بعد قيام وزير الداخلية الجديد مجدي عبد الغفار بحلف اليمين أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، توجه مباشرة إلى مكتبه فى ديوان عام وزارة الداخلية بشارع الشيخ ريحان بوسط القاهرة، وبمجرد دخوله إلى مكتبه استدعى على الفور اللواء أيمن جاد مساعده لقطاع شئون الضباط؛ للاطلاع على الخريطة الداخلية للوزارة والوقوف على مدى احتياجات مختلف المواقع الشرطية من الكوادر البشرية المؤهلة لقيادتها والوصول بمعدلات الأداء الأمنى إلى المستويات التى تلبى طموح المواطنين. فوجئنا جميعا بقيام وزير الداخلية بعد توليه لمهام منصبه الجديد بيومين فقط بإصدار حركة تغييرات وتنقلات واسعة فى قيادات الوزارة، شملت نحو 36 لواء من مساعدى الوزير، فضلا عن عدد من القيادات الوسطى ببعض المواقع الشرطية، وهى الحركة التى أكدت أنه وضع خطة على المدى القصير من أجل تفعيل الأداء الأمنى والارتقاء به إلى المستويات المطلوبة؛ خاصة بعد أن راعت الحركة وضع قيادات الداخلية فى الأماكن التى تؤهلهم خبراتهم للعمل بها، وكذلك تغيير جناحى العمل الأمنى بالوزارة، وهما قطاع الأمن الوطنى المختص بتحقيق الأمن السياسى والذى ترأسه اللواء صلاح حجازى الذى يعد أحد أهم الكوادر الأمنية التى تم إبعادها عن العمل بالجهاز إبان حكم الإخوان، وقطاع مصلحة الأمن العام المختص بتحقيق الأمن الجنائى، والذى ترأسه اللواء كمال الدالى صاحب الخبرة الكبيرة فى مجال البحث الجنائى. وبعد أن قام وزير الداخلية باعتماد الحركة، اضطر بعد توليه مهام منصبه بخمسة أيام فقط إلى السفر مسرعا إلى الجزائر فى رحلة استغرقت حوالى 22 ساعة لحضور فاعليات مؤتمر وزراء الداخلية العرب، وعاد من العاصمة الجزائرية إلى مدينة شرم الشيخ لتفقد الإجراءات الأمنية الخاصة بالمؤتمر الاقتصادى، وإلى كان يمثل حلما لجميع المصريين من أجل دفع عجلة الإنتاج والاستثمار والعمل، وبالفعل نجح بالتنسيق مع القوات المسلحة فى تأمينه بشكل أبهر الجميع، كما نجح فى تأمين القمة العربية التى عقدت أيضا فى شرم الشيخ بعد حوالى أسبوعين. وعندما جاء اللواء مجدى عبدالغفار وزيرا للداخلية، فطن إلى التحديات التى تواجه العمل الأمنى فى تلك المرحلة من عمر البلاد، وهى المتمثلة فى محاولة العناصر الإرهابية زعزعة أمن واستقرار الشارع المصرى وترويع المواطنين من جانب، ومن جانب آخر ضرورة التعامل مع البؤر الاجرامية التى مثلت تهديدا حقيقيا لسلامة المواطنين، بل أن خطرها امتد أيضا إلى تهديد حياة المواطنين بعد لجوء العناصر الإرهابية إلى الاستعانة بالمجرمين والمسجلين خطر لتنفيذ مخططاتهم الخسيسة التى تستهدف المنشآت الهامة والحيوية بالبلاد، فضلا عن تحد آخر من داخل الوزارة، وهو المتمثل فى تجاوزات بعض الضباط أو الأفراد تجاه المواطنين. وعقد وزير الداخلية اجتماعا موسعا مع عدد من مساعديه، لوضع خطة التعامل الأمنى التى سيتم تنفيذها على المدى القصير لتفعيل الأداء؛ حيث أكد لهم أن الوقت قد حان للانطلاق بالعمل الأمنى لآفاق جديدة تلبى متطلبات المرحلة الحالية؛ وذلك من خلال العمل على الرصد المبكر للمخططات الإرهابية وتوجيه الضربات الاستباقية للعناصر الإرهابية أو الإجرامية، لأن سياسة رد الفعل غير الحاسم أصبحت عملا نمطيا لا يواكب الجنوح الشديد لأعمال العنف واستخدام السلاح والمتفجرات ضد أجهزة الأمن والقوات المسلحة والمواطنين الأبرياء من جانب عناصر الشر والإرهاب، وكذلك أهمية الارتقاء بمستوى التدريب وتطويره وتنويعه، والتوعية المستمرة