بدأت الأزمة المالية العالمية تنعكس بقوة علي سوق العمل الخليجي, وطالت الأزمة السوق الإماراتي الذي طالما تمتع بجاذبية خاصة لدي راغبي السفر لدول الخليج, فقد أكدت شركات التوظيف وخبراء في سوق العمل داخل الإمارات بأن نسبة الوظائف المتاحة قد تقلت بنحو 30 % مقارنة بالعام الماضي, في حين ارتفعت نسبة الباحثين عن عمل من داخل الدولة بنحو 100 %. ونقلت صحيفة "الإمارات اليوم" الصادرة اليوم عن مصادر أن نسبة المواطنين الباحثين عن عمل أصبحت مرتفعة أيضا، مؤكدين أن مجال العقارات والقطاع المالي من أكثر القطاعات التي شهدت انخفاضا في نسبة الوظائف المعروضة، في حين كان القطاع الصحي والقطاع الأكاديمي أبرز القطاعات التي لم تنخفض وظائفها المعروضة، وتالياً الأقل في إنهاء خدمات العاملين. وقال مدير القوى العاملة والتوظيف في شركة "أساس" للموارد البشرية المتخصصة في التوظيف في القطاع الحكومي وقطاع البترول، رياض الضالعي: "هناك العديد من القطاعات التي بإمكانها استيعاب المزيد من الوظائف، خصوصاً الشركات العاملة في مجال النفط والبترول والصناعات القائمة عليها، إلا أن كثيرا من الشركات فضلت تأجيل عملية التوظيف أو تجميدها في الوقت الحالي حتى تتضح ملامح الأزمة الحالية وتأثيرها المستقبلي فيها". وأوضح أن نسبة الوظائف المعروضة عموماً انخفضت بنسبة 30 % في الشهور الأخيرة، بما فيها وظائف قطاع البترول التي ظلت منتعشة طوال الفترات الماضية. وأكد أن كثيرا من الشركات التي تتعاون مع شركته في مجال الموارد البشرية أوقفت إجراءات تعيين موظفين جدد خلال الربع الأول من العام الجاري، لإعادة النظر في ميزانيات التوظيف الخاصة بها، تحسبا لما هو أسوأ، على الرغم من قيام شركة التوظيف بمراحل التعيين كافة، بداية من اختيار الموظفين واختبارهم وإجراء المقابلات معهم. وأشار مدير عام شركة "نوكري" للتوظيف, الدكتور عماد الدين عمر، إلى أن أغلب الشركات جمدت أخيراً عملية التوظيف، حتى تتضح معالم الأزمة المالية ومداها، وحتى لا تضطر فيما بعد إلى تقليص أعمالها والاستغناء عن موظفيها. وكشف أن هناك طفرة في أعداد الباحثين عن عمل من داخل الدولة، تقدر بنحو 100 %, تبين أن أغلب هؤلاء الباحثين هم موظفون على رأس عملهم، بعضهم مستقر في عمله، والبعض الآخر يتوقع إنهاء خدماته, متوقعا عودة عجلة التوظيف إلى وتيرتها الطبيعية خلال الربع الأول أو الثاني من العام المقبل. وقالت ممثلة شركة "سيليكتاس إنترناشيونال"، سوزان طه، إن الشركة ومقرها النمسا هي شركة أوروبية عالمية متخصصة في التوظيف بالمجالات كافة، وخصوصاً مجالات التسويق والمناصب الإدارية العليا، أعلنت منذ فترة قصيرة عن حاجتها إلى مدير تسويق إقليمي يجيد اللغة العربية لتعيينه داخل الإمارات ممثلا لشركة ألمانية كبرى. وحددت الشركة بعض شروط الوظيفة وأهمها الحصول على شهادة جامعية في مجال الهندسة المعمارية أو الفنون أو الهندسة الكهربائية أو المدنية أو الديكور. وأتضح من خلال السير الذاتية المقدمة، لكن شهد موقع الشركة كثيرا من الطلبات من غير التخصص المطلوب، ومن بينهم أشخاص يحملون مؤهلات في غاية الأهمية والدقة، وعلى استعداد للعمل في أي وظيفة وفي كل الظروف. وأضافت أن التسويق والمبيعات من أكثر المجالات تأثرا بالأزمة الاقتصادية، لكن هناك قطاعات مازالت قادرة على استيعاب موظفين، مثل بعض القطاعات الهندسية الدقيقة والطبية. وكشف المدير الإقليمي لشركة "بيت دوت كوم"، وهي من كبري شركات التوظيف، عامر الزريقات، أن هناك زيادة كبيرة في عدد الطلبات من الباحثين عن عمل في جميع القطاعات وعلى جميع المستويات الوظيفية، ولفت إلى أن هناك زيادة كبيرة في عدد المهنيين المؤهلين المتقدمين لعدد قليل من فرص العمل، في قطاعات كانت مزدهرة في مثل هذا الوقت من العام الماضي، ولكنها تسعى منذ ذلك الحين إلى تقليص التوظيف أو تجميده. وقال أن استطلاعات الشركة وبحوثها، أكّدا أن القطاعات التي وظفت أكثر من طاقتها أو قدمت لموظفيها رواتب خيالية في السابق، كانت الأكثر تضررا، وكذلك القطاعات التي انخفضت عالميا، بما فيها العقارات والخدمات المالية، في حين كانت القطاعات الأقل تضررا هي البحث الصحي و المجال الأكاديمي. وتابع أن الزيادة الكبيرة لم تشمل طلبات التوظيف والسير الذاتية فقط، وإنما نوعية المهنيين الباحثين عن فرص عمل جديدة، ذلك أن الكثير منهم يصنف في مستوى كبار المهنيين ذوي المعطيات والمواهب العالية، الذين كانوا يحصدون رواتب عالية جدا خلال فترة الذروة الاقتصادية، والذين اضطروا منذ ذلك الحين إلى إعادة النظر في خيارات العمل بسبب تقليص أو تجميد التوظيف أو إعادة هيكلة بعض الشركات. ولفت الزريقات إلى أن استطلاعات الشركة أظهرت أن عددا محدودا من القطاعات لم يتأثر بالأزمة ونقص السيولة، ما تسبب في هدوء نسبي في عملية التوظيف عنه في العام الماضي، لكنه ما زال مستمرا في الشركات التي شهدت عمليات تقليص أخيرا، أو حتى في بعض الشركات التي استغنت عن موظفين من بعض الأقسام. كما أظهرت البحوث تحول الشركات إلى استخدام التوظيف عن طريق الإنترنت لتجنيد احتياجاتها الفورية، حتى بالنسبة إلى الشركات التي كانت تفضل أساليب التوظيف التقليدية.