أنا مصري من أصل شامي لا يغتفر احتشامي / حينطلق من حيشاني صوت الجموع المفرد أنا مصري من أصل شامي لكني لم استورد / ولا أباع إلا بالعملة المحلية
اليوم 30 أكتوبر تمر ذكرى ميلاد صاحب هذه الكلمات الشاعر الكبير فؤاد حداد عام 1927، الذي يريد منذ طفولته أن يصبح شاعراً, و حين سئل عن السبب أجاب "لأساعد الناس حتى تكون حياتهم أفضل".
بدأ النشاط الأدبى للشاعر متزامناً مع نشاطه السياسى عام 1944 وهو تلميذ بالمدرسة حيث كان ينشر قصائده فى الدوريات الأدبية والجرائد الحزبية، أول دواوين فؤاد حداد كان اسمه "أفرجوا عن المسجونين السياسيين"، وقد صدر هذا الديوان عام 1952 تحت اسم "أحرار وراء القضبان" بسبب الرقابة والاسم الأصلى صار اسماً للمقدمة. يقول حداد : اركب حصانك يا شاطر حسن فى السجن ست الحسن والجمال بينك وبينها الحارس الغبى والباشا والمملوك والأجنبى الله أكبر صلى ع النبى واحمل حسامك يا فتى العرب
تم اعتقال فؤاد حداد للمرة الأولى من عام 1953 إلى 1956 وقد أفرج عنه لمدة شهرين فقط عام 1954 وفى هذه الفترة كتب الشاعر ملحمة الشهيد الإيرانى التى اعتبرها انطلاقة شعرية جديدة له ويتجلى فيها تضامنه مع حركات التحرر والمقاومة فى العالم أجمع وتضم هذه الملحمة عدة قصائد عن كفاح وبطولات الشعب الإيرانى وقت تأميم البترول.
وفى نفس الوقت كتب قصائد يحكى عن كفاح الشعب الفيتنامى ضد الاستعمار وقد ضمهم ديوانه "بقوة الفلاحين وقوة العمال" الذى صدر فى 1968. وبعد خروجه من المعتقل الأول 1956 أصدر ثانى دواوينه "حنبنى السد"، اعتقل فؤاد حداد للمرة الثانية من إبريل 1959 إلى أبريل 1964، وفي أيام التعذيب فى معتقل العَزَب قرر أن يكتب كل يوم قصيدة ليرفع من الروح المعنوية لزملائه. يقول في إحدى قصائده :
الفجر حتى فى العزب حتى ولو خفت النهار فجر وجميل قلبى اللى بالسلك انضرب وبكل أنواع الحصار الفجر شفته من الطرب تحت العصافير الصغار غصناً يميل
وكتب أيضاً ملحمتين عن الشهيدين شهدى عطية وفريد حدّاد اللذين قتلا فى التعذيب وللأسف تمت مصادرتهما فى المعتقل.
وكتب أيضا ديوان "رقص ومغنى" وفيه يتفرد بعمل قصائد عن الحيوانات تعرض صفاتها وتتحدث بلسانها ووزن كل قصيدة وإيقاعها يشبه حركة الحيوان أو الطائر.
بعد خروج فؤاد حداد من المعتقل 1964 استكمل قصائد ديوان "الأراجوز" الذى بدأه فى المعتقل ونشر أجزاء منه فى صباح الخير ونشر كاملاً بعد وفاته.
ثم بدأ سنة 1964 فى كتابة ديوانه الشهير "المسحراتى" تلك الشخصية الرمضانية التى توقظ الناس للسحور وقد حولها الشاعر لإيقاظ الوطن والضمائر وما زال يقدم فى الإذاعة حتى الآن.
وبعد نكسة 1967 انطلق " فؤاد حداد" يكتب بكل طاقاته وكان أكثر الأدباء انتاجاً ، وأول بيت قاله بعد الحرب "الأرض بتتكلم عربى" مستحضراً التاريخ العربى الإسلامى ليكون حافزاً للمقاومة، وكتب ديوانه "من نور الخيال وصنع الأجيال فى تاريخ القاهرة" وقدم بشكل غنائى
ومابين 1967 و 1973 كتب كثيرا من الأغانى الوطنية مثل " ازرع كل الأرض مقاومة" ، "حى معايا الخطوات" و "الجيرة والعشرة".
وبعد العبور كتب أغنيات كثيرة منها "مصر دايماً مصر" و"طلعنا فى شمس الضهريه" وكتب 15 قصيدة للمسحراتى وقصيدتى "حق الجهاد" و"القمر على القنطرة الشرقية" ونشرت معظم قصائد هذه المرحلة فى ديوان "كلمة مصر" سنة 1975 الذى لم ينشر له غيره طوال فترة السبعينات.
من يناير 1980 وحتى وفاته أول نوفمبر 1985 كتب ما يقرب من ثلثى أعماله وبدأها قائلاً "آدى أيام العجب والموت".
يقول في ديوانه "مواويل من أول الدنيا" الذي صدر عام 1982:
الحقّ بالحقّ لا بأصول ولا تقليد/ من بطن موّالي باتلقّى عشَر مواليد/ وغصن موّالي بيزهّر عشَر ورقات/ أنا في اختراع الأمل صاحب عَشَر براءات/ ساقت غمامه تلاقي السور وتتمرجح/ عاطل من الصبر بين الرايحه والجايّه/ تسقيني قطر الندى في الفجر لما ارجع/ بعمّه وصديري باعرج حبّه وشويّه زي الجنايني/ جديداً من جديدين/ حرُّ اليديْن في نور الجوّ بيدندش
ومن قصيدته "واحد من اتنين" نقرأ:
واحد من اتنين ما يعجبوش العجب كلامى فى الفاضى قبل المعاش يعمل قاضى يقعد على القهوه قصادى يُطلُب عجمى و يقول عجبى أنا بالعربى كدا مش راضى مش راضى عن أيها حاجه لا التربيه ولا التوعية ولا أغنيه عن الزراعية ولا بنت تركب دراجة ولا الشئون الاجتماعية تصرف إعانة لمحتاجه و لا طابور الجمعية و لا السمك فى التلاجة و أقول له نهضة صناعية
ومن ديوانه الشهير "المسحراتي" نقرأ:
مسحراتى فى الطريق الصعب/ منقراتى و كل دقه بقلب/ إحنا الشعب المصرى أول سيرة الإنسان/ احنا من صخر العزيق والصبر/ واحنا من طل وندى المواويل/ زى ما اتعود علينا النيل/ زى ما اتعود علينا العطش/ يمكن خطأنا فى الزمان الطويل/ كان من سبيل الرحمه والحنيه/ يصعب علينا فى يوم نفارق عيالنا/ وماجاش فى بالنا/ زى العرق: الدم يبنى البيوت/ يا اللى الشقا من ست آلاف حبنا/ اللى يزرع واللى يصنع خير بيعرف ربنا/ واللى يعدل فى نصيب اليتيمه يعرف ربنا/ واللى بينوّر طريق المدينه يعرف ربنا/ واللى يضرب فى قلوب الأعادى يعرف ربنا/ سجدت لله الكريم الهادى/ والمشى طاب لى/ والدق على طبلى