أبو غازى يعرض للثقافة فى زمن التحولات .. و يقدم مقترحات لمجتمع ديمقراطى أبو غازى لمحيط : لست مع إلغاء وزارة الثقافة ..والمجتمع المدنى سينجح فيما فشلت فيه أبو غازى : المجتمع مقسم بين التكفير والتخوين عكاشة : المثقفون متعجرفون ..و إن لم يعجبهم العسكر فليطرحوا البديل تحدث د . عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق عن " السياسات الثقافية فى زمن التحولات " ، عارضا رؤيته لدور الثقافة فى مجتمع ديمقراطى ، و أكد أبو غازى أن وزارة الثقافة فشلت فى مهمتها على مدار 60 عاما ، و قد حان الوقت للمجتمع المدنى بالاضطلاع بمهمام تنوير المجتمع و تثقيفه ، فهو القادر على ما فشلت فيه وزارة الثقافة . جاء ذلك خلال ندوة مناقشة كتاب " الثقافة فى الفترات الانتقالية – مصر بعد ثورة 25 يناير " الصادر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية فى مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك ، برعاية المؤسسة الثقافية السويسرية بروهيلفيسيا . و عرض د. سعيد المصرى لمقال أبو غازى ، الذى ذكر فيه : أن التحولات السياسية الكبرى في المجتمعات تستدعى دومًا الحاجة إلى صياغة سياسات ثقافية جديدة تتلاءم مع عملية التحول وتأتي في سياقها، كما أن التحولات الكبرى أيضًا تمهد لها تغيرات ثقافية في المجتمع؛ فالثورة فعل ثقافي في المقام الأول، والعلاقة بين الثقافة من ناحية والسياسة من ناحية أخرى علاقة تفاعلية، بل نستطيع القول أن السياسة ممارسة وأفكارًا هي جزء من ثقافة المجتمع. الثقافة و التحولات مع قيام ثورة 25 يناير ،و ثورات الربيع العربى ، اصبحنا فى حاجة إلى سياسات ثقافية جديدة ، و رصد أبو غازى التغيرات الجوهرية في مجال الثقافة التى مهدت للتحولات الكبرى وتعقبها فى مصر ، من خلال ثلاث ثورات شعبية كبرى في تاريخها الحديث كان لها آثارها في المجال الثقافي كما كانت لها مقدمتها الثقافية والفكرية، ثورة 1805 التي أطاحت بالباشا العثماني ونصّبت محمد علي حاكمًا على مصر، والثورة العرابية في 1881، وثورة 1919. كما استعرض أبو غازى بنية المؤسسات الثقافية الحديثة في مصر منذ نشأتها فى عصر محمد على ، مع التركيز على السنوات الستين للحكم الشمولي التي ظهرت فيها وزارة الثقافة . وتحدث أبو غازى فى مقاله عن كيف مهدت الثقافة لثورة 25 يناير ، من خلال رموز الثقافة الذين تصدروا الحركات الاحتجاجية و ظاهرة المدونات التى هاجمت سياسات الدولة من التوريث و الفساد ، و دعوتها للتغيير ، و خلق " ثقافة بديلة " بدلا من الثقافة الرسمية للدولة ، من قبل الجماعات الثقافية المستقلة ، و حدوث اضراب 6 أبريل ، وصولا للثورة كان دالا على تغيير أساسي في سلوك المجتمع وثقافته السياسية. وعلى مستوى الإبداع ظهرت في السنوات السابقة على الثورة أعمال عديدة فضحت فساد النظام وحرضت على الثورة عليه، سواء في مجال السينما أو المسرح أو الأنواع الأدبية المختلفة، وربما نشير هنا إلى أفلام مثل "هي فوضى" ليوسف شاهين "وحين ميسرة" لخالد يوسف و"بنتين من مصر" لمحمد أمين و"عين شمس" لابراهيم البطوط، وروايات مثل: "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني و"أسفار الفراعين" لعز الدين شكري فشير و"مقتل الرجل الكبير" لإبراهيم عيسى و"طلعة البدن" لمسعد أبو فجر و"أمريكنلي" لصنع الله إبراهيم و"أجنحة الفراشة" لمحمد سلماوي التي صدرت قبل الثورة بأيام قليلة . وفي أعقاب قيام الثورة شهد الواقع الثقافي والإعلامي حراكًا على مستويات متعددة، فمن ناحية انتشرت ظواهر إبداعية جديدة تعبر عن الحالة الثورية، كان أبرزها في مجالي الغناء والفن التشكيلي، ويمكن أن نعتبر أن الجرافيتي الذي غطى حوائط مصر سلاحًا من أسلحة الثورة وتوثيقا لها في ذات الوقت، وخرج من رحم الثورة مبدعون جدد تفاعلوا مع الحدث، وازدات جرأة لغة الإبداع وأدواته ولم يعد يحدها سقف، كذلك عاد الفن والإبداع إلى الشارع ليحتك بالجماهير مباشرة، من خلال تجارب كان أبرزها "الفن ميدان" ، كما ظهرت العديد من الأعمال الفنية فى مختلف المجالات تستوحى الثورة و تعالجها . الانقسام الثقافى حذر أبو غازى من الانشطار الثقافى الحقيقى الذى نعانى منه ، و الذى انتهى بحالة من الانقسام في الجماعة الثقافية المصرية حول السياسات الثقافية للدولة، وبوضع يشوبه قدر كبير من عدم الثقة بين وزارة الثقافة وقطاع مهم من المثقفين والمبدعين ، و ضعف ميزانية الثقافة ، و عدم وجود رؤية واضحة للوزارة ، و عدم التوزيع العادل للأنشطة