مجموعة من العازفين احترفوا العزف على آلات مختلفة، قدموا أمس مزجا موسيقيا رائعا بين الشرق والغرب في أوركسترا "ميونخ للإيقاع والوتريات" على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وبقيادة المايسترو عادل شلبي. كان حفل غير اعتيادي بالمرة في كل شيء، فهو حصيلة مزج بين الشرق والغرب للعديد من السنوات، قدم بمشاركة نحو 20 عازفا من الغرب (ألمانيا، المجر، رومانيا...) والدارسين للموسيقى بجامعة "ميونخ"، و20 من طلاب وخريجي وأساتذة كونسرفتوار القاهرة بأكاديمية الفنون المصرية، كان يقودهم المايستروا عادل شلبي، الذي كان أداءه على المسرح غير اعتيادي، فهو لم يمسك بعصا المايسترو كما تعودنا، فحركات يده كانت كافية لقيادة الأوركسترا مع حركات جسده وانفعاله الذي كان يوجه العازفين فينطلقوا في العزف ويبدعوا بآلاتهم نغمات تطرب الأذن في أنسجام شديد بين جميع آلات العزف. والملحوظ والمختلف في هذا الأوركسترا استخدامه لآلة "الماريمبا" بشكل غير تقليدي والغير مستخدمة في معظم الاوركسترات نظرا لكبر حجمها وارتفاع ثمنها الذي يصل إلى حوالي 300 ألف جنيه للآلة الواحدة، وأيضا صعوبة العزف عليها، كما كان العزف بتكنيك مختلف حيث استخدم العازفين عصا مزدوجة في كل يد، وكان يستخدم ثلاث آلات للماريمبا ضمن الأوركسترا على المسرح. ومن منطلق ادراك المايسترو لفكرة المزج بين الشرق والغرب، استخدامه لآلات الإيقاع بكثرة وبشكل مختلف على المسرح، فكانت تمزج بين الطبول الشرقية بأنواعها مثل "الطبلة"، والطبلة كبيرة الحجم "الدهلة"، والرق الشرقي، والدفوف. بالإضافة إلى الطبول الأفريقية. استخدم أيضا مجموعات من آلات الوتريات، فكان يستخدم حوالي 15 آلة منهم: الكمان، التشيلو، الكونترباص. بالإضافة إلى آلتين بيانو على المسرح، وآلة العود الشرقية. يتحرك المايستروا على المسرح حركات شبة راقصة اندماجا مع النغمات والإيقاعات المسموعة فتنعكس حالته على الجمهور الذي يندفع بدوره في التصفيق فور انتهاء المقطوعة الموسيقية التي يتم عزفها. والحفل انقسم إلى فاصلين من العزف الموسيقي، يتخللهما استراحة، في الفاصل الأول تم عزف "شبح فرينزي" لمارتي هارلي (1946 – 2011) بإيقاع موريتس كناب، "الرحيل" لإيمانويل سيجورنيه (1961) بماريمبا فليكس كولب وباتريك ستابلتون، "فاطمة" لعمر خيرت من إعداد جوستافو برينولي، الحركة الأولى من "كونشيرتو للفيبرافون" لإيمانويل سيجورنيه بفيبرافون موريتس كناب، "العرافة" لعمر خيرت من إعداد ستيفان أولمان. أما الفاصل الثاني فقدم 6 مقطوعات موسيقية، بدأت ب"بارتيتا في مقام لا الصغير، مصنف 1013 – ألماند" ليوهان سباستيان باخ بسكاكسافون سوبرانو يوري كنيز، ثم مقطوعة "أوكتابون" لادي موراج بماريمبا باتريك ستابلتون وليندا ف. تسونجي. ومن بعدها تم عزف مقطوعة إيقاع شرقي قدمها كريستيان بارتش ومحمد عرفة. وعزف أيضا الحركة الثانية إيقاعية بحيوية من "كونشيرتو الماريمبا" بماريبما كريستينا ليهاتش، ثم مقطوعة "ليبرتانجو" لاستور بياتزوللا (1921 – 1992) بساكسفون سوبرانو يوري كنيز، وأخيرا اختتم الحفل ب "افتتاحية مصرية" لعمر خيرت من إعداد دومينيك شوستر. حالة من الحب والانسجام جسدتها روح العمل الجماعي بين العازفين حينما انتقل كل منهم من بطولة العزف المنفرد ومن وراءه باقي الأوركسترا، ثم الانتقال لتقديم دور آخر على آلة موسيقية أخرى ضمن عازفي الأوركسترا، فأغلب العازفين انتقلوا عبر الآلات المختلفة للعزف عليها بعد أن أدى كل منهم عزف منفرد في إحدى الفقرات. ومن المبهر في الحفل أعداد الجمهور التي ملأت المسرح مما جعل قائد الأوركسترا يشكرهم على التواجد حاكيا باختصار مجهوده الذي بذله منذ بداية العمل على مشروعه "المزج بين الشرق والغرب"؛ حيث تأسست مجموعة "ميونخ للإيقاع" عام 1988 على يد المايسترو عادل شلبي، في محاولة منه لخلق منبر لتقديم مواهب شابة، فتضم المجموعة طلبة وخريجي فصل الإيقاع التابع له بالمعهد العالي للموسيقى بميونخ؛ حيث حددت الفرقة هدفا تسعى إلى تحقيقه وهو توصيل موسيقى الآلات الإيقاعية لشريحة عريضة من الجمهور. وتقدم المجموعة مختلف ألوان الموسيقى الكلاسيكية والحديثة من جميع أنحاء العالم مثل أعمال سباستيان باخ، كارل أورف من الريبوتوار الكلاسيكي، بالإضافة إلى المؤلفين الموسيقيين المعاصرين منهم بيرتولد هومل، شيك كوريا وعمر خيرت. وتقوم المجموعة بجولات فنية بجميع أنحاء العالم منها بوردو وبودابست والقاهرة. كما شاركت المجموعة في ذكرى مرور 850 عاما على تأسيس مدينة "ميونخ"، وشاركت أوركسترا القاهرة السيمفوني وكورال أكابيلا (أستاذ كورال: مايا جفينيريا) احتفالا بمرور 20 عاما على توحيد ألمانيا وذلك في نوفمبر عام 2009. كما قامت دار أوبرا مسقط الملكية بدعوة مجموعة "ميونخ للإيقاع" حيث قدمت مجموعة إنتاج جديد ومتميز تحت اسم "الشرق والغرب"، والذي يشارك فيه عدد كبير من العازفين من خلفيات ثقافية وفنية مختلفة، ومن أهداف هذا الإنتاج الربط بين الثقافات والأصوات المختلفة والمتنوعة من خلال الموسيقى وحب العازفين لفنهم.