دخلت عمليات "عاصفة الحزم" لقوات التحالف العربي على مواقع للحوثيين المدعومين بقوات عسكرية للرئيس اليمنى السابق أسبوعها الثاني في غياب أي حل سياسي للازمة التي عصفت باليمن على مدى السنوات الاربع الماضية والتي تفاقمت في ظل سيطرة الحوثيين العسكرية والسياسية على العاصمة صنعاءومحافظات يمنية أخرى منذ شهر سبتمبر الماضي . ووفقا لوكالة " أ ش أ"، لم يقم الحوثيون بأي رد فعل على عمليات القصف التي تعرضت لها مواقعهم العسكرية في جميع المحافظات اليمنية خاصة معقلهم الرئيسي في صعدة والذى شهد منذ حوالى 3 أسابيع مناورة كبيرة شاركت فيها وحدات من الجيش في رسالة للداخل والخارج عن قوتهم وكان رد فعلهم هو التنديد بالعدوان والتضييق على حرية الاعلام بمنع الصحف المعارضة لهم من الصدور واغلاق المواقع الاخبارية الاليكترونية مع الابقاء على وسائل الاعلام التابعة لهم ولحليفهم حزب المؤتمر بزعامة الرئيس السابق على عبد الله صالح مع تنظيم مظاهرات للتنديد بالعدوان . أما حزب المؤتمر - حليف الحوثيين - فلم يكن في تخطيطه أن تقوم السعودية بأي عمل لمناصرة الشرعية وتفاجأ بهذا الموقف وحاول زعيمه صالح طرح مبادرات لحل الازمة ودعا الى وقف لإطلاق النار والعودة للحوار لم تجد سبيلا لدى دول التحالف التي حملته الجزء الاكبر من المسئولية لدعمه الحوثيين فتوارى عن الانظار تاركا لحزبه التحرك ولم يجد أمامه سوى الدعوة لتظاهرة كبرى غدا الجمعة للتنديد بالعدوان والمطالبة بوقفه . والسؤال الآن الذى يطرحه اليمنيون حاليا هو :...هل سيتحمل الاقتصاد اليمنى تكاليف الحرب المفروضة والاحتياطي النقدي في البنك المركزي يتجاوز 4 مليارات دولار بقليل منها مليار دولار وديعة سعودية لدى البنك لا يمكن التصرف فيها والباقي يكاد يفي لاستيراد السلع الغذائية والمواد البترولية التي تستورد من الخارج لأقل من 4 أشهر .. بالتأكيد أن الاقتصاد اليمنى لن يتحمل هذه الاعباء حتى وان حاول الحوثيون المتحكمين في السياسة والاقتصاد في البلاد فتح حسابات في البنوك لتقديم الدعم للدفاع عن البلاد ضد العدوان كما يقولون فلن يؤدى هذا الى أي نتيجة تذكر حتى ولو أجبروا رجال الاعمال على التبرع لان المواطنين ليس لديهم أي أموال في الاساس ويعتمد أغلبهم على راتبه الحكومي كما أن النشاط الاقتصادي أغلبه استهلاكي وزراعي يعتمد على التعاملات التجارية ولا توجد أنشط انتاجية بدرجة كبيرة . وبالفعل بدأت آثار الصعوبات الاقتصادية تضرب اليمنيين وتمثلت في بدايات أزمة وقود فأغلقت العشرات من محطات الوقود في العاصمة اليمنية والمحافظات الاخرى أبوابها لعدم وصول البنزين والسولار اليها وتكدست السيارات أمام المحطات للتزود بالوقود مما جعل المواطنون يقومون بتعبئة أي شيء من المحطات وتخزينه ...فأصدرت شركة النفط اليمنية تعليمات لمحطات الوقود بعدم صرف أكثر من 40 لترا لكل سيارة ومنع تعبئة البراميل أو الجراكن بالوقود نهائيا وتشديد الاجراءات الامنية لمنع خروج الوقود الى خارج المحافظات للسيطرة على عمليات التهريب .. ولكن هل ستنجح هذه الاجراءات في حل المشكلة خاصة وأن المعروض قليل بالأصل. كما بدأت آثار غلق المطارات والموانئ تظهر في قلة المواد الغذائية المستوردة بالإضافة الى قيام المواطنين منذ بدء عمليات عاصفة الحزم في تخزين المواد الغذائية خوفا من عدم توافرها مستقبلا مما أدى الى ارتفاع بعض أسعار المواد الغذائية بحوالي 30 % الامر الذى سيزيد من أعباء المواطنين ومعدل الفقر والذى يصل الى حوالى 60 % من عدد المواطنين وهم حوالى 25 مليون نسمة . وكان البنك المركزي اليمنى قد نجح في الفترة الماضية في الحفاظ على سعر العملة المحلية لفترة طويلة وحتى ان جاء هذا النجاح بفضل المساعدات الخليجية وعلى رأسها من السعودية والدول الاخرى المانحة فان هذه المساعدات قد توقفت بعد دخول الحوثيين صنعاء كما غادرت بعثات البنك الدولي وتوقفت المشروعات الانمائية التي كانت تمولها لمساعدة اليمنيين وعلى الاخص في مجال توفير المواد الغذائية لنحو 8 ملايين مواطن مما سيزيد من الضغط على العملة اليمنية وبدأت هذه الآثار تظهر في انخفاض قيمة العملة بنحو 2 % في اليومين الماضيين فتقرر وقف التعامل بالدولار وصرف مدخرات المواطنين بالريال اليمنى بعد اقدامهم على سحب مدخراتهم وتحويلاتهم من الخارج بالدولار تحسبا للأيام القادمة. وهناك مشكلة أخرى ستواجه اليمنيين وهى كيفية توفير الخدمات الطبية سواء في العاصمة أو في المحافظات الاخرى خاصة التي تشهد قتالا في محافظات الجنوب وزيادة عدد القتلى والجرحى .. وزاد من هذه المشكلة مغادرة العاملين في المجال الطبي من دول آسيا وعلى رأسهم الهنود وهم الجانب الاكبر في البلاد خاصة في مجال التمريض وقد استغاثت محافظة عدن التي تشهد قتالا بين المقاومة الجنوبية الى أطلقت على نفسها هذه الاسم بعد نقل الحوثيين الحرب الى محافظاتهم، بالأطقم الطبية اليمنية لعلاج الجرحى ودفن المتوفين التي تكدست بهم ثلاجات المستشفيات كما أن انقطاع التيار الكهربائي بالمحافظات لمدد طويلة يفاقم أزمة المستشفيات كما ستعانى المحافظات الاخرى من مغادرة هؤلاء لليمن. وفى ظل هذه الاوضاع التي ستتفاقم خلال الايام القليلة القادمة ..وفى ظل غياب أي افق لحل سياسي للازمة خاصة من جانب الحوثيين والمؤتمر ماذا سيفعل المواطن اليمنى لتدبير احتياجاته المعيشية اليومية .. ليس أمامه من سبيل الا انتظار حل من الخارج قد يطول أمده فيما يقوم بتحميل الحوثيين والمؤتمر مسئولية ما حدث وسيحدث في اليمن والتي بدأت تتزايد في اليومين الماضيين.