جادك الغيث إِذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأَندلسِ لم يكن وصْلُك إِلاّ حُلمًا في الكرى أَو خُلسة المختَلِسِ هذا الموشح الأندلسى للسان الدين ابن الخطيب ، و الذى غنته " فيروز " كان يتردد فى أصداء افتتاحية الاحتفالية الثالثة ل " يوم الأندلس " الذى انطلقت صباح اليوم الأربعاء ببيت السنارى ، و شارك فيها العديد من الأكاديميون و المفكرون والأدباء ، تحت شعار " الأندلس بين الأدب و التاريخ " ، و الذى يقام برعاية مؤسسة البابطين بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية . استهل الافتتاح رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، د. خالد عزب، ونائب أمين عام مؤسسة البابطين للإبداع الشعري، د. محمد مصطفى أبو شوارب، ود. محمد زكريا عناني أستاذ الدراسات الأندلسية ، فى حين غاب عنه عضو مجمع اللغة العربية، د. صلاح فضل . و أكد نائب أمين عام مؤسسة البابطين للإبداع الشعري، د. محمد مصطفى أبو شوارب ، أن ضياع الأندلس أمر محزن ،وأنها ستظل لنا الحلم بالحضارة ، و أن البابطين أدرك ما تمثله فينا الأندلس ليطلق مبادرته من قرطبة منذ 13 عام لفتح بوابة للحوار بين الحضارات ، مشيرا لمساعيه المختلفة لتحقيق هذا بإقامةالدورات المختلفة و إنشاء كراسى بكبرى جامعات الأندلس و تحمل المصاريف الدراسية للراغبين فى دراسة اللغة العربية ،و إيفاد الطلاب الأسبان للتعلم بالجامعات العربية ، و إصدارالدراسات و البحوث المختلفة عن الأندلس ، و إطلاق مسابقة لتشجيع تلك الأبحاث . الموشحات الأندلسية د. زكريا عناني، أبرز المتخصصين العرب في الموشحات الأندلسية ، أمضى خمسون عاما مستغرقا فى الموشحات الأندلسية ، و منجذبا إلى الأندلس التى مثلت فينا الخيبة و الأمل ، على حد قوله . و قال عنانى إن فن الموشحات كان وليد التزاوج بين العرب و الأسبان بعد الفتح ، ليصور لنا تلك الأجواءالجديدة ، هذا النغم الرومانسى الذى اندمج مع النغم المشرقى ، و نشأ هذا الفن فى قرية بقريبة من قرطبة على يد "مقدم بن معافى القبري" ، و زعم بعض المؤرخين إن ابن عبد ربه صاحب " العقد الفريد " كان له إسهامات فى هذا الفن ،و لكن لا يوجد مايثبت ذلك . و اقتبس عن ابن ثناء الملك قوله : الموشحات تجمع بين كل المواصفات الشعرية العربية ، و تتميز بأنها تصدح بالغنائية ، فتصدح المرثيات بالنغم والحياة ، و قليلا ما نجد بها مرثيات . و ذكر عنانى إن المرحلة الاولى من هذا الفن لا نملك لها نصوصا ، بل أسماء فقط ، و أن النصوص تظهر منذ بدء القرن الخامس الهجرى دون أسماء بارزة ، أما الأسماء المتميزة فبرزت فى الموشحات منذ أواخر القرن الخامس و بداية القرن السادس، و لفت عنانى أن الزجل هو الوجه الآخر للموشح ، و أكد عنانى أن لسان الدين ابن الخطيب يمثل المرحلة الأخيرة فى الأدب الأندلسى و الذى لقب أنه " ذو العمرين " لأنها كان وزير غرناطة يتابع شئونها بالصباح، و فى الليل تبدأ شئون الكتابة و قد خلف 70 كتابا فى الطب و الصيدلةو الرحلات و التاريخ و الجغرافيا ، و برغم أن نصوص أزجاله لم تكن متاحة ، و لكن قال ابن خلدون عنه أنه " زجال هذا الزمان " ، و لفت عنانى أنه عثر على نصوصه أثناء نبشه فى نصوص هذا الفن ، و أن أشهر موشحاته " زمان الوصل بالأندلس " و تحدث عنانى عن النهاية الأليمة للسان الدين ، عندما كان ينهار كل ما هو عربى فى الأندلس ، و لم يتبقى للعرب سوى غرناطة ، و لكن رحل عنها لسان الدين خفية درءا للفتنة مع بنى الأحمر ، و لكنهم بدلا من الحرب مع الأفرنج انشغلوا بملاحقة لسان ابن الخطيب و أصدروا فتوى بقتله ، و تم سجنه ، و قتله فى سجنه ، و احراق جثته . و قرأ العنانى أبيات لسان الدين ابن الخطيب عن أفول حضارة الأندلس و رثائه لنفسه فى سجنه قائلا : بعدنا وإنَّ جاورتنا البيوت . . . و جئنا بوعظ ونحن صموت و أنفاسنا سكنت دفعة . . . ، كجهر الصلاة تلاه القنوت و كنا عظاماً فصرنا عظاماً . . . و كنا نقوت فها نحن قوت و كنا شموس سماء العلا . . . غربن فناحت علينا السموت فكم خذلت ذا الحسام الظبا . . . ذو البخت كم جدلته البخوت و كم سيق للقبر في خرقة . . . فتىً ملئت من كساه التخوت فقل للعدا ذهب أبن الخطيب . . .و فات ومن ذا الذي لا يفوت و من كان يفرح منهم له . . . فقل: يفرح اليوم من لا يموت و من أشهر موشحات ابن الخطيب " زمان الوصل بالأندلس " : جادك الغيث إِذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأَندلسِ لم يكن وصْلُك إِلاّ حُلمًا في الكرى أَو خُلسة المختَلِسِ إذ يقود الدّهرُ أَشتاتَ المُنى ينقلُ الخطوَ على ما يرسمُ زُمَرًا بين فُرادى وثُنًى مثل ما يدعو الوفودَ الموْسمُ والحيا قد جلَّل الرّوض سنا فثغور الزّهرِ فيه تبسمُ و أشار عنانى أن " ابن سهل " كان من أشهر من كتبوا الموشحات ، و كان يعد " شاعر المغرب و الأندلس" ، و كان أغلب الموشحين يتبعون أسلوب ابن سهل و يخالفون أسلوب ابن الخطيب .