية بأهمية الحرص على التبادل المعرفى و ترجمة إنتاج أفريقيا الأدبى لمختلف اللغات .