يحتضن مركز الفنون الجميلة ببروكسل معرضا لمخطوطات أصلية تم جلبها من خزائن التراث المالي في تمبوكتو المصنفة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو. ويعرض المعرض الذي يتواصل إلى الثاني والعشرين من فبراير القادم، مجموعة مختارة من 16 نسخة أصلية من المخطوطات الشاهدة على ما بلغته تمبوكتو كمركز ثقافي وحضاري وديني في مجالات العلوم والدين والسياسة والقانون، ويشمل المعرض تفاصيل وشروحات عن قصص هذه المخطوطات المختارة في ثلاث لغات (الهولندية والفرنسية والانجليزية). وقالت كاتلين لو، المسئولة الإدارية عن المعرض، في تصريحات لها، إن "هذه المخطوطات تم الحصول عليها من بين عدد أكبر من المخطوطات التي جمعها عبد القادر حيدرة، المتخصص في المخطوطات القديمة ومدير مكتبة "ماما حيدرة" في تمبوكتو في إطار عمليات سرية لإنقاذ المخطوطات بالتعاون مع مديري المكتبات الأخرى في تمبوكتو، من أيدي المتطرفين خلال حرب عام 2012 في مالي". ويعود تاريخ هذه المخطوطات الفريدة إلى الفترة الممتدة بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين وتم إنقاذها في يناير 2012 حين اندلعت الحرب في مالي وسقطت تمبوكتو في أيدي الجهاديين في مارس 2012. يذكر أن مدينة تمبوكتو التي تقع على تقاطع الأنهار وطرق التجارة والتي بلغت ذروة مجدها في القرنين ال15 وال16، كانت تمثل مركزا للمعرفة ومنارة للثقافة والتسامح. ويشهد على هذه الذروة في تمبكتو العديد من الكتب والمخطوطات القيمة التي كانت تكتب وتنسخ وتباع هناك. وتتضمن المخطوطات المعروضة حاليا في قصر الفنون الجميلة في بروكسل، مختلف موضوعات المعرفة بدءا بالتاريخ الأفريقي والدين وصولا للرياضيات والكيمياء والإدارة العامة والقانون. ويفيد منظمو المعرض أن هذه المخطوطات التي كانت محفوظة لدى بعض الخواص وفي المكتبات العمومية في تمبوكتو، قام بنقلها عبد القادر حيدرة مع عدد من المسئولين عن القطاع الثقافي ومن المواطنين سرا إلى العاصمة المالية باماكو ضمن واحدة من أكبر عمليات إنقاذ التراث الثقافي في العالم في سياق الحرب السياسية والأيديولوجية، وذلك خلال اندلاع الحرب في مالي والتي أتلفت جانبا من ثروات المدينة من التراث الثقافي والتاريخي العربي الإسلامي في أفريقيا. وفي مارس 2012، شهدت مالي انقلابا عسكريا تنازعت بعده "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" مع كل من حركة "التوحيد والجهاد"، وحليفتها حركة "أنصار الدين"، السيطرة على مناطق شمالي البلاد، قبل أن يشن الجيش المالي، مدعومًا بقوات فرنسية، عملية عسكرية في الشمال في يناير 2013؛ لاستعادة السيطرة على تلك المناطق.