تونس تعلن مساء الثلاثاء النتائج النهائية للانتخابات التاريخية للمجلس التأسيسي في تونس التي اكد مراقبو الاتحاد الاوروبي "شفافيتها" ويتوقع ان تؤكد الفوز الواضح لحزب النهضة الاسلامي. واكد مراقبو الاتحاد الاوروبي الثلاثاء ان انتخابات الاحد "تمت في اطار من الشفافية" مشيرين الى "تجاوزات لا معنى لها" خلال الاقتراع.
وقال بيان البعثة التي كانت اكبر مهمة مراقبين اجانب لهذه الانتخابات ان "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمكنت من تنظيم الانتخابات في اطار من الشفافية"، معربة عن "ارتياحها" لسير الاقتراع في الغالبية العظمى من المراكز الانتخابية.
واشارت البعثة الاوروبية الى انها لم تسجل سوى "تجاوزات لا معنى لها".
واضافت ان "هذه الانتخابات ترجمت الارادة الواضحة للشعب التونسي في ان تحكمه سلطات منتخبة ديموقراطيا".
ونظمت هيئة مستقلة للمرة الاولى في تاريخ تونس الانتخابات بدلا من وزارة الداخلية، وكانت موضع اشادة داخلية وخارجية.
واعلن حزب النهضة الاثنين انه تصدر المشهد السياسي الجديد في تونس وتوقع مسؤولوه ان يفوز بما بين ثلاثين واربعين بالمئة من مقاعد المجلس التأسيسي اثر انتخابات الاحد التي نظمت بعد تسعة اشهر من الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي بعد "ثورة الحرية والكرامة" التي دشنت "الربيع العربي".
وعنونت صحيفة "الشروق" الاوسع انتشارا صفحتها الاولى "النهضة تكتسح" في حين عنونت صحيفة "المغرب" المستقلة صفحتها الاولى "هل اقتربت النهضة من الحكم؟" مع تخصيص الصفحة لصورة لزعيم النهضة راشد الغنوشي وهو يمر امام عنصر من الحرس الرئاسي في وضع التحية.
وبحسب النتائج غير النهائية لتصويت التونسيين في الخارج التي اعلنتها الاثنين الهيئة الانتخابية، فقد حلت النهضة في المرتبة الاولى وحصلت على تسعة مقاعد من ال18 المخصصة لتونسيي المهجر من 217 مقعدا في المجلس التأسيسي.
وبانتخاب المجلس التأسيسي تعود الشرعية لمؤسسات الدولة. وتتمثل المهمة الاساسية لهذا المجلس في وضع دستور "الجمهورية الثانية" في تونس المستقلة.
وسيتعين على حزب النهضة التفاوض مع تشكيلات يسارية بينها خصوصا حزب المؤتمر من اجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي والتكتل من اجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر اللذين يتنافسان على الموقع الثاني مع توقعات بحصول كل منهما على نسبة تبلغ نحو 15 بالمئة.
وتشير الكثير من المصادر الى اتصالات جرت بين حزب الغنوشي وحزب المرزوقي (يسار عروبي) المنفيان في عهد بن علي في لندن وباريس، لكن لم يؤكدها علنا اي منهما.
واتهمت بعض الاطراف اليسارية الاخرى المرزوقي "بالتحالف مع الشيطان". غير ان المعارض التاريخي دافع عن ضرورة اقامة حكومة وحدة وطنية واسعة بفريق قوي "يملك القدرة على الحكم".
ونفى المرزوقي قطعيا في تصريحات لوكالة فرانس برس وجود اي تحالف مع النهضة قبل الانتخابات. وقال "ننتظر النتائج النهائية ثم سنجمع المكتب السياسي للحزب ومناضليه لتقرير استراتيجيتنا قبل البدء في المشاروات" مع باقي الاطراف.
من جانبه قال بن جعفر المعارض الشرس لبن علي منذ بداية الحملة الانتخابية انه "لن يتحالف ابدا" مع النهضة "او غيرها" قبل الاقتراع، لكنه اكد انه سيبذل قصارى جهده لاقامة "حكومة مصلحة وطنية" رافضا دعوات من اطراف يسارية اخرى لاقامة تحالف ضد النهضة.
ورغم تقدم النهضة فان المحللين في تونس يؤكدون انه "لا يمكنها ان تحكم لوحدها" وسيتعين عليها التعاطي مع مجتمع يملك تقاليد حداثية متمسك بمكاسبه التقدمية ومنفتح كثيرا على اوروبا كما انه سيتعين عليه طمانة المستثمرين الاجانب.
ووجهت النهضة التي يقود بعض قادتها انها اقرب الى نموذج اسلاميي تركيا، الاثنين رسائل في هذا الاتجاه.
واكد نور الدين البحيري عضو المكتب التنفيذي للنهضة لوكالة فرانس برس التزام حزبه باحترام حقوق المراة وتعهدات الدولة التونسية كافة.
واوضح البحيري "نحن مع اعادة بناء مؤسسات دستورية قائمة على احترام القانون واحترام استقلالية القضاء (...) ومجلة الاحوال الشخصية واحترام حقوق المراة بل وتدعيمها (...) على قاعدة المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن المعتقد والجنس والجهة" التي ينتمون اليها.
واضاف من ناحية اخرى "نحن ملتزمون باحترام كل تعهدات الدولة التونسية والامن والسلم العالميين والامن في منطقة البحر الابيض المتوسط".
من جانبه قال عبد الحميد الجلاصي القيادي الاخر في النهضة "يجب ان تطمئن رؤوس الاموال والاسواق والشركاء الاجانب على التعهدات التي ابرمتها الدولة التونسية والتزاماتها" مؤكدا "ان مناخات الاستثمار ستكون افضل في المستقبل" في تونس.
وستكون سلطات المرحلة الانتقالية الثانية في تونس امام تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
كما ستكون في مواجهة معارضة يتوقع ان تتشكل اساسا من علمانيين وليبراليين التي قد تشكل كتلة تمثل 25 بالمئة في المجلس التاسيسي.