بمتطلبات العمل الأمنى من جدية وانضباط ويقظة كاملة للتصدى لجميع محاولات لنيل من استقرار الوطن. ونجح وزير الداخلية الجديد خلال شهر واحد فقط فى وضع استراتيجية أمنية قائمة على شقين أساسيين، الأول يتمثل فى العمل على شعور المواطن بالأمن والأمان وبالثقة فى قدرات الأجهزة الأمنية، أما الثانى فيتمثل فى تحقيق الردع لعناصر الإرهاب والإجرام، والتعامل الحاسم مع العناصر الإرهابية والإجرامية وفق القانون، وملاحقة ومتابعة وضبط كل من تسول له نفسه التورط فى عمل إرهابى أو إجرامى أو يرفع السلاح ضد عناصر أجهزة الأمن. لقد شهد الشارع المصرى تراجعا كبيرا وملحوظا فى معدل العمليات الإرهابية؛ وذلك من خلال العديد من الضربات الاستباقية الموجعة التى وجهتها الأجهزة الأمنية للمخططات الإرهابية، وكذلك الحرب الشرسة التى بدأتها لتصفية البؤر الإجرامية على مستوى الجمهورية. ضبط 23 خلية إرهابية إخوانية وتكفيرية ضمت 115 عنصرا بعدة محافظات على صعيد الأمن السياسى، وجهت الأجهزة الأمنية خلال الشهر الذى تولى فيه اللواء مجدى عبدالغفار مهام وزارة الداخلية ضربات موجعة للعناصر الإرهابية؛ حيث نجحت فى ضبط 23 خلية إرهابية بمديريات أمن بورسعيد، والقاهرة، وكفر الشيخ، وبنى سويف، والغربية، والمنيا، والفيوم، والجيزة، والدقهلية، والإسكندرية والشرقية، ضمت 115 عنصرا من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابى والتنظيمات التكفيرية والمتطرفة الموالية له، وبحوزتهم العديد من الأسلحة النارية والذخائر، والعبوات الناسفة المعدة للتفجير، وكميات كبيرة من المواد الكيميائية والأدوات التى تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة؛ لتورطهم فى ارتكاب عدد من الوقائع الإرهابية والأعمال التخريبية التى استهدفت التأثير سلبا على مقومات الاقتصاد المصرى، من خلال تفجير بعض أبراج الضغط العالى، ومحطات الكهرباء ومياه الشرب، وإضرام النيران بسيارات الخدمة العامة وسيارات رجال الشرطة والقضاه. ومن أبرز من تم ضبطهم الإخوانى إسلام شعبان شحاتة سليمان المتورط فى تفجير دار القضاء العالى، والذى أسفر عن وفاة اثنين من المواطنين وإصابة آخرين من المواطنين ورجال الشرطة؛ حيث اعترف أمام النيابة العامة باشتراكه مع آخرين فى زرع عبوة ناسفة أمام قسم شرطة الطالبية بالجيزة، والتى أسفرت عن استشهاد النقيب ضياء فتحى بإدارة المفرقعات أثناء تفكيكها، واستهداف تمركز لقوات الأمن بجوار محطة أتوبيس جامعة عين شمس، ووضع عبوة بجوار التمركز الأمنى بسينما رادوبيس بالهرم، وتفجير عبوة بشارع طلعت حرب "ممر بهلر"، وزرع عبوة انفجارية أسفل شجرة بجوار تمركز قوات الأمن بمنطقة حدائق القبة، واستهداف تمركز أمنى أمام مستشفى الهرم بعبوة انفجارية "تم تفكيكُها بمعرفة رجال المفرقعات". وكذلك من أبرز الضربات القوية لمخططات الإرهاب الخسيسة، قتل قائد ما يسمى ب"تنظيم أجناد مصر"، الإرهابى الهارب همام محمد أحمد على عطية، والذى اتخذ من إحدى الشقق السكنية بمنطقة الطوابق بالهرم، وكرا للاختباء به والتخطيط والإعداد لتنفيذ مخططاته العدائية التى استهدفت فى مجملها رجال الأمن، وأسفرت عن استشهاد العديد منهم على مدار الفترة الماضية؛ حيث داهمة قوة من قطاع الأمن الوطنى ومديرية أمن الجيزة والأمن المركزى الشقة، وتمكنوا من قتله بعد تبادل لإطلاق النار معه على مدى حوالى 3 ساعات، وضبط بحوزته بندقية آلية، وطبنجة، و4 عبوات ناسفة معدة للتفجير، إحداها مزودة بمغناطيس لتثبيتها أسفل