شارك عشرات الصحفيين السودانيين في وقفة احتجاجية، اليوم الاثنين، للمطالبة بالإفراج عن صحفي معتقل لدى قوات الأمن، أمام مباني مجلس الصحافة والمطبوعات، وسط الخرطوم. واعتقل الأمن السوداني النور أحمد النور، الذي يعمل مراسلا لصحيفة "الحياة" اللندنية، بالخرطوم ويشغل أيضا منصب مستشار تحرير صحيفة "التغيير" المستقلة، مساء الخميس الماضي، من دون الإعلان عغن توجيه اتهامات له. وبحسب مراسل الأناضول تجمع نحو 100 صحفي أمام مباني مجلس الصحافة، وهو الجهة المسؤولة عن تنظيم مهنة الصحافة في البلاد، وهم يحملون لافتات تندد باعتقال زميلهم مرددين هتافات بينها "صحافة حرة أو لا صحافة". وجاءت الوقفة، التي استمرت نحو الساعة، بدعوة من شبكة الصحفيين السودانيين، وهي تجمع موازي لنقابة الصحفيين التي يهيمن عليها حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وسلم وفد منها مجلس الصحافة مذكرة تطالبه بالقيام بواجبه للإفراج عن النور. وبعد يوم من اعتقاله أصدرت نقابة الصحفيين بيانا طالبت فيه "بالإفراج فورا عن النور أو ملاحقته قضائيا بصورة تحترم القوانين ومتطلبات العدالة ". وسبق لجهاز الأمن أن أوقف النور عن ممارسة عمله كرئيس تحرير لصحيفة "الصحافة" المستقلة أحد أعرق الصحف السودانية في أبريل (نيسان) 2013 دون حكم قضائي طبقا لما قاله وقتها. وصدرت اليوم الاثنين صحيفة "الصيحة" المستقلة للمرة الأولى منذ منع جهاز الأمن والمخابرات لها من الصدور بقرار شفهي دون تقديم أسباب في يوليو (تموز) الماضي طبقا لما قاله وقتها رئيس تحريرها ياسر محجوب لوكالة الأناضول. وجاء إيقاف الصحيفة بعد يوم واحد من السماح لها بالصدور بعد إيقافها بقرار مماثل في مايو (أيار) الماضي. ويتكرر في السودان اعتقال جهاز الأمن والمخابرات (تابع لرئاسة الجمهورية) للصحفيين وتعليق صدور الصحف لفترات متفاوتة ومصادرة نسخها بعد طباعتها دون أحكام قضائية. وتقول إدارات الصحف إن جهاز الأمن يتعمد ذلك لإغراقها بالخسائر المالية وتتهم الحكومة بالسيطرة على سوق الإعلانات وحجبه عن الصحف المخالفة لتوجهاتها. وبين فترة وأخرى يفرض جهاز الأمن رقابة صارمة على الصحف قبل طباعتها. وتعاني الصحافة السودانية أيضا من أزمات مالية حيث ذادت خلال الأعوام الماضية تكلفة صناعة الصحف بنحو 200 % بسبب تدهور الوضع الإقتصادي الذي خلفه انفصال جنوب السودان في يوليو (تموز) 2011 واستحواذه على 75 % من حقول النفط كانت تمثل أكثر من 50 % من الإيرادات العامة. واضطر ناشرو الصحف خلال العامين الماضيين لزيادة أسعارها على دفعات وصلت إلى نسبة 100 % ما أثر على معدلات التوزيع حيث يبلغ سعر الصحيفة الآن جنيهان (الدولار يعادل نحو 9 جنيهات في السوق السوداء). وعادة ما يؤكد قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم التزامهم بكفالة الحريات الصحفية لكنهم يطالبون الصحف بعدم التعرض للقضايا التي "تمس الأمن القومي". وفي أبريل الماضي اتخذ الرئيس عمر البشير حزمة من القرارات لتهئية المناخ لعملية الحوار التي دعا لها في يناير الماضي وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة منها "كفالة حرية الإعلام". ويحتل السودان المرتبة 172 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الخاص بمنظمة "مراسلون بلا حدود".