جاء تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده اليوم "الاربعاء" فى العاصمة القبرصيةنيقوسيا ، لموقف مصر الثابت تجاه القضية القبرصية القائم على ضرورة وحدة الشعب القبرصى بكل طوائفه وسيادة واستقلال أراضيه ليلقى الضوء على هذه القضية ذات الجذور حيث تطمح جمهورية قبرص باستعادة الأراضي الخاضعة لسيطرة جمهورية شمال قبرص التركية، رغم فشل كل المحاولات الدولية المبذزولة لتوحيد الجزيرة و اعتراف المجتمع الدولي بسيادة جمهورية قبرص على جميع أراضيها . وترجع جذور الأزمة القبرصية إلى ما بعد استقلالها في أغسطس عام 1960 ، وبعد اعلانها جمهورية مستقلة ذات سيادة على خلفية الاتفاقات الموقعة في كل من لندن وزيورخ والتي وضعت نهاية للكفاح الوطني المسلح ضد الحكم الاستعمارى البريطانى ، ولم ينعم الشعب القبرصى كثيرا بثمار هذا الكفاح وتضحياته في سبيل الحصول على استقلاله ، حيث أدت بعض البنود التي تضمنتها الاتفاقات الموقعة بمرور الوقت إلى أزمة دستورية وحرب أهلية وتدخل أجنبى ، ولم يعد هناك ذاك الوئام الذي طالما سعى إليه سكان الجزيرة والأسوأ من ذلك انتهكت سيادة قبرص، بحسب وكالة "أ ش أ". ورفض الجانب التركى جميع الجهود الرامية إلى تعديل الدستور، حيث عمدت تركيا إلى تكريس سياسة طويلة المدى لشطر الجزيرة وتجزأتها، الأمر الذي أدى فى النهاية إلى اندلاع مصادمات طائفية عامى 1963 و1964 وتم رسم ما يسمى بالخط الأخضر الذي يمر خلال نيقوسيا ، وفى الوقت ذاته نشط زعماء الحركة الانفصالية والمتطرفين من القبارصة الأتراك لتنفيذ المخطط التركى الاستيطانى والتوسع في البلاد . وأدى الانقلاب الذي قامت به جماعات مسلحة مدفوعة ضد الحكومة القبرصية الشرعية فى عام 1974 إلى استغلال تركيا الفرصة والتي انتظرتها كثيرا ، وقامت بغزو الجزيرة القبرصية بقواتها العسكرية منتهكة بذلك ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولى والمبادئ الأساسية التي تحكم علاقات الدول بين بعضها. ونتيجة لذلك أصبح 2ر36 بالمائة من مساحة الجزيرة واقعا تحت الاحتلال التركى (يتحكم شمال البلاد في أكثر من 70 بالمائة من النشاط الاقتصادي في الجزيرة القبرصية) ومازال يخضع لسيطرة القوات التركية حتى الآن ، تم طرد حوالى 200 ألف من القبارصة اليونانيين من هذا الجزء - وهم يمثلون أكثر من ثلث السكان - أصبحوا الآن يعيشون كالاجئين في وطنهم ، وفي المقابل عمد الاحتلال التركى إلى توسيع سياسة الفصل العنصرى واجبار القبارصة الأتراك على الانتقال للعيش في المناطق المحتلة من الجزيرة. وقام الأتراك برسم خط فاصل شطر البلاد إلى جزئيين أطلق عليه "خط آتيلا" (نسبة إلى الاسم الحركى الذي أطلقته انقرة على غزوها المسلح للبلاد)، هذا الخط الذي قسم قبرص منذ العام 1974، وبعد أربعة قرون من العيش المشترك والسلام الاجتماعى بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك انقسمت الجزيرة بالقوة. وأبقت أنقرة على قوة عسكرية مجهزة بأحدث المعدات العسكرية قوامها أكثر من 43 ألف جندي لمواصلة احتلال الجزء الشمالي من الجزيرة ، ومنذ احتلالها لهذا الجزء بلغ عدد الذين جلبتهم تركيا للإقامة بصورة غير شرعية في البلاد أكثر من 160 ألف شخص سعيا لتغيير التركيبة السكانية في البلاد في تحد صارخ للقوانين الدولية ومبادئ الشرعية. ونتيجة للهجرة الجماعية التي يقوم بها القبارصة الأتراك من المناطق المحتلة (بسبب الظروف التي فرضها الاحتلال التركي) ازداد عدد القوات التركية والمستعمرين الجدد بصورة كبيرة الأمر الذي فاق عدد السكان الأصليين من القبارصة الأتراك. وفي عام 1983 واصلت القيادات القبرصية التركية المتعاونة مع أنقرة تكريس سياسة الوضع الراهن وبقاء الحال على ما هو عليه بإعلانها الجزء المحتل "دولة مستقلة" مما دفع مجلس الأمن لشجب هذا القرار الانفصالى وإدانته والدعوة إلى سحب الإعلان فورا، ومن المثير للسخرية أن تركيا كانت الدولة الوحيدة بين جميع دول العالم التي أسرعت بالاعتراف بهذه الدولة المزعومة. وقام النظام غير الشرعى في الجزء الشمالي المحتل إلى اتباع سياسة "التتريك" في الوقت الذي اتخذت فيه خطوات حثيثة لتدمير التراث الثقافي والحضاري لقبرص الممتد لأكثر من احدى عشرة ألف عام ، وتطبيقا لهذه السياسة تم استبدال الأسماء اليونانية بأسماء تركية وتدمير أماكن العبادة والمواقع الأثرية والتاريخية ولم تسلم المقابر اليونانية "حديثها وقديمها" من الهدم والتدمير لمحو الهوية اليونانية تماما ، وانتهكت المقدسات اليونانية ونهبت القطع والأعمال الفنية والأثرية التي لا تقدر بثمن والتي تعد جزءا هاما من التراث الإنساني وتم تهريب الكثير منها إلى خارج البلاد. وعلى الرغم من المناشدات العديدة وأصوات الاحتجاج من قبل الحكومة القبرصية واصل النظام الحاكم فى الجزء الشمالى المتعاون مع أنقرة سياسته المدمرة للتراث الإنساني حتى اليوم.