أثارت الخطوة الإماراتية، غير المتوقعة، بانسحابها أمس من مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المخاوف علي مستقبل المشروع الذي ينتظر أن يقوم على اقتصاديات 4 دول خليجية فقط، وذلك بعد إعلان عمان رسميا انسحابها من المشروع قبل 3 سنوات. واعتبر محللون وخبراء اقتصاديون انسحاب الإمارات ليس نعيا للمشروع، لكنه كان مفاجئا للأوساط الاقتصادية والاجتماعية باعتباره جاء في وقت أصبحت فيه الوحدة النقدية على مقربة من مواطني دول المجلس، حيث من المقرر أن يبدأ العمل بها مطلع 2010. وأكدوا أن القرار الإماراتي لن يثني الدول الأربعة الباقية وهي السعودية, الكويت, البحرين وقطر عن المضي قدما في استكمال إجراءات ومتطلبات الوحدة النقدية, أسوة بتجربة ظهور العملة الأوروبية اليورو رغم عدم دخول بريطانيا فيها. وأكد الاقتصادي السعودي الدكتور إحسان بو حليقة ان الخطوة التي اتخذتها الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد خليجي، كان مفاجئا نظرا لكونها من بين أكثر دول المجلس حماسا للعملة الخليجية الموحدة وكان لها إسهامات كبيرة في صياغة اتفاقية المجلس النقدي الخليجي. وتوقع بو حليقة, في تصريحات لصحيفة "الاقتصادية" السعودية, أن تقابل دول الخليج الخطوة الإماراتية خلال الأيام المقبلة بجهود حقيقية تهدف إلى توضيح الرؤية وإعادة الإمارات إلى عضوية الوحدة النقدية ورأب هذا الصدع. وشدد بو حليقة على أن هناك الآن مخاوف حقيقية من أن هذا الانسحاب، وحتى مع استمرار مسيرة الاتحاد النقدي من قبل الدول الأعضاء المتبقية، أن يحد من فاعلية المجلس النقدي الخليجي. مضيفا "إننا آملون أن تكون هذه الوحدة والتي تشكل ثامن أكبر تكتل اقتصادي في العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي الحالي". وابدي اقتصاديون مخاوفهم من سلبيات القرار ومنها إبطاء مسيرة الوحدة النقدية خاصة ان الإمارات أكبر اقتصاد خليجي بعد السعودية, لذلك سيصبح ثقل الاقتصاد الخليجي أقل, داعين الإمارات إلى النظر بجدية في سلبيات القرار مقابل الإيجابيات من الوحدة النقدية فهي تشكل دعما كبيرا لاقتصاديات الخليج وتزيد من تنافسيتها على مستوى العالم. ومن أبو ظبي، قال الاقتصادي الإماراتي خلفان الكعبي إن انسحاب بلاده من الوحدة النقدية لم يكن بسبب عدم اختيارها مقرا للبنك المركزي، بل يعود إلى معطيات اقتصادية. مضيفا بأن العالم الآن يمر بمرحلة تختلف عن تلك التي كانت فترة إقرار الوحدة النقدية وبالتالي فإن الإمارات رأت عدم حاجتها إلى الدخول، فضلا عن أن الوحدة النقدية تمثل عنصرا من التكامل الاقتصادي، وبالتالي فأبوظبي انسحبت من الوحدة النقدية وليس من التكامل الخليجي. من جانب آخر, أكدت مصادر مطلعة لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الإمارات أعلنت انسحابها نتيجة عدم اختيارها مقرا للبنك المركزي الخليجي. وأكدت مصادر اقتصادية أنه من الممكن نظريا قيام الاتحاد النقدي ب4 دول أو حتى 3، في إشارات قد تعكس وجود نية لدى دولة خليجية ثالثة لاتخاذ خطوة مماثلة كتلك التي اتخذتها أبوظبي ومسقط. غير أن التأكيدات الخليجية التي برزت أمس، بعد الإعلان الإماراتي، أشارت جميعها إلى التزام الرياض والكويت والمنامة والدوحة، بقيام الاتحاد النقدي. وأوضح مصدر مسئول قريبا من المفاوضات أنه لا يزال هناك مساع لاحتواء قضية انسحاب الإمارات من الاتحاد النقدي. متوقعا أن تدخل الإمارات في حال ثباتها على مبدأ الانسحاب في مرحلة تنافسية مع الاتحاد النقدي إزاء جلب المستثمرين الأجانب الذين سيتجهون للمنطقة الخليجية برؤية واضحة، وسط ميزات عدة للاتحاد النقدي، هي التي ستخلق من هذا الأمر "التنافسية". ولا يرى المصدر المسئول، أي عوائق قد تقف حائلا دون عودة الإمارات إلى الاتحاد النقدي في حال رغبتها بذلك بعد نجاح هذه التجربة، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على سلطنة عمان. وعرضت الإمارات أسباب أحقيتها باستضافة مقر المركزي الخليجي بأنها أول من قدم طلبا لاستضافة المقر في عام 2004، وقبل أن تتقدم باقي الدول الثلاث لنفس الطلب. كما تقول الإمارات إن عدم وجود أي مقر أو مركز لأي من المؤسسات والهيئات التابعة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية فيها، يجب أن يكون داعما لتأييد طلبها في استضافة المقر محل الجدل. وانها تشعر بعدم الإنصاف كونها أول من تقدم، وظلت طوال تلك الفترة من دون أي منافس آخر.