السيارات المستهدفة، و18 عبوة غير مكتملة التجهيز، وكمية كبيرة من الأدوات ومستلزمات تصنيع العبوات المتفجرة، و77 ألف جنيه، وعملية القبض عليه تمثل تغيرا نوعيا فى آلية العمل، حيث أنها اعتمدت على تجنيد المصادر السرية وتوفير المعلومات اللازمة لملاحقة وضبط تلك العناصر الإرهابية الخطيرة. وذلك الإرهابى الخطير كان من أبرز قيادات تنظيم أنصار بيت المقدس، قبل أن ينشق عنه عام 2013 ، ويؤسس ما يسمى ب(تنظيم أجناد مصر)؛ حيث اضطلع من خلاله بتشكيل العديد من الخلايا التنظيمية وإعداد عناصرها فكريا وتدريبهم على إعداد وتصنيع العبوات المتفجرة التى استخدمها التنظيم فى حوادثه الإرهابية التى ارتكزت فى مجملها على استهداف رجال الشرطة والقوات المسلحة وإصدار التكليفات بتنفيذها، والتى بلغ إجماليها 26 حادثا إرهابيا، من أبرزها استهداف القوات المتمركزة بميدان النهضة لتأمين جامعة القاهرة بثلاث عبوات ناسفة, والتى أسفرت عن استشهاد العميد طارق المرجاوى وإصابة 4 آخرين، واستهداف نقطة مرور ميدان لبنان بعبوة ناسفة مما أسفر عن استشهاد الرائد محمد جمال، واستهداف سيارة العميد أحمد زكى بمدينة أكتوبر، مما أسفر عن استشهاده، وتفجير عبوتين ناسفتين بمحيط قصر الرئاسة (الاتحادية)، مما نتج عنه استشهاد ضابطين من خبراء المفرقعات (المقدم محمد أحمد لطفى, والعقيد أحمد أمين عشماوى) أثناء محاولتهما إبطال مفعولهما، وتفجير عبوة بشارع 26 يوليو خلف مبنى وزارة الخارجية، والذى أسفر عن استشهاد اثنين من ضباط الشرطة (المقدم خالد سعفان, والمقدم محمد أبوسريع) وإصابة 6 مجندين، وتفجير عبوة ناسفة استهدفت تمركزا أمنيا بمحيط قسم شرطة عين شمس بالقاهرة، ونتج عنها استشهاد الرائد مصطفى شميس، وزرع عبوة ناسفة بمحيط قسم شرطة الطالبية بالجيزة، أسفرت عن استشهاد أحد خبراء المفرقعات (النقيب ضياء فتحى فتوح) وإصابة إثنين من القوات أثناء محاولتهما إبطال مفعولها، واستهداف القوات المعينة لتأمين سفارة "الكونغو"، مما أسفر عن استشهاد المجند أيمن السيد سالم وإصابة إثنين آخرين، واستهداف كشك مرور أمام محكمة مصر الجديدة بعبوة ناسفة، والتى أسفرت عن استشهاد العريف عبدالله محمد عبدالله وإصابة أربعة آخرين، وتفجير عبوة ناسفة أمام دار القضاء العالى، مما أسفر عن استشهاد اثنين من المواطنين وإصابة 9 آخرين، وتفجير عبوة ناسفة أسفل سيارة " بسام أحمد جامع محمد رشوان " ضابط احتياط بالقوات المسلحة بالمعاش بشارع رمسيس مما أدى لاستشهاده. كما نجحت الأجهزة الأمنية فى إلقاء القبض على 1359 من القيادات الوسطى لتنظيم الإخوان الإرهابى، والتنظيمات الموالية له، من المتهمين فى قضايا اقتحامات أقسام ومراكز الشرطة، والمشاركة فى الأعمال العدائية والتحريض عليها على مستوى محافظات الجمهورية. تصفية 203 بؤر إجرامية ضمت 3155 من العناصر الإجرامية الخطرة فى 6 محافظات أما على صعيد الشق الجنائى، فقد نجحت الأجهزة الأمنية فى مجال تصفية البؤر الإجرامية التى تأوى العناصر الجنائية شديدة الخطورة، فى استهداف 203 بؤر اجرامية بمديريات أمن القليوبية، والدقهلية، وبورسعيد، ودمياط، والشرقية، وأسيوط، ضبط بهم 3155 متهما بحوزتهم 105 قطع أسلحة نارية شملت 41 بندقية آلية، و4 مسدسات، و32 فرد محلى الصنع، و4 بنادق مششخنة، و24 بندقية غير مششخنة، و1090 طلقة نارية مختلفة الأعيرة، وورشة لتصنيع الأسلحة النارية، و5 قنابل يدوية، و4 قطع أسلحة بيضاء، و165 كجم من نبات البانجو المخدر، و4 كجم من مخدر الحشيش، و3036 قرصا