فقدت أسرة "كرومه" التي تعيش في بريورفيل، وتبعد نحو ثلاث ساعات بالسيارة عن العاصمة الليبيرية مونروفيا، 11 من أفرادها جراء فيروس "إيبولا" المميت، من بينهم معيلو الأسرة، الذين خلفوا وراءهم 26 طفلا من مختلف الأعمار، ورضيع عمره 4 أشهر. كل يوم يستيقظ الأطفال الذين يعتمدون الآن على عمهم إبراهيم كرومه الذي يفتقر هو نفسه إلى أي مصدر للدخل وهم لا يعرفون كيف سيتحصلون على ما يكفي لسد رمقهم. وفي حديث لوكالة "الأناضول"، قال كرومه، وهو سائق سابق انكسرت ساقيه مؤخرا في حادث: "أنا لا أعمل الآن، وأبقى في المنزل ليس لدي أي وظيفة". "كرومه" فقد 11 من أقاربه جراء فيروس إيبولا، ومن بينهم أكبر أشقائه، لاسانا وإحدى زوجاته الثلاث، وشقيقه لاميني واثنين من زوجاته الأربع، وشقيقه سوني، وأكبر بنات الأخير سنا. وعبر عن أسفه، قائلا: "لم نقدر أبدا مدى خطورة الفيروس". "كرومه"، الذي وجد نفسه فجأة مسؤولا عن 26 طفلا وطفلة، أضاف وهو يعاني للسيطرة على دموعه: "لا أستطيع أن أفعل أي شيء لأطفال إخوتي بسبب حالتي". ويبدو منزل عائلة "كرومه" متهالكا، ويفتقر إلى أبسط وسائل الراحة، بما في ذلك السقف، وفقا لمراسل الأناضول الذي قام بزيارته. وفي الوقت الراهن، يعيش "كرومه" والأطفال على الصدقات التي يتلقونها من فاعلي الخير في المجتمع ومنظمة "مخاوف الأيتام ليبيريا"، وهي منظمة غير حكومية محلية. وتابع: "منذ وفاة أقاربنا، يساعدنا بعض الناس بالطعام، ولقد تلقينا 20 من أكياس الأرز، ولكن بعنا واحدا من أجل الحصول على نقود لشراء حساء". وأشار "كرومه" إلى أن التحدي الأكبر بالنسبة له وزوجة شقيقه الراحل، بندو، هو رعاية جوسوفو ذو الأربعة أشهر، الذي كان لا يزال يتم رضاعته عندما قضت أمه بسبب الفيروس في مركز إيلوا لعلاج إيبولا. من جانبها قالت "بيندو": "في إحدى الليالي بكى كثيرا من شدة الجوع والرغبة في ثدي أمه، ولكن لم أتمكن من مساعدته لأني ليس لدي حليب في صدري لأرضعه". وتابعت: استمر هذا الوضع لمدة يومين حتى تمكنت مجموعة من النساء المحليات من جمع بعض المال من أجل شراء بضعة أكواب من الحليب للطفل. وأضافت، معربة عن أسفها،: "هناك أيام بالكاد نملك فيها المال لشراء الحليب لهذا الطفل، لذا كان علي أن أطعمه الماء". ولدى سؤالها عما إذا كانت عائلتهم المكافحة تتلقى أي دعم من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، أجابت بالنفي. ومضت قائلة: "لا أحد يأتي من الحكومة لمساعدتنا، باستثناء رئيس منظمة (مخاوف أيتام ليبيريا) لرعاية الأيتام "أموس سوبوه" (منظمة غير حكومية). وزادت والدموع في عينيها: "إنه فقط هذا الشاب، آموس، حتى الطعام الذي يأكله هذا الطفل الآن، يزودنا به". وتتحرك المنظمة غير الحكومية من مجتمع إلى آخر، وتحدد الأطفال الذين فقدوا آباءهم بسبب إصابتهم بفيروس إيبولا، وتزودهم بالمواد الغذائية والنقود، وإلى الآن نجحت في الوصول إلى أكثر من 100 طفل في مونروفيا وضواحيها. وفي الوقت نفسه تعاونت يونيسيف ليبيريا لحماية الطفل، مع وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في ليبيريا لمساعدة أكثر من 200 من الأطفال الذين تيتموا منذ بدء تفشي إيبولا في وقت سابق من هذا العام. وتتوقع يونيسيف ليبيريا أن عدد الأطفال الذين تيتموا بسبب فيروس إيبولا، الذي يبلغ حاليا ما يقرب من 200 طفل، سيصل في نهاية المطاف إلى قرابة 2000. وتعمل كل من يونيسف، ووزارة الصحة والرعاية الاجتماعية مع رؤساء دور الأيتام لتقييم معايير الرعاية للأطفال، ويعملون بشكل مشترك أيضا على الاهتمام بالآباء بالتربية، الذين يمكنهم تبني طفل. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء في بيان، أن إيبولا أودى بحياة 5420 شخص في غرب أفريقيا، منهم 2964 حالة وفاة في ليبيريا وحدها من بين إجمالي 15 ألف و145 حالة إصابة. وأشار البيان نفسه إلى أنه تم القضاء على الفيروس في كل من السنغال ونيجيريا، بصفة رسمية ولكن مالي، تعد حاليا 6 إصابات بالفيروس، 5 منها إصابات قاتلة. وتابع البيان أنه تم تسجيل حالات معزولة في كل من إسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية. و"إيبولا" من الفيروسات القاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات المحتملة من بين المصابين به إلى 90%؛ جراء نزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس. وهو وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى. وبدأت الموجة الحالية من الإصابات بالفيروس في غينيا في ديسمبر/ كانون الأول 2013، وامتدت إلى ليبيريا، ونيجيريا، وسيراليون، ومؤخراً إلى السنغال، والكونغو الديمقراطية، والغالبية العظمى من ضحاياه حتى الآن من دول منطقة غرب أفريقيا.