يتحين المبدع الإقليمى فرصة لوجود نافذة يطل منها بإبداعه ، فيجد عقبات كثيرة وصولا لدروب الأروقة الثقافية فى القاهرة ، والتى غالبا ماتحكمها "الشللية " والمعارف حتى ولو كان المنتج الأدبى لايرقى للنشر . البعض منهم فضل التواجد فى مكانه وصدر إبداعه عبر منافذ إعلامية لم تعطه حقه واكتفى بأن إبداعه الجيد يجب أن يسعى إليه الإعلام ، وإن كان مقره فى القاهرة ، والبعض الآخر سوّق نفسه بإبداع محترم واهتم بالظهور عبر الميديا وحقق نجاحات تليق بقامته الإبداعية . وكثير من مبدعى الأقاليم اشتهروا من أماكنهم ، ولم تكن القاهرة مقصدا إلا لاستلام الجوائز ، وتحرروا من عقدة المركزية الثقافية التى تهيمن عليها العاصمة ، وكانت الإسكندرية خير نموذجا لهذا التحرر بما ميزها كعاصمة ثقافية ثانية ،ووجود أشهر مكاتب العالم بها وهى مكتبة الإسكندرية ، وكان من أشهر أدباؤها الذين نالوا جوائز عديدة: إبراهيم عبد المجيد وانتصار عبد المنعم وغيرهم كثير . حول هذا الموضوع دارت ندوة بعنوان "اللامركزية الثقافية .. التجربة السكندرية (نموذجا) ، والتى أدارتها الدكتورة سهير المصادفة . الشاعر السكندرى ميسرة صلاح حكى عن اللامركزية الثقافية وقال إن الإسكندرية ليست إقليم أو مركز صغير وبها أدباء أثروا الحياة الثقافية فى عموم مصر بل والوطن العربى ، وتعد قبلة بعض الساردين الذين ضاقوا بصخب القاهرة وأقاموا فيها بشكل مستمر . و أضاف ميسرة : الأهم من إشكالية انتماء الثقافة لمكان معين هى وجود منتج أدبى راق يسعى الجميع لتسويقه ،و اللامركزية يمكن أن تكون فاعلة فى بعض النواحى الأدبية ككتابة الشعر والرواية والقصة القصيرة لكن هناك مجالات فنية معينة تجبر صاحب الإبداع فيها على التواجد فى القاهرة . ومنها مثلا الشعر الغنائى أو التمثيل أو كتابة السيناريو فهى فنون إبداعية تتطلب التواجد فى العاصمة للقرب من شركاء إنتاج العمل حتى يرى النور لأن القاهرة بها كل أدوات إنتاج العمل بالإضافة لعامل مهم ، وهو كثافة المتلقين التى لاتقارن بمحافظة أخرى . وأشار ميسرة إلى أن أغلب المبدعين فى مصر منتشرين فى الأقاليم ، و أن الهجرة إلى القاهرة لتسويق الإبداع لم تصبح كما كانت عليه من قبل ، لوجود متنفس بديل لتسويق الإبداع وهو شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعى .