جابر نصار : وحدة الشعب في خطر وقيم المجتمع وثوابته الدينية تحطمت عميد دار علوم: العلم لا يغني عن الأخلاق وبدونه لا حضارة ولا أمم حامد طاهر: الإسلام الصحيح غائب عن الدعاة قبل العوام حسن الشافعى : ضعف مستوي التعليم و تهاون الأسر سبب رئيسي فيما نعانيه من تدنِ أخلاقي صرح د جابر نصار رئيس جامعة القاهرة بأن ثوابت التربية والقيم في مصر اهتزت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وقال إن وحدة المصريين أصبحت في خطر، إذ تحطمت كافة المثل والقيم الأخلاقية والدينية والإنسانية العليا وطالب بسرعة وضع استراتيجية واضحة لمواجهة هذا الخطر المحقق . وتساءل نصار "كيف يستخدم الدين في جلد البشر وقتلهم وكيف لدين أرسله الله وكتب على خلقه أن يختلفوا حوله ويصبح الاختلاف بينهم سنة وبرغم هذا لا يحترم البشر ذلك، مضيفا أنه على مدار أكثر من نصف قرن أصبح الفن معول هدم لكثير من الثوابت والقيم الأخلاقية، وضرب نصار مثالا بالمستشفيات الحكومية قائلا " أكثر من خمسين بالمائة من المستشفيات لا يوجد بها تمريض لأنه لا يريد أن يعمل بهذه المهنة بعد تشويهها وكذلك المدرس معلم الأجيال انهارت صورته قيميا وأخلاقيا أيضا . وتابع "الإرهاب يختفي وراء ستائر الدين وكلما قضى على دولة استدار على أخرى ونحن الآن أمام تحد كبير ومواجهة تاريخية لم تحدث منذ قرون طويلة علينا أن نشحذ همم أبنائنا وعقول العلماء والأدباء والفلاسفة لنهضة الأمة بثقافتها ودينها وشبابها فاليوم هو يوم الملحمة . جاء ذلك خلال اختتام فاعليات المؤتمر الدولي الثامن عشر لقسم الفلسفة الإسلامية، والذي عقد على مدار يومين بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة تحت رعاية رئيس الجامعة ، وحمل عنوان "التربية الأخلاقية والتحديات المعاصرة". مشاركة 13 دولة وخلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أكد الدكتور عبد الراضي محمد عبد المحسن، رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، أن دراسة الفلسفة الإسلامية ليست من نوعا الترف العقلي عديم الفائدة وإنما دائما تقدم للمجتمع أفضل الحلول لمشكلاته. ولفت إلى أن قسم الفلسفة الإسلامية حمل على عاتقه دائما التصدي للأفكار الخاطئة والمتطرفة التي ظهرت في المجتمع العربي، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وثورة 30 يونيو التصحيحية. كما أشار عبد الراضي إلي مشاركة 56 باحثا علميا من ثلاث عشر دولة قدموا جميعا أبحاثا تخص المؤتمر لهذا العام، منوها إلى أن الباحثين تقدموا بأطروحات رائعة للتفكر والتدبر ولتفعيل القيم الأخلاقية للخروج من الأزمة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية وذلك لتقدم ورقي العالم العربي والإسلامي. أزمة أخلاق ومن جانبه قال الدكتور علاء رأفت عميد كلية دار العلوم ورئيس المؤتمر إن العلم لا يغني عن الأخلاق وأنه لا توجد أمة دون أخلاق سواء كانت وحشية أو إنسانية، مضيفا "الاولى تؤدي إلى الزوال والثانية إلى الرخاء والنماء ، مشددا على ضورة تنمية الأخلاق وترسيخ القيم والمبادئ للأفراد". وأضاف أن الأزمة التي تعيشها المجتمعات العربية الآن هي أزمة في أخلاق لأن الأمم تبقى ببقاء الأخلاق وتذهب بذهابها، مطالبا بتدريس الأخلاق والتربية في جميع سنوات الدراسة وإصلاح برامج التعليم ومحاسبة التلميذ على التفريط في مثله وقيمه الأخلاقية بنفس القدر الذي يحاسب فيه على تفريطه في واجباته المدرسية. وأشار رأفت إلى أهمية وسائل الإعلام والجرائد تحديدا في الحض على الفضيلة والأخلاق وإظهارها في ثوبها الرشيد ومكافأة المؤلف الجيد بما يليق به، مشددا على الدور الذي يقوم به العلماء والمفكرين "العلماء يأمرون والحكام ينفذون". مواجهة الخطر الجديد وفي السياق ذاته قال الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، أن المفهوم الصحيح للإسلام غائب عن الدعاة والناس وأصبح الجانب الأخلاقي للوعاظ فقط، واعتبر الدور التنويري الذي يقوم به الإعلام في التربية جزءا لا يتجزأ من منظومة القيم الأخلاقية الواجب توافرها في حياة البشر. وحدد طاهر في كلمته التي ألقاها بالمؤتمر مصادر الأخلاق في الدين الإسلامي سواء في القرآن الكريم أوالسٌنة النبوية