شرف دامعا : أنا عروبي .. ومصر "فيها حاجة حلوة" العلم بلا أخلاق "أحلام وقحة" .. ونعيش حالة "تجريف وعي" الردة الوطنية تستلزم علاجا فعالا في مصر هل يمكن أن نعيش عالما جديدا ، ونمارس عولمة رحيمة لا يطيح فيها القوي بالضعيف ؟! ، سؤال جسد حلم رئيس الحكومة المصري الأسبق د. عصام شرف، والذي رأى أن التقدم التكنولوجي لم يستتبعه سوى تخلف وجداني، لنجد جزءً صغيرا من العالم فى رفاهية و الباقى فى معاناة . وخلال محاضرته التي احتشد لحضورها صفوة من السياسيين والعلماء والمثقفين بدار الأوبرا المصرية ، أشار عصام شرف إلى " كتاب رأس المال فى القرن ال 21 " ، أحد أعلى الكتب مبيعا ، و ذلك لأن الناس أصبحت تفقد ثقتها فى النظام الرأسمالى ، و ما نعايشه من عولمة متوحشة ، و حضارة لا إنسانية . و كشف شرف أن طبقات المجتمع تتغذى بصراع الإيديولوجيات، و الفقر و الجهل فى ازدياد ، و إذا استمررنا على ما نحن فيه ، سيدمر العالم نفسه . " المستقبل .. و رنين الوطن "، كان عنوان المحاضرة، وقد شارك بحضورها وزير الثقافة د. جابر عصفور، د. يحيى الجمل الفقيه الدستوري، د. محمد عفيفى أمين المجلس الأعلى للثقافة ، د. سمير رضوان المفكر الإقتصادي، د.عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق . اللقاء تم برعاية وزارة الثقافة و الأعلى للثقافة و دار الأوبرا ، و الصالون الثقافى العربى . وأكد شرف خلال المحاضرة أن مستقبل الدولة مرهون بعودة الهوية الوطنية ، مشيرا أن أهم وزارة حاليا ، هى وزارة الثقافة ، بسبب ما نعانيه من " تجريف " الوعى العام . الردة الوطنية هذا العصر شئنا أم أبينا " عصر الشعوب " ، و هذا ما رأيناه فى ثورة 25 يناير ، أن الشعوب تستطيع أن تقود . ويضيف شرف : " وطننة الدولة " مشروع يفرق بين الدولة و الوطن ، فالدولة تضم الأرض و الشعب و السلطة ، أما المطلوب فهو دمج العناصر الثلاثة تحت الهوية الوطنية . و أشار شرف أننا فى حالة " ردة وطنية " تحتاج لاستتابة ، فى الصراع الذى نعايشه بين تجار الدين و الوطن ، و أصحاب الوطنية الحقيقية ، و لإدارة هذا الصراع أكد أننا فى حاجة لمشروع " ثقافى " بامتياز . و أضاف أن ما يتحدث عنه الآن لن يعيش ليراه يتحقق ، و لكنه يتمنى أن يراه أولاده و أحفاده ، مؤكدا أن الوطن هو عناق الثقافات و الإيدلوجيات ، و إن الغزو الثقافى يحول الوطن إلى " أوطان " . و دلل على فكرة الهوية ، بكلمة لورد " ماكولاى " أمام البرلمان البريطانى عام 1835 ، عندما قال أنه سافر بطول و عرض الهند و لم يجد شخصا واحدا يسرق أو يستجدى ، و أنه وجد فى هذه البلد ثروة كبيرة و هى " الأخلاق " ، مؤكدا أن بريطانيا لا تستطيع أن تخترق هذا البلد ، بوجود هؤلاء البشر ، إلا إذا كسروا العمود الفقرى لهذا البلد وهو " الموروث الروحى و الثقافى " . و لهذا اقترح استبدال النظام التعليمى القديم و المنظومة الثقافية الحالية ، ليؤمن الهنود بأن كل ما هو أجنبى " جيد " و أكثر نفعا لهم من نظامهم الحالى ، و بهذا يفقدوا انتماءهم الوطنى و ثقافتهم الأصلية ، و يصبحوا كما يريدوهم أن يكونوا " بلد مهزوم " . كما نبه شرف لأهمية الاهتمام بالفكرة ، لا الشخص ، فالمضمون هو الأهم ، ففرقة البيتلز الأمريكية " الخنافس " رغم مظهرهم ، لكنهم حققوا ثورة اجتماعية فى أمريكا ، ووقفوا ضد حربها مع فيتنام . مستقبل الوطن فى حديثه عن المستقبل ، وصف عصام شرف الحلم دون عمل ب " أحلام وقحة " ، مشيرا لما استطاعت أن تحققه برلين ، و هيروشيما ، و أمريكا ، بعد ما عانوه من حروب وويلات ، فلم يستسلموا ، و انطلقوا للعمل ، ليصلوا لما حققوه الآن . و قال شرف عن د. أحمد تيمور أنه " بيتهوفن الشعراء العرب " ، قارئا قصيدته " مصر تولد من جديد " ، و اقتبس كلمات الشاعر الكبير سيد حجاب فى " المال و البنون " : و مين نكون إن بعنا يومنا و ماضينا .. و بكرة دا منين يجى إلا بأيدينا " ، مشيرا أن اهتمامنا بالمستقبل ، لا يعنى البعد عن التاريخ ، مستشهدا بالمقولة الشهيرة " من لم يتعلم من التاريخ ملعون بتكراره " . و تابع شرف أن العلم ثورة على الزمن و به فقط نهزمه ، مشيرا أن معظم العلوم الآن ، كانت بدايتها فكرة فى كتاب ، من اكتشاف القمر إلى النانو تكنولوجى ، مؤكدا أن لا شئ سيتحقق دون تعاون حقيقى بين الحكومة و مؤسسات المجتمع المدنى و العلماء . و أكد شرف أنه " عروبى " مؤمن بأن هذا الوطن سينهض من جديد ، و إن لم يشفع له التاريخ و اللغة و الثقافة و التهديدات المشتركة ، فليكن إذا العلم و التنوير هو ما يجمعنا ، مشيرا لتجربة " مسابقة العلوم العربية إنتل " التى استطاعت أن تجمع بين شباب من عشر دول مختلفة من أجل العلم . و قال شرف أن السلطة تخطئ ، تتغير ، تسقط ، لكن الوطن لا ، ليكون الحلم " خيمة للوطن " تشمل الأخر المختلف ، فى ظل مساواة بين الجميع ، لنحقق " جنة الإنسانية " التى تحدث عنها سيد حجاب فى " المال و البنون " ، و ختم بأغنية " فيها حاجة حلوة " و هو متأثر دامع العين .