"تكوين لجنة علمية دائمة لمتابعة نشاط شباب الباحثين، والتأكيد علي إسهامهم في المحافل الدولية"، كانت هذه أهم التوصيات التي خرج بها مؤتمر شباب الباحثين في التاريخ الحديث والمعاصر الذي عقد على مدار يومين في جامعة عين شمس. اختتمت فعاليات المؤتمر اليوم بحضور الدكتور جمال شقرة رئيس مركز الشرق الأوسط ومقرر المؤتمر وعدد من الأساتذة والباحثين الشباب والمستشار مساعد عبد العاطي المستشار بهيئة النيابة الإدارية والدكتور صفوت حاتم نائب رئيس حزب الوفاق القومي. دعم الباحثون من جانبه أكد قال الدكتور صلاح هريدي أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة دمنهور علي همش مؤتمر اليوم أن المؤتمر يعد خطوة جيدة لتشجيع شباب الباحثين، مضيفا "كنت أشرف على مثل هذه المؤتمرات في تونس وتمنيت أن أجد مثلها في مصر وبهذه الفاعلية تحققت أمنيتي الآن". وفي تصريحات خاصة لشبكة الإعلام العربية "محيط" أكد هريدي أن البحث العلمي في مصر بدأ مؤخرا يحقق وضع جديد نحو مستقبل مشرق، واعتبر أن المؤتمر مبادرة فعالة للشباب للحصول على فرصة جديدة لعرض أعمالهم وتبادل الأفكار. وطالب أستاذ التاريخ الدولة بتشجيع ودعم هؤلاء الباحثين وتقديم المنح العلمية والمكافآت المالية حتى ترفع عن كاهلهم بعض المعاناة، بالإضافة إلى توفير فرص لنشر أعمالهم، قائلا "إن معظم الأبحاث الجيدة في مصر علي الأرفف"، مشيدا بدور الهيئة العامة للكتاب والمجلس الأعلى للثقافة في نشر الأبحاث. تشجيع الدولة من جانبه أكد المستشار مساعد عبد العاطي المستشار بهيئة النيابة الإدارية أن "فكرة المؤتمر ممتازة وتأتي في وقت معاصر لعودة الدولة المصرية لمكانتها وفي إطار اهتمام الرئيس بالبحث العلمي"، مضيفا أن الدولة يجب عليها أن تدعم وتشجع الباحثين لأن العلم هو قاطرة الدولة نحو المستقبل. واعتبر الدكتور جمال شقرة مدير مركز بحوث الشرق الأوسط أن "هناك مدرستان في كتابة التاريخ الأولى هي المدرسة الوطنية والأخرى غير الوطنية التي أخرجت الخديوي إسماعيل بهذا القبح وأبرزت سقطات الرئيس الراحل أنور السادات ووصفت عبد الناصر بأنه ديكتاتور". وأكد أن مصر الآن تمر بنفس الموقف الذي عاشته خلال فترة عبد الناصر وتحاول إبعاد خطر سياسات أمريكا ضد الثورة المصرية والشرق الأوسط ككل، مضيفا أن سقوط أمريكا مثلما سقط الاتحاد السوفيتي بات قريبا جدا. وكشف أبو شقرة عن جهود حالية لإنشاء قناة فضائية مصرية تبث خصيصا للشعب الأمريكي. أزمة مياه النيل وقال الدكتور محمد رجب تمام مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وأحد المشاركين في المؤتمر بورقة بحثية بعنوان "أثر سياسات البنك الدولي على حقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل"، إن فكرة البحث ترمي إلي إلقاء الضوء على سياسات البنك الدولي تجاه قضايا المياه، وخلصت إلى أن البنك الدولي كمنظمة شاركت بسياساتها في إهدار وضياع حقوق مصر في مياه نهر النيل. وأكد في تصريح خاص ل "محيط" أن البنك