وحياة الصحابة وسير الشخصيات المتميزة في تاريخ الإسلام أمثال عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد والرازي وابن النفيس والغزالي وابن الجوزي وغيرهم من العظماء. المدرسة أغفلت التربية وشدد طاهر على المنظمة الأخلاقية في التربية ظلت بعيدة عن بوابات المدارس فأصبحت تزود التلاميذ بالمعلومات فقط وأهتمت بالامتحانات والمناهج الدراسية وأغفلت التربية . وقال أستاذ الفلسفة الإسلامية إنه في وقت من الأوقات وضع فكرة لتطبيق تلك المنظومة القيمية في مدارسنا بشكل إلزامي وهي تحويل الأخلاق لمنهج دراسي في المرحلة ما قبل الجامعية، بحيث لا يقتصر على الشرح فقط وإنما يقدم على هيئة قصة قصيرة أو مسرحية ولكنه عدل عن الفكرة لتأكده من أن الطالب المصري سيهمل هذه المادة بعد الامتحان. ضعف التعليم وأكد الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية والأستاذ بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم في تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية "محيط" أن الأخلاق هي جوهر الرسالة الإسلامية والدينية بوجه عام، وأنه يجب أن تنتقل القيم الأخلاقية من مجرد معتقدات وأفكار فقط لتصبح مسئولية أخلاقية وقرار شخصي ، مشيرا إلى أن فكرة القبول بالقيم السامية تكون أولا نابعة من سلطة الضمير الإنساني وحده دون أي سلطة أخرى باعتبارها يدا سامية مقبولة لنا عقائديا ووجدانيا وهذا هو الانتقال من الفكر للثقافة". وتابع "الفلسفة تركت ميادين كثيرة للعلم وأصبحت مقتصرة على قيم الحق والخير والجمال، أو الفلسفة القانونية الشرعية والفلسفة الأخلاقية ثم الفلسفة الفنية، وهذه الثلاث ما تزال مسرح للفلسفة وحدها والمقومات الثقافية للمجتمع، وعندما نقول الثقافة الإسلامية فإننا نقصد القيم الأساسية الأخلاقية للأفراد المنتمين إلى هذه الأمة"، مشيرا إلى أن هناك ضعف في التعليم والمدرسة وتهاون الأسرة في التنشئة الأخلاقية للأفراد. ثمان دول في اليوم الأول يذكر أن في اليوم الأول لفاعليات المؤتمر استقبلت جامعة القاهرة أورق بحثية مختلفة ومتتالية لباحثين من ثمان دول عربية وإسلامية شملت تحدثت في مباحث التربية الأخلاقية ودورها في تنمية المجتمع وكيفية تفعيلها. النظام التعليمي والأسس الأخلاقية البداية كانت في ماليزيا، هكذا بدأ الدكتور توفيق ثاني محمد كلمته عن أهمية صلاح النظام التعليمي لكي تترقي الأسس الأخلاقية لدي الطلاب، وقال إن ماليزيا بدأت تفعيل هذه المنظومة تحت عنوان" دور نظام التعليم التكاملي في التربية الأخلاقية" وكانت مدرسة عدن الإسلامية نموذجا أوليا يحتذى به في تطوير المنظومة الأخلاقية بالمدارس هناك . ومن جانبه أشار الدكتور عمر إدريس أستاذ الدارسات الإسلامية بجامعة الإمام المهدي بجمهورية السودان، إلى أن التمسك بالسُنة النبوية لها أثر بالغ في تعزيز القيم الأخلاقية، مضيفا أنها تعتبر المصدر الأساسي للقيم والأخلاق، وشددت الدكتورة معنصر مسعودة من دولة الجزائر، على دور الأسرة في التربية الأخلاقية. فلسطين تشارك في المؤتمر وشهد اليوم الثاني للمؤتمر حضورا قويا مع عرض العديد من الورقات البحثية المتميزة التي شهدت تنوعا شديدا ، من حيث الباحثين المشاركين والدول المختلفة، وكان للمملكة العربية السعودية نصيبا وافرا من الأبحاث والباحثين بالإضافة للباحثين المصريين، وشاركت دولة فلسطين مشاركة متميزة بتمثيل قوي للدكتور خليل عودة عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الجناح، الذي أكد في ورقته البحثية على ضرورة توجيه البحث العلمي نحو التطوير والإبداع. كما شاركت دول أفريقية مختلفة بأبحاث وأطروحات متعددة، حيث شهدت قاعة المؤتمر تواجدا قويا لكل من نيجيرياوالجزائر، ولم تؤثر الأحداث الساخنة في ليبيا واليمن على حضور باحثين من تلك الدول أملا فى الوصول بمسار البحث العلمي وتطلعات الرقي والتقدم إلى مستوى يليق بدولهم ،وشاركت كل من الهند وأذربيجان مشاركة فعالة في فعاليات اليوم الثاني . جدير بالذكر أنه شارك في المؤتمر ما يقرب من 56 باحثا وافدا من 13 عشر دولة عربية وإسلامية، قدموا جميعا عددا من الأوراق البحثية المهمة التي تناولت قضايا التربية الأخلاقية وتأثيرها في تنمية المجتمع.