التقطت عدسات الكاميرا صورا لشيوخ من الأزهر الشريف بين المتظاهرين في ميدان التحرير، بوسط القاهرة، للتعبير بهذه المشاركة الرمزية عن حضور "عمامة الأزهر" في كل المناسبات والأحداث التاريخية الفارقة في التاريخ المصري. ورغم أن مؤسسة الأزهر الرسمية التزمت الصمت حينها، إلا أن المصريين تلقفوا هذه المشاركة من جانب بعض من ظهروا مرتدين عمامة الأزهر بسعادة بالغة، تكشف ما تمثله تلك العمامة من مكانة وقيمة لدى المواطن المصري، دفعت شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى إبداء اهتمام كبير بالعمامة كرمز للزي الأزهري. وبينما انتقد البعض تبني الشيخ الطيب - مؤخرا - لتوجه يسعى لتخفيف المناهج الأزهرية، معتبرين أن ذلك يفرغ الأزهر من أصالته ورصانته، سعى الطيب في المقابل إلى التأكيد على "الأصالة" من خلال الزي، منتقدا ارتداء الوعاظ والأئمة للعمامة "الصيني"، وذلك خلال لقاء جمعه بهم، هذا الأسبوع، بمركز مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، شرقي القاهرة. والعمامة الصيني، هي أحد المنتجات الصينية المرتبطة بالشعائر الإسلامية، والتي غزت الأسواق المصرية مثلها مثل منتجات سجادة الصلاة والمسبحة والجلباب الأبيض، وهو ما أثر على الصناعة الوطنية لهذا الزي، والتي أصبحت مقتصرة على مدينة فوة بمحافظة كفر الشيخ (بدلتا النيل) وورشتان في المنطقة المحيطة بالجامع الأزهر، بوسط القاهرة. وبحسب كتاب توثيق المهن والحرف الشعبية، الصادر في العام 2008 عن مشروع توثيق التراث الشعبي التابع لهيئة الكتاب المصرية، التابعة لوزارة الثقافة، تشتهر مدينة فوة بصناعة العمامة منذ عام 1828، وهي تتكون من قطعة قماش بيضاء تلف حول الرأس لفة أو عدة لفات، ويوجد تحتها الطربوش الأحمر. ويرتبط بداية ارتداء العمامة الأزهرية بدخول "الطربوش" إلى مصر في عهد الوالي محمد علي باشا (حكم من 1805 - 1848)، وكان ارتداؤه عادة عثمانية، ثم أصبح الطربوش مكونا أساسيا في زي موظفي الحكومة، ويعاقب من لا يلتزم بارتدائه. وتمييزا للأزهريين، أضيف للطربوش القماش الأبيض، فيما عرف باسم "العمامة"، لتصبح هي الزي المميز لهم. وظل (الطربوش) و(العمامة)، هما الغطاءان المواجهان ل(القبعة الأجنبية) التي كان يرتديها الأجانب في مصر، واستمر ذلك حتى قيام ثورة يوليو/ تموز 1952.