الثقافية على مستوى الوطن ، انتهت بوزارة متضخمة بجهاز بيروقراطي يضم عشرات الآلاف من العاملين، الكثير منهم غير مؤهلين للعمل بالأجهزة الثقافية. و لفت أبو غازى أن حالة المجتمع توطن لأفكار التطرف ، فمجتمعنا يعانى من انقسام شديد بين التكفير و التخوين . وقال د. سعيد المصرى معقبا على مقال د. عماد أبو غازى ، أنه لا يمكن إن نتحدث عن السياسات الثقافية بدون وجود قاعدة للبيانات ، مؤكدا أن استخدام التكنولوجيا هام جدا لخط تلك السياسات . و أشار أن الدراسات تثبت أن فشل المؤسسات الثقافية جاء بسبب سيادة الانقسامات فى المجتمع ، و أن كل جهة تدعى أنها لها أحقية التنشئة الثقافية كالمؤسسات الدينية ، و سيادة البيروقراطية و التحيزات على المؤسسات الرسمية . الثقافة فى المجتمعات الديمقراطية من جانبه عرض د.عماد أبو غازى لرؤيته لدور الثقافة فى مجتمع ديمقراطى أن وزارة الثقافة فشلت على مدى 60 عاما فى تأدية دورها ، و أن عليها أن تفصح المجال للمجتمع المدنى الأكثر قدرة على النجاح فيما فشلت فيه وزارة الثقافة و أكثر وصولا للناس ، و أن يقتصر دور الدولة على توفير الخدمات الثقافية للمواطن كالمكتبات و المتاحف ، و إتاحة النشاط الثقافى و عدالة توزيعه ، و إصدار منظومة تشريعات لحماية الإبداع و المبدعين و حرية التعبير و الملكية الفكرية . أما فيما يخص ديمقراطية الإدارة اقترح غازى أن تكون الإدارة داخل المؤسسات منتخبة ، و إدارة قصور الثقافة من خلال النواب ، و أن يكون هناك مجالس أمناء من المواطنين فى المراكز الثقافية المختلفة ليشاركوا فى وضع السياسات الثقافية الأنسب للمواطن . و قال أبو غازى أنه كان هناك توجه لإلغاء الوزارت الخدمية كالثقافة و الإعلام و التربية و التعليم و التعليم العالى ، و اعتماد نظام المجالس كالمجلس الأعلى للثقافة ، و تولية المثقين الدور الثقافى ، و لكن بعد اغتيال السادات ، توقفت الفكرة ، و استخدمت وزارة الثقافة لتوطيد الهوية العربية ، مشيرا أن سياسات وزارة الثقافة ليست واضحة ، و أنها بدأت كوزارة ارشاد لتوجيه الناس لأفكار معينة لتكريس النظام و لكنهم حتى فشلوا فى هذا . وردا على تساؤل شبكة " محيط " ، قال د. عماد أبو غازى : أنا لست مع إلغاء وزارة الثقافة فعليها أن تقوم بدورها فى حماية التراث الوطنى كالمتاحف و غيرها ، و لكن التثقيف من دور المجتمع المدنى ، و هو أكثر وصولا للناس ، و أقدر على النجاح فى المهمة التى فشلت فيها وزارة الثقافة ، و لكن لن يحدث ذلك ، إلا أن كفوا أيديهم عن المجتمع المدنى ، و توقفوا عن حصاره و محاربته . أما عن الدعم ، قال وزير الثقافة الأسبق ، أنه ليس " منة " من الحكومة ، فهى أموال الشعب ، و أن دور الحكومة هى عدالة التوزيع لضمان نشر الثقافة بجميع المحافظات . النخبة و الثقافة كما عرض د. سعيد المصرى لمقال د. سعيد عكاشة " السياسة الثقافية فى برامج الأحزاب المصرية بعد ثورة 25 يناير " ،و كيف أن أغلب الأحزاب فى برامجها عن الثقافة ، لم تتعدى العبارات الإنشائية الفضفاضة دون آليات واضحة للتنفيذ ، لتسديد خانة دون اهتمام حقيقى بدور الثقافة فى التحول الديمقراطى ، فى حين أن التيارات الدينية لها وجهة على نقيض الوجهة الثقافية . و يذكر المقال أن تلك الأحزاب نفسها كانت جزء من الأزمة ، و ذكر المصرى إن ظلت الأحزاب الليبرالية غير قادرة على القيام بدورها و سد الفراغ ، سيعود الناس من جديد إلى التيارات الإسلامية و ليس بالضرورة للسلطة و لكن فى الشارع ، و هنا يأتى دور النخبة الثقافية التى إن ظلت بعيدة عن الشارع سيظل الحال كما هو عليه . من جهته قال سعيد عكاشة أن جزء كبير من النخبة المثقفة معادية للآخر ، ضاربا مثال بلويس عوض و فكره العلمانى و حلمى قاعود و فكره الإسلامى ، وكيف أن كلا منهما ذو فكر استبعادى للآخر و لا يؤمن سوى بفكره فقط ، مشيرا أن النخبة الثقافية متعالية و متعجرفة ، و اذا كانوا ضد الديكتاتوريات العسكرية ووجود العسكر فى الحكم ، فعليهم طرح البديل . أما عن رؤية الأحزاب للثقافة فلم يتم تحديثها منذ عام 1995 ، و مازالت تتحدث بلغة تقليدية بعيدة عن الشباب ، و لا يوجد سوى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى تحدث عن السياسات الثقافية ، و كذلك حزب الدستور . و عن التيارات الدينية قال عكاشة أن أفكارها ضد التنوع و تقبل الآخر ، و عن عودة الأحزاب الإسلامية قال عكاشة أن المصريين أكثر وعيا من ذلك ، مؤكدا أنهم لن يعودوا للسلطة من جديد لأن هذا يعنى حدوث حرب أهلية .