اعتبر مسئولون حكوميون صوماليون، وفنانون وكتاب، وأفراد من المجتمع المدني أن تراجع دور الثقافة خلق مساحة لتطرف الشباب، داعين إلى استبدال صوت الرصاص بأصوات الغناء والرقص لمكافحة التطرف. جاء ذلك خلال أمسية ثقافية احتفالا بيوم الثقافة الصومالي الخميس الماضي، شارك خلالها فنانون ومسئولون وكتاب صوماليون، نظرائهم الكينيين من أصل صومالي، والصوماليين الذين يعيشون في نيروبي، نظمتها مفوضية الاتحاد الأوروبي في الصومال. وفي تصريحات لوكالة "الأناضول"، على هامش الحدث الثقافي، أعرب وزير الثقافة والسياحة الصومالي، محمد عبدي حاير، عن إصرار حكومته علي إحياء الثقافة الصومالية واستبدال صوت الرصاص بأصوات الغناء والرقص لمكافحة التطرف بين الشباب. وقال الوزير الصومالي: "نسمى أمة من الشعراء، والصومال تحارب منذ 25 عامًا. وخلال هذه الفترة، شهدنا تراجعًا في الثقافة الصومالية، ما خلق مساحة لتطرف الشباب". ويخوص الصومال حربًا منذ سنوات، مع حركة الشباب، كما يعاني من حرب أهلية منذ عام 1991، عندما جرى الإطاحة بالرئيس آنذاك محمد سياد بري تحت وطأة تمرد قبلي مسلح. وأشار حاير إلى أن وزارته تعرف أهمية الثقافة الصومالية. وأضاف: "نحيي الثقافة الصومالية؛ لأننا نعرف أنها ستلعب دورًا حيويًا في إحلال السلام والاستقرار والمصالحة والتلاحم في الصومال". واعتبر الوزير أنه "حان الوقت للشباب الصومالي، أن يتوقف عن سماع دوي إطلاق النار، بعد ربع قرن من الشقاق العنيف، ويعتادوا على (سماع) صوت الطبول والرقص بدلا من ذلك". وتابع: "لقد بدأت وزارتي مجددًا إشراك الشبان الصوماليين في فرق لتعزيز ثقافتنا". ومضى قائلا: "نحن مستمرون في تعزيز ثقافة الغناء والرقص والشعر، التي بدورها توفر فرص العمل لشبابنا". وأوضح أنه "في هذه الأيام من التطرف الذي يهدد الصومال والمنطقة والمجتمع الدولي، يوفر تعزيز الثقافة الصومالية بديلا قويا". ودعا حاير المجتمع الدولي لمساعدة بلاده خلال المرحلة الانتقالية حتى يمكنها الوقوف بمفردها والمضي قدما. وأردف: "من أجل مواجهة الروايات الإرهابية حول الدمار والعنف، يجب علينا إحياء ثقافتنا. الإرهابيون يدركون أهمية الثقافة، وهذا هو السبب في أنهم ضد ثقافتنا وتقاليدنا". من جانبه، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصومال، ميشيل سيرفوني دورسو، إنه من الضروي بالنسبة للأشخاص من مختلف مناحى الحياة الالتقاء ومناقشة الثقافة الصومالية. وقال لوكالة الأناضول: "هناك رغبة في إحياء طيف واسع من الثقافة الصومالية، وتجاوز الخلافات السياسية وتصحيح المناقشات العشائرية". وأضاف: "هذا (الحدث الثقافي) يجلب الفرحة لشعب الصومال لتبادل ثقافتهم، وتقاليدهم مع أجنبي يشبهني". وحضر حفل افتتاح هذا الحدث الثقافي زعيم الأغلبية في البرلمان الكيني، أدن بير دوالي، وهو من أصل صومالي، إلى جانب العديد من المشاركين الذين ارتدوا الزي التقليدي. وأشار السفير، سيرفوني، إلى أن الصومال بحاجة إلى "الوقت للتعافي" بعد عقود من الصراع كان له أثره على الهوية الوطنية الصومالية وتراثها الثقافي الغني. بدوره، أعرب نور الدين فرح، وهو كاتب وأستاذ فلسفة صومالي شهير، عن حرصه على شرح أهمية الثقافة للشباب الصومالي. وقال للأناضول: "لقد ولدت في وقت كانت القدرة على الكلام تكمن في ألسنة الآخرين. وأمي وأبي كانا غير متعلمين". وأضاف: "في صباي، لم أستطع حتى قراءة القرآن. ولكن في وقت لاحق، بعد التحاقي بالمدرسة، تعلمت القراءة والكتابة". وتابع: "حصلت على تكريم (حافظ القرآن)، وهو لقب يطلق على أولئك الذين يحفظون الكتاب الكريم من الذاكرة". واختتم بالقول: "في الوقت الحاضر هناك بعض الشباب الصوماليين الذين بنفس المراحل التي مررت بها. وأنا هنا لتحفيزهم وتبادل ثقافتي وتقاليدي معهم". وتأسست حركة "الشباب المجاهدين" عام 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكرياً تنظيم القاعدة، وتُتهم من عدة أطراف بالإرهاب، وتقول إنها تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الصومال. وتسيطر حركة "الشباب المجاهدين" على أجزاء من وسط وجنوبي الصومال، إلا أنها بدأت في فقد سيطرتها أمام قوات من الاتحاد الأفريقي والجيش الصومالي، وهو ما يدفعها لشن هجمات على مسؤولين حكوميين وقوات أمن. ومع ذلك، واصلت حركة "الشباب" شن هجمات تستهدف مسئولين حكوميين ورجال أمن.