مخدرا. وفى مجال ضبط الأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة عن ضبط 3318 قطعة سلاح نارى، شملت 556 بندقية آلية، و10 رشاشات، و77 بندقية مششخنة، و668 بندقية غير مششخنة، و303 مسدسات، و1704 فرود محلية الصنع، و40 ألفا و749 طلقة مختلفة الأعيرة، وفى مجال التشكيلات العصابية عن ضبط 170 تشكيلا عصابيا شملوا 520 متهما اعترفوا بارتكابهم 623 حادث سرقة متنوع، وفى مجال كشف غموض حوادث الخطف عن كشف غموض وضبط المتهمين وإعادة المجنى عليهم سالمين فى 18 واقعة، وفى مجال كشف غموض السرقات عن كشف غموض وضبط المتهمين فى 81 واقعة سرقة بالإكراه، و245 واقعة سرقة مساكن، و215 واقعة سرقة متاجر، و269 واقعة سرقة سيارات، و21 واقعة سرقة ماشية و129 واقعة سرقة باسلوب النشل. كما أسفرت الجهود فى مجال ضبط قضايا الإتجار فى المواد المخدرة عن ضبط 3532 قضية ضمت 3838 متهما، بحوزتهم 7 أطنان و805 كجم من نبات البانجو المخدر، و3 أطنان و384 كجم من مخدر الحشيش، و30 كجم من مخدر الهيروين، و5ر8 كجم من مخدر الأفيون، و45 مليونا من الأقراص المخدرة، و863 جم من نبات الفودو المخدر، وضبط أحد تجار المخدرات لقيامه بغسل قرابة 20 مليون جنيه من تجارته غير المشروعة، وفى مجال ضبط العناصر الخطرة والهاربين وذوى الأنشطة الإجرامية عن ضبط 276 مراقبا هاربا، و2624 متهما هاربا و9002 من المسجلين خطر. كما أسفرت الجهود فى مجال تنفيذ الأحكام عن تنفيذ 653 ألفا و331 حكما قضائيا متنوعا، شملوا 6548 حكم جنايات (مخدرات – سلاح – قتل – سرقة بالإكراه )، و309 آلاف و486 حكم حبس، و55 ألفا و760 حكم حبس مستأنف، و211 ألفا و641 حكم غرامات، و69 ألفا و896 حكم مخالفات، فيما بلغ إجمالى المبالغ المالية المتحصلة 120 مليونا و952 ألفا و280 جنيها. وزير الداخلية ومواجهة تجاوزات بعض الضباط والأفراد ولم يتبق للواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية سوى تحد وحيد، بدأ بالفعل فى التعامل الحاسم معه، وهو التحدى المتمثل فى تجاوزات بعض الضباط أو الأفراد بحق المواطنين، والتى تمثل خطورة كبيرة على العلاقة الحالية بين المواطن ورجل الشرطة، والتى تحسنت بشكل كبير بعد ثورة 30 يونيو، وهو ما دفع وزير الداخلية إلى التأكيد فى أكثر من مناسبة وأكثر من اجتماع مع مساعديه على حرص الوزارة على العلاقة القوية بين الشرطة والمواطنين، ورفضها لكافة أوجه التجاوز أو القصور فى الأداء من قبل بعض رجال الشرطة. وأكد وزير الداخلية أن تلك التجاوزات تدخل فى إطار السلوك الفردى، مشددا على أنها لا تعبر بأى حال من الأحوال عن استراتيجية الوزارة ومنهج العمل داخل كافة قطاعاتها، وناشد المواطنين بالتواصل الفورى مع الأجهزة الأمنية المعنية بالوزارة فى حالة أية واقعة تجاوز تمثل انتهاكا لحقوقهم، وذلك من خلال موقع الوزارة على شبكة الإنترنت، أو من خلال البريد الإلكترونى، أو أرقام شكاوى قطاع حقوق الإنسان أو بريده الإلكترونى. وشدد اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية على ضرورة أن تكون كافة إجراءات الحملات التى تشنها وزارة الداخلية لاستهداف المحكوم عليهم فى إطار من الشرعية والقانون؛ وذلك لتحقيق التواجد الأمنى الفعال، وتفعيل قدرة رجال الأمن على إنفاذ القانون من خلال ملاحقة العناصر الإجرامية والمحكوم عليهم الهاربين من ذوى الأنشطة الإجرامية وضبطهم وتسليمهم للعدالة، وكذلك الحفاظ على جسور الود والثقة والتعاون التى أرستها ثورة 30 يونيو بين المواطن ورجل الشرطة.