قال خبير روسي على صلة وثيقة ب"مصادر رسمية في موسكو" إن صفقة بيع منظومة "إس - 300" الصاروخية الروسية إلى مصر دخلت مرحلة التفاوض حول شروط البيع متجاوزة الاتفاق المبدئي بين البلدين. ورغم غياب التأكيد الرسمي من جانب موسكووالقاهرة لوجود هذه الصفقة واقتصار الحديث عنها على إعلام البلدين، أفاد فيشي سلاف ماتوزوف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة موسكو، لوكالة "الأناضول"، بأن هناك تأكيدات، لديه، من "مصادر روسية رسمية"، بشأن "وجود اتفاق مبدئي بين البلدين، وإنهما حالياً في طور الاتفاق الهيكلي حول شروط البيع فيما يتعلق بثمن الصفقة، وليس مبدأ البيع من عدمه". الإشكالية حول شروط البيع، أوضحها ماتوزوف، قائلا: "إذا كانت القاهرة مستعدة لدفع الثمن فوراً؛ فروسيا أيضاً مستعدة لتزويدها بهذا النوع من الأسلحة على الفور، لكن اعتقد أنهم سيحتاجون بعض الوقت للتوافق حول شروط البيع، والمسائل المرتبطة بطريقة الدفع". لكن مسؤول دبلوماسي مصري ، طلب عدم الكشف عن هويته، قال ل"الأناضول": "ليس لدينا مشكلة في الأموال، وإلا لماذا بدأنا النقاش حول هذه الصفقة من البداية، كل ما هنالك إن القيادة ستعلن عنها في الوقت المناسب". قبل أن يعود مؤكدا: "لا يوجد ما أقوله في هذا الصدد. ولا تتوفر معلومات حالياً بشأن هذه الصفقة". ولا تتوفر معلومات بشأن قيمة الصفقة المصرية الروسية، لكن موسكو سبق أن اتفقت مع طهران على بيعها 5 أنظمة من المنظومة الصاروخية ذاتها في عام 2007 مقابل 800 مليون دولار، دون أن تكتمل هذه الصفقة جراء اعتراض إسرائيلي أمريكي. وتضرر الاقتصاد المصري كثيرا جراء أربع سنوات من عدم الاستقرار السياسي والأمني تلت ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011، ورغم التحسن البادي في الناحية الأمنية والسياسيةخلال الفترة الأخيرة، إلا أن هناك حديث رسمي عن استمرار ارتفاع العجز في موازنة الدولة. ماتوزوف تابع ساردا ما لديه من معلومات حول صفقة بيع منظومة "إس - 300" الصاروخية الروسية إلى مصر استقاها عن "مصادر رسمية في روسيا"، قائلا: "ليس هناك أي عراقيل على مستوى الاستعداد لإتمام هذه الصفقة، بل على العكس، أتصور أن هناك اتفاق مبدئي وأننا في طور الحديث عن شروط البيع، وينبغي أن ندرك أن الصفقة تجري على عدة مراحل، ونحن في بداية الطريق، المشكلة الآن ترجع إلى شروط البيع، وليس مبدأ البيع أو عدمه". وأضاف: "المفاوضات تجري حالياً بشكل مغلق، ولا أحد يستطيع أن يتدخل في التفاصيل، لكن أستطيع التأكيد أنه لا يوجد أي عراقيل من الجانب الروسي، بل أن موسكو لديها مصلحة في بيع هذه البضائع لمصر، مثلما لديها مصلحة في بيعها لإيران.. الصفقة تجارية في المقام الأول وتوطد علاقات موسكو مع غيرها من الدول". ومنظومة "إس - 300" (S-300) الصاروخية هي منظومة دفاع جوي صاروخية بعيدة المدى روسية الصنع أنتجت من قبل شركة ألماز للصناعات العلمية (Almaz Scientific Industrial Corporation)، وللمنظومة عدة اصدارات مختلفة، وقد صُمم النظام لقوات الدفاع الجوي السوفيتية لردع الطائرات وصواريخ كروز طورت بعدها اصدارات أخرى لردع الصواريخ البالستية. وتم تطوير هذه المنظومة أول مرة من قبل الاتحاد السوفياتي (السابق) سنة 1979، وصممت للدفاع عن المعامل الكبيرة والمنشآت الحساسة والقواعد العسكرية ومراكز الرصد الجوي ضد ضربات الطائرات المعادية. وفي ال 13 من إبريل / نيسان