ودّع الإعلامي يسري فوده جمهوره فى أخر حلقات برنامجه "آخر كلام"، على فضائية "أون تي في"، والذى أعلن سابقا عن اعتزامه وضع نهاية لهذا البرنامج بعد ثلاثة أعوام من إنطلاقه، حيث احتار فودة أن يضع نهاية مختلفة عن طريق حلقة وداع للإشادة بكل من بذل جهد فى هذا البرنامج، على عكس ما يتم فى الإعلام المصري، حيث كانت الطرق المعتاده تقتصر بغياب البرنامج عن الشاشة دون مقدمات، وتبدأ التساؤلات والتكهنات، وفى النهاية نجد بيان من القناة او مؤتمر صحفيًا يوضح الأسباب. وافتتح فودة حلقته النهائية بمقدمة نارية كعادته حيث قال: "رمى حجراً وأمعن ثم ولّى، ولم يترك دليلاً أو محلا، وعاذ بما تبقى من حياءِ، وشكّل يومه ثم استقلا، وقال: أموت، لكن لست أحني على كتف الزمان الرأس ذلا، لأن الموت لوّن كل شيء، وألقى بين أعظمنا عروقهْ، لأن اللون في دمنا ضبابٌ، لأنا نحن أخطأنا طريقهْ، لأن العمر يأتي عند يومِ ويعلن بين أيدينا مروقهْ، أرد إلى العيون شعاع أمسي، وألقي في حُميّاها بريقهْ، ومن جسدي النحيل أشد جسراً لكل العابرين إلى الحقيقة" وأضاف: "فيا وطني رأيتك في التقاء الرأس هلكى بالحوائط، رأيتك في عيون القطة الجوعى تغالط، رأيتك في اصفرار الماء في سلخ المشيمةْ، رأيتك في احمرار الأفق في وجه الحدود، رأيتك في انتشاري في السدود، رأيتك حين ينكشف الغطاء عن الصباح، ووجهك مستباح". وتابع: "رأيتك حين أخلع ياقتي خلف المشابك، وحين تحط في صدري مناقير السنابك، رأيتك في انتفاخ العِرق في كتف الأجير، ووجهك يستجير، رأيتك في انحباسي في المرايا، رأيتك في الزوايا، رأيتك في المناشف، رأيتك حين تزرع وردة خلف العواصف، ووجهك لا عواطف، رأيتك يا ضميري، رأيتك كالتذاذ الجرح في لمس المشارط". وأكمل: «أسافر عنك، أصدر عن جميعك، ويلويني التباعدْ، فأذكر نظرة النهر، مؤنبةً، كأنك أنت يا وطني، رسمت عيونك السمرا، على ثغر الممر، وقلت: (لا أحدٌ يمر اليوم في قلبي)، ولا أحدٌ رآكا، ولا حتى على عينيك مرا، أظل أسير في عينيك أمسيةً، وأمسيةً أظل أعالج الأمرا، أريدك مستريحاً، في ضلوعي، أريدك .. قل لمن شئت السلامُ على عيونك يا بعيداً عن شكوكي، ويا زمناً تباعد ثم لامس". وأردف قائلًا: "ما كان اختيارك يا فتيّاً سوى غضبٍ أذاب عليك دينهْ: لأنْ تبقى على الذكرى عيوناً ولا تبقى نبياً في مدينةْ". واستمر فوده فى مقدمة الوداع قائلاً: "طيب الله أوقاتكم وأهلاً بكم إلى آخر حلقة من (آخر كلام)، كانت قناة (أون تي في) تحبو واعدةً عندما انطلقت أول حلقة من هذا البرنامج عام ألفين وتسعة في ذكرى عزيزةٍ على قلوبنا جميعاً، ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، خمس سنواتٍ بالتمام والكمال عشنا فيها آلام وطن كبير وآلامه، حاولنا في خلالها جاهدين أن يكون ولاؤنا دائماً للحق وللحقيقة من منظورك أنت لا من منظور سلطةٍ ولا جاهٍ ولا مال". وتابع: «آمنا بأن طريقنا إلى احترام أذهانكم هو المعلومة المجردة والرقابة على السلطة، أي سلطةٍ من أي نوع، بكل جرأةٍ وبكل احترام في آنٍ معاً. أخطأنا أحياناً؟ نعم، وجل من لا يخطئ، لكننا نحمد الله أن ثبّت على الحق خطانا حين كان لقولة الحق ثمن، ونحمده أن ألهمنا مرجعية الضمير والوطن، ونحمده من بعد ذلك أن سخّر منا جسراً لمن اجتهد، وملجأً لمن ظُلم، ومنبراً لمن لم يكن لديه منبر. تقاسمنا معكم لحظاتٍ من أصعب اللحظات ومن أجمل اللحظات في آنٍ معاً، ولا نمن على أحد بأننا تحمّلنا في لحظاتٍ ما لا طاقةَ لنا به». واختتم: "الآن يستريح هذا البرنامج بين أيديكم وبين أيدي قطعة غالية من تاريخ هذا الوطن ومن مسيرة الإعلام في هذا الوطن، اسمحوا لي في هذه المناسبة أن أشكركم على وقتكم وعلى ثقتكم، وأن ألتمس العذر من كل من وجدنا في أي لحظة دون مستوى توقعاته، إرضاء الناس، كل الناس، غايةٌ من المستحيل، واحترامنا لكل عادلٍ محبٍّ لهذا الوطن مؤمنٍ بدولة القانون لا يمكن أن يتأثر باختلافٍ في الرأي ولا يمكن أن يتبدل".