الدولي لا يختلف دوره عن دور المنظمات كافة في تطبيق سياسات الدول العظمي من أجل السيطرة علي العالم، حيث أنه كان مصدر لتمويل بعض السدود بدون إخطار مصر لما يعرضها حصتها للنقص. وأضاف أن ذلك بدأ منذ عام 1970 بتمويل سدود في أوغندا وأثيوبيا كما مول مشروعات زراعية استهلكت الكثير من المياه متجاهلة اتفاقية 1929 التي تنص على أن مصر لها الوضعية الأكبر في حوض نهر النيل ولا يجب إقامة مشروعات بها إلا باستئذان مصر. وأضاف تمام أن البنك الدولي أعطي الضوء الأخضر لدول حوض النيل لمخالفة الاتفاقيات الدولية، مشيرا إلى موقف البنك الشهير من قضية السد العالي الذي رفض تمويله إلا أن الاتحاد السوفيتي وقف وقتها بجانب مصر، مفسرا ذلك بسبب "سيطرة الولاياتالمتحدة وإسرائيل اللتان لهما نفوذ كبير في البنك الدولي بسبب انتشار موظفيها به". وأوضح أن مصر لم تستفد من البنك الدولي بالرغم أنها أحد أعضائه منذ إنشائه وتعتبر هي والعراق أولي الدول العربية المنضمة للبنك ولكن معظم استثماراته في مصر في مشروعات خدمية. مشاريع بحثية "أهمية مصر الإستراتيجية للتحالفات العسكرية الأمريكية 1952- 1957" كانت إحدى الأوراق المطروحة بالمؤتمر للباحث عبد الرازق محمد علي المدرس مساعد بجامعة الإسكندرية، والتي تتلخص في ثلاث محاور وذلك لإدخال مصر في مشروعات التحالفات الخاصة بها أولها قناة السويس والثاني حلف بغداد التي كانت تهدف من خلاله السيطرة على المنطقة ولكن فشل الحفل وأخيرا مشروع أيزنهاور الرئيس الأمريكي 1957 الذي فشلت أيضا في إدخال مصر فيه، مضيفا أن أمريكا تسعي السيطرة على المنطقة من خلال أطراف لها الشرعية كمصر. وقال عبد الرازق في تصريح خاص ل "محيط" إن أهم نتيجة توصل لها خلال بحثه هي أن الولاياتالمتحدة تسعي بكل قوتها لإدخال مصر في تحالف معها إن لم يكن عسكري فيكون بتبنيها الفكرة الأمريكية في المنطقة ولم تكن هذه المحاولات في فترة محل البحث فقط وإنما مستمرة حتى الآن، منوها أن يجب على مصر أن تنتهج الحياد في أي مشروع تحالف سواء أمريكي أو روسي، كما تمنى تكوين محور عربي بقيادة مصر لكي يوازن ما بين التكتلات الموجودة في العالم والتصدي لأخطار الخارجية. أكد الدكتور أحمد زيدان مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة دمنهور، أن المسألة الألمانية كانت أحد أهم الأسباب التي أججت صراع الحرب الباردة عقب الحرب العالمية الثانية وجاء ذلك خلال عرضه لورقته البحثية بعنوان "الولاياتالمتحدة وأمن ألمانياالغربية". تفعيل دور الجامعات وأوصى المؤتمر بضرورة تفعيل دور الجامعات المصرية في دعم الباحثين والبحث العلمي والعمل على استمرار عقد المؤتمر بشكل دوري، كما دعا كل أقسام التاريخ بالجامعات المصرية والعربية للمشاركة. وشدد علي ضرورة طبع الأبحاث المميزة للباحثين وانتقاء بعض القضايا المعاصرة لتوثيق الصلة بين فروع علم التاريخ والواقع ومخاطبة الجهات المعنية بتوفير الدعم والتشجيع للباحثين للحفاظ على استمرار أنشطتهم.