الماضي، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما يرفع الحظر عن توريد أنظمة "إس-300" إلى إيران، وأعقب ذلك اتفاق على بحث جميع جوانب الصفقة، وتحضيرها خلال شهر واحد ومن ثم تنفيذها قبل نهاية السنة الحالية، حسب تصريحات لوزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان. ماتوزوف أوضح: "وزارة الدفاع الروسية أبدت استعدادها على تزويد إيران بالمنظومة الدفاعية في أي وقت، من خلال مستودعات وزارة الدفاع الروسية، والبضائع موجودة، الأمر نفسه ينطبق على القاهرة". وأضاف: "ليس هناك مشكلة من جانب موسكو، فهي يمكنها بيع هذه المنظومة، الموجود في خزانة الجيش الروسي، ثم يتم تعويضها في فترة من عام ونصف إلى عامين عقب تصنيعها، المشكلة تكمن في خيار المشتري هل يشتري فوراً أم ينتظر عام ونصف إلى عامين وهي أقصى مدة للتصنيع". وفي 5 مايو / أيار الماضي، نقل موقع "صوت روسيا" الإخباري (حكومي) عن مسؤول رفيع المستوى بوزارة الدفاع الروسية، دون أن تسميه إن "موسكو وفقا للصفقة الموقعة مع مصر في إطار التعاون العسكري، بدأت في شحن أجزاء منظومة صواريخ (إس - 300) إلى القاهرة"، وهو النبأ الذي لم تؤكده او تنفيه القاهرة أو موسكو رسميا. ماتوزوف نفي "وجود معلومات تفيد بتسليم هذه البضائع"، في إشارة إلى المنظومة الدفاعية، غير أنه استدرك بالقول: "لا شيء يمنع هذا، لا سيما أن مدة عامين هي المدة المطلوبة لتصنيع المنظومة من جديد، إذا رغبت في القاهرة في هذا الخيار". في السياق ذاته، كشف مسؤول عسكري روسي في تصريح مقتضب ل"الأناضول" عن وجود مفاوضات بشأن صفة منظومة صواريخ (إس - 300)، متحفظا على الحديث عن أي تفاصيل أخرى بشأنها. المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب لوائح السرية العسكرية، قال: "لا يوجد ما يتم التصريح بشأنه حالياً، المفاوضات لا تزال جارية، في حال اتمام هذه الصفقة فسيتم الإعلان عن هذا في حينه". التحفظ ذاته بدا في تصريحات مسؤول عسكري مصري حيث قال ل"الأناضول": "من حقنا أن نبحث عما هو في صالح أمننا القومي، لماذا نتحدث عن أمور كهذه لوسائل الإعلام، هذه أمور تتعلق بالأمن القومي المصري، وإذا ما وجدنا مصلحة في إعلانها سنفعل؟"، دون أن يؤكد أن ينفي صحة الأنباء المنشورة بشان الصفقة. وفي شهر نوفمبر/ تشرين ثاني، قال موقع "صوت روسيا" الإخباري، إن مصر تسلمت، في 2014 منظومة صواريخ "إس – 300" الروسية المضادة للجو والمعروفة أيضا ب"أنتي – 2500"، قبل أن تصدر "المؤسسة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري والتقني"، وهي مؤسسة معنية حكومية معنية بالإشراف على صفقات وعقود الأسلحة بين روسيا والدول الأجنبية، بيانا جاء فيه: "لا تؤكد المؤسسة المعلومات التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الروسية والأجنبية حول عقد صفقة لتزويد مصر بمنظومات صاروخية من طراز إس 300". كان الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين التقيا في القاهرة في ال 10 من شهر فبراير/ شباط الماضي، لمناقشة عدد من القضايا الدولية والعسكرية والتعاون النووي. ووقعت مصر وروسيا على مذكرة تفاهم لإقامة أول محطة نووية في الضبعة (شمال غربي مصر) لتوليد الطاقة الكهربائية، ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الاستثمار. ومنذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز 2013، شهدت العلاقات المصرية الروسية تقاربا ملحوظا، وتبادل رئيسا البلدين الزيارات.