أصبحت الحياة بالنسبة لكثير من الليبيريين "صعبة للغاية" في ظل تفشي فيروس "إيبولا" القاتل في البلاد، فيما يتعذر على نحو متزايد الحصول على العلاج وخدمات الرعاية الصحية للمرضى في البلاد من المصابين بأي مرض سوى حمى "إيبولا". وبالنظر إلى كل الطاقات الموجهة حاليا لمكافحة فيروس "إيبولا"، يعيش كثير من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في خوف بسبب عدم توفر خدمات الرعاية الصحية الكافية. وفي حديث لوكالة "الأناضول" للأنباء قالت "سينثيا كوا-كوا"، رئيسة "شبكة التمكين المرأة" في ليبيريا، وهي منظمة غير حكومية للنساء المصابات بفيروس الإيدز: "نعلم أن إيبولا حقيقي وأنه في ليبيريا، ولكن أن تكون مريضا بالإيدز فإنه ليس بالأمر السهل". وأضافت: "إنها ضربة قوية لنا لأن الجميع يركزون انتباههم باتجاه إيبولا". منذ اندلاع الموجة الثانية، لفيروس "إيبولا" في ليبيريا في مارس/ آذار الماضي، أغلقت العديد من المستشفيات الكبرى في البلاد أبوابها، بسبب مخاوف العديد من العاملين في قطاع الصحة من الاتصال مع المصابين بفيروس "إيبولا". فيما يواجه المصابون بفيروس الإيدز الذين يعيشون في العاصمة مونروفيا، وضواحيها صعوبات في الحصول على الدواء من مكاتب "البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز" بدلا من مراكزهم العلاجية المخصصة لذلك، وهذا ما أجبر العديد منهم على السفر مسافات طويلة للحصول على الإمدادات الطبية. وأضافت "كوا-كوا": أنا أعيش على الدواء منذ 11 عاما". وتابعت: "إذا توقفت عن أخذ دوائي، سيكون الأمر خطيرا للغاية، لأن فيروس نقص المناعة البشرية هو شيء يستمر مدى الحياة، ونحن بحاجة إلى تناول الدواء يوميا". وأعربت عن مخاوفها من أن العديد من أعضاء الجمعية ربما يتعرضون للموت، لأنهم لا يستطيعون الحصول على الرعاية والخدمات العلاجية بشكل كامل. ونوهت إلى أن المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لا يتلقون سوى مضادات للفيروسات القهقرية ولا يخضعون لفحوص منتظمة. وأوضحت "كوا-كوا" أن العلاج من الإلتهابات والاختبارات المنتظمة للخلايا المناعية "سي دي 4" لها أهمية قصوى للغاية، في الحد من انتشار الفيروس لأي شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية. كما عبرت عن أسفها لأن جميع هذه الخدمات لا يتم توفيرها في الوقت الحاضر. وأشارت "كوا-كوا" إلى أن النساء الحوامل لا يمكنهن الوصول إلى مراكز برنامج "منع انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل" (بي إم تي سي تي). وتخضع النساء الحوامل في جميع المستشفيات الكبرى في ليبيريا، لاختبار فيروس الإيدز وإذا ثبت إصابتهن يتم إدراجهن في برنامج (بي إم تي سي تي)، لمنع الطفل من الإصابة بالفيروس، وهو ما لا يحدث في الوقت الراهن، وفقا ل"كوا-كوا". وتعمل الشبكة مع ما يقرب 4000 من النساء المصابات بفيروس الإيدز في 15 مقاطعة في ليبيريا. وأظهر استطلاع صحي ديموغرافي، أجري في عام 2013 أن حوالي 1.9% من سكان البلاد البالغ عددهم 3.5 ملايين شخص مصابين بفيروس الإيدز. تم تشخيص أول حالة إصابة بفيروس الإيدز في ليبيريا، وكانت لسيدة في عام 1986 في شمال غرب البلاد، حيث اشتبه في أول حالة إصابة بفيروس "إيبولا" في مارس/ آذار 2014. من جانبه أعرب "جو جو بيساي" -الذي اشتهر بمساعدة المصابين بفيروس الإيدز عبر منحهم القوة والأمل منذ الكشف عن إصابته- عن قلقه العميق إزاء وضعهم في مواجهة أزمة "إيبولا". وقال في حديث لوكالة الأناضول إنهم "يركزون على إيبولا الآن، وينسون الإيدز الذي قتل ملايين الناس، لذلك نحن نريد من الحكومة والمجتمع الدولي النظر في هذا الأمر". "بيساي" الذي يرأس حاليا شبكة من المصابين بفيروس الإيدز، أضاف: "قضية إيبولا تؤثر علينا جميعا، ولكن وضعنا مؤلم للغاية". ومضى قائلا: "يجب أن نتلقى العلاج على أساس يومي وشهري، لا سيما عندما يتم إغلاق المستشفيات كافة ولا يتم قبول بعض أصدقائنا الذين يعانون المرض شديد". وطالب حكومة بلاده بضمان إعادة فتح جميع المراكز لتوفير الأدوية للمصابين بحيث يمكنهم الاستمرار في العيش بشكل إيجابي. وتابع محذرا: "في الوقت الراهن نخشى أنه في حال عدم توخى الحذر سنعاني نقصا في أدوية فيروس الإيدز لأننا الإمدادات تنفد". وأشار إلى أن مخزون أدوية فيروس الإيدز في البلاد ربما يكفي لفترة تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة أشهر. من جانبه، قال رئيس لجنة الإيدز الوطنية الطبيب "ألفين إف. كامانور" أنهم يدركون التحديات التي تواجه الناس الذين يعيشون مع فيروس الإيدز. وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول أنه "مصدر قلق كبير"، معربا عن أسفه عن تعطل إجراءات اكتشاف حالات جديدة بفيروس الإيدز، وتقديم الاستشارات بسبب "إيبولا". وأوضح أن البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بدأ إرسال الدواء لمقاطعات مختلفة، وأنها ستكفي لمدة 6 أشهر، مشيرا إلى الحصول على إمدادات جديدة من العقاقير سيستغرق قرابة 9 أشهر. ومضى قائلا: "بدأنا مناقشات مع برنامج مساعدات الأممالمتحدة ووزارة الصحة، وشبكة المصابين من أجل تفهم تأثير فيروس إيبولا". وأعرب عن اعتقاده بأن الوضع الحالي يقوض أهداف اللجان وبرنامج مساعدات الأممالمتحدة الذي يسعى للوصول إلى معدل صفر من حالات الإصابة الجديدة بفيروس الإيدز، والوفيات والتمييز بحلول عام 2015. وأودت إيبولا بحياة 2453 شخصا في غرب أفريقيا من أصل 4963 حالة إصابة مؤكدة بالوباء، بحسب أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية. وأشار التقرير نفسه إلى أنّ حصيلة ضحايا الحمى النزفية بلغت 1296 في ليبيريا و595 في غينيا و562 في سيراليون. و"إيبولا" من الفيروسات الخطيرة، والقاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى (90%)، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس. كما أنه وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى، والكشف عليهم، من خلال أجهزة متخصصة، لرصد أي علامات لهذا الوباء الخطير. وكانت الموجة الحالية من الإصابات بالفيروس، بدأت في غينيا في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وامتدت إلى ليبيريا، ونيجيريا، وسيراليون، ومؤخرا إلى السنغال، والكونغو الديمقراطية. ***********