مرسوم على وجوههم الألم والأسى.. ملابس مقطعة.. يسرعون إليك حفاة القدمين بجمل وعبارات محفوظة دون تعب أو كلل كي تشفق عليهم (والنبي يا أبلة حاجة لله ،مكلتش من الصبح، اشتري مني المناديل دي، أي حاجه أي حاجه أي حاجه...) إلى أن يفيض بك، فإما أن تعطيهم ما يريدون، أو تتركهم يهلهلون، أو تلحقهم بالشتائم والضر. أطفال الشوارع.. بأحلامهم البسيطة وبأهدافهم الغير معروفه، وببراءة الأطفال التي كادت أن تختقي، يقطعون المسافات، ويتعرضون لأبشع المعاملات، ويلقو ن بأنفسهم إلى التهلكة، لأسباب كثيرة. فمنهم من يفعل ذلك من أجل مساعدة الأهل، ومنهم من لا يجد له بيتًا يأويه فيتخذ من الشارع ملجأ له، ومنهم الهارب من معاملة الأهل القاسية أو ربما لعدم اهتمام الأهل به فهو واحد من ضمن 7 أخوات في غرفه واحدة.. اضطروا جميعا للجوء إلى الشارع. التقت شبكة الإعلام العربية "محيط" بمجموعة من الأطفال، وشاركتهم الحديث عن تجربتهم مع الشارع، وعن قسوة الدنيا الذين حرموا من متعتها. 5 أطفال بنتان وثلات أولاد أكبرهم لا يتعدى عمرة 15 عاما، جميعهم أقارب من بلدة واحدة يقطعون كل يوم مسافة حوالي من 20 إلى 25 كم من أجل "الشحاتة" وبيع المناديل والبلاستيك. منة الله تقول: "بنسافر بالقطار (ببلاش) نركب القطار من الساعة 7.30 صباحا كل يوم من أجل بيع المناديل وعند بيعها، نقوم بالشحاتة من الناس في الشوارع وعلى الطرقات ونجمع هذه الأموال في نهاية اليوم ونعطيها لأهالينا". وتقول ياسمين وهي ابنة عم منة الله: ( بنرجع في قطار الساعة السادسه مساءً ) نجد الأكل مطبوخ نتغدى وننام، وكل يوم على هذا الحال. وعن أمنيتها وهدفها في الحياه تقول ياسمين: "نفسي أدخل المدرسة وأتعلم ومانزلش الشارع، وأجيب ملابس جديدة في العيد، وألعب مع أصحابي"، وكذلك كانت أمنية منة الله. وعن المضايقات التي تقابلهم تقول منه الله: "في ناس بتضربنا، وفي ناس بتعطينا فلوس، وفي شتائم وبتتقضي". في ذات السياق "محمد وصبحي وأمين" جيران من نفس منطقة "ياسمين، ومنة الله"، محمد يقوم بشراء المناديل بقيمة خمس جنيهات ويبيعها كل صباح،وصبحي يعمل على تجميع البلاستيك وبيعه وهي مهنة والده أيضا ،وأمين يشحت طوال اليوم. وعن أمنيتهم في المستقبل.. يقول محمد: "مش نفسي في حاجة"،وصبحي يتمنى أن يصبح بائعًا للبلاستي مثل والده،وأمين يتمنى اللعب والراحة. واللافت في الأمر أن جميعهم يمتلكون بيوت، ولديهم أسر ولكنها كبيرة العدد، تصل إلى الثلاثة والأربعة، ويجبرون على النزول في الشوارع للمساعدة في علاج أب مريض أو أخت مقبلة على الزواج أوالمشاركة في مصاريف البيت. فهل سيدفع هؤلاء الأطفال ثمن وضريبة جهل آباءهم ويقتلون براءتهم وطفولتهم التي من الممكن أن تتحول في يوم من الأيام إلى قنبلة موقوتة، ويصبحون مجرمين هدفهم الوحيد هو السرقة، لأن المال في مخيلتهم هو السلاح الذي سينقذهم من جميع مشاكلهم التي يعانون منها؟ .