رئيس الوزراء الصربي: وجودنا في جامعة القاهرة فرصة لتبادل الرؤى والاطلاع على أحدث الأبحاث العلمية    النفط يقفز مع تصاعد نيران المواجهة بين إسرائيل وإيران    غرفة القاهرة تستعد لتوسيع نطاق خدماتها المميكنة لمنتسبيها    مياه الأقصر تنظم تدريبا العاملين بمياه الشرب بالطود    رئيس "النواب" يلتقي السفراء المنقولين لرئاسة البعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج    التشكيل الرسمي لمباراة إنتر ميامي وبورتو في كأس العالم للأندية    مصرع شخص وإصابة 5 آخرين في حادث تصادم سيارتين ملاكي أعلى محور دار السلام بسوهاج    البيت الأبيض: ترامب سيقرر ما إذا كان سيهاجم إيران خلال أسبوعين    أفريقية النواب تبحث سبل زيادة الصادرات المصرية إلى القارة    ليفركوزن يفاوض ليفربول لضم مدافعه    مصر تفوز على البحرين وتتأهل للدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب لكرة اليد    بعد موافقة النواب.. تعرف على تعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    بالأسماء.. 4 مصابين في حادث انقلاب سيارة بطريق رأس غارب - الزعفرانة    يوسف الفاروق: صناعة المحتوى تتطلب فهمًا عميقًا للجمهور المستهدف    رئيس الوزراء يتابع موقف توفير الأدوية والمُستلزمات الطبية    تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا بموجب اتفاقات إسطنبول    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    6 أسباب تجعل التفاح فاكهة فعالة ل إنقاص الوزن    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    قيادات تموين الأقصر يقودون حملات للتفتيش على أسطوانات البوتاجاز.. صور    بنسبة 96,5%، الوادي الجديد تتصدر المحافظات بمبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    شبكة برازيلية تختار ياسين بونو العربى الوحيد بتشكيل أولى جولات المونديال    مينا مسعود ضيف معكم منى الشاذلي..اليوم    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    برنامج "مصر جميلة" لقصور الثقافة يختتم فعالياته بمدينة أبوسمبل.. صور    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    رئيسا روسيا والصين: لا حل عسكرياً لبرنامج إيران النووي    وراثي أو مكتسب- دليلك لعلاج فقر الدم    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    السجن المشدد 15 عاما لعاطل يروج المخدرات في الإسكندرية: 500 طربة حشيش في حقيبتين    لهذا السبب..محافظ الدقهلية يستقبل وفدًا رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    الصحة": نستهدف المشاركة في مبادرة الاتحاد الأفريقي لتوفير 60% من احتياجات القارة من اللقاحات البشرية مُصنعة محليًا بحلول عام 2040    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية.. وما يحدث في غزة فضح الصَّمت العالمي    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    عماد الدين حسين عن استهداف تل أبيب: إيران ترد مباشرة على عدوان واضح    الدفاع الجوي الروسي يسقط 81 طائرة أوكرانية مسيرة    سالزبورج النمساوي يفوز على باتشوكا المكسيكي في كأس العالم للأندية    مؤتمر أبيل فيريرا عن استخدام محدود ل باولينيو ضد الأهلي.. وتعلم تطويع الطقس    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات التونسية .. ترسيخ لمسار ثوري أم طريق لعودة المنظومة السابقة؟
نشر في محيط يوم 21 - 08 - 2014

إثر هدوء هدير احتجاجات الصيف الماضي في تونس المنادية بإيقاف المسار الانتقالي، وخروج حوالي 60 نائبا من المجلس الوطني التأسيسي ملتحقين باعتصام جبهة الإنقاذ (تحالف لأحزاب ماركسية وقومية مع حركة نداء تونس التي يقودها الباجي قايد السبسي) أمام مقر المجلس التأسيسي بساحة باردو بالعاصمة تونس للمطالبة بحلّ المجلس التأسيسي ورحيل حكومة علي العريض آنذاك وتشكيل حكومة إنقاذ – ربما - على نحو ما حدث في مصر.
وبعد فشل احتجاجات الشارع في إسقاط حكومة الترويكا وتوجه جميع الفرقاء السياسيين منذ أكتوبر/ تشرين أول 2013 إلى الحوار الوطني تحت رعاية أربعة منظمات تونسية أكبرها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يؤطر أغلب الطبقة العاملة التونسية، ورغم تصاعد الأعمال "الإرهابية" خلال صيف وخريف 2013، فقد توصل المجلس التأسيسي في نهاية يناير/ كانون ثان الماضي إلى المصادقة على الدستور، وتخلت حكومة علي العريض يوم 27 يناير/ كانون ثان لتفسح المجال إلى حكومة تكنوقراط مستقلة بقيادة المهدي جمعة بهدف أساسي هو تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية للوصول إلى تركيز النظام السياسي الدائم وتجاوز المرحلة الانتقالية.
ومع عبور مرحلة تجاذبات اختيار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بين الفرقاء السياسيين وتوزع حل المشكل بين الحوار الوطني والمجلس الوطني التأسيسي، أمكن لهيئة شفيق صرصار أن ترى النور يوم 8 يناير/ كانون ثان الماضي.
ومع اعتماد الدستور الجديد، اتجهت البلاد إلى تنظيم الانتخابات وحددت أحكاما انتقالية ضُمِنت فيها نهاية العام الجاري كآخر أجل لتنظيم الانتخابات.
وكانت الساحة التونسية تتجه بُعيْد الثورة إلى تحييد منتسبي النظام السابق عن الحياة السياسية لأن شباب الثورة كان يعتقد أنه "لا يمكن بناء حياة ديمقراطية بمشاركة منتسبي منظومة انبنت على الديكتاتورية".
وكانت انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين أول 2011 التي فازت بها حركة النهضة محطة لمراجعة الحسابات بالنسبة للتيارات التي انهزمت فيها، وتبيّن في الساحة أن هناك تحالفا ميدانيا بدأ ينشأ بين المنظومة القديمة المتمثلة في حركة نداء تونس (تأسست في يونيو/ حزيران 2012 ) وتيارات يسارية وقومية بلغت أوجها في قيام جبهة الإنقاذ فجر 26 يوليو/ تموز 2013.
وما لا تأتي به السياسة قد يحققه الرصاص فكانت عملية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد يوم 6 فبراير/ شباط 2013 كفيلة بتأجيل مناقشة قانون تحصين الثورة وكان الاغتيال الثاني يوم 25 يوليو/ حزيران 2013 للنائب القومي محمد البراهمي كاف ليلغي أكبر حزب متواجد في المجلس التأسيسي (حركة النهضة 89 نائب من أصل 217) مسألة تحصين الثورة وإقصاء "الفلول" من أجندته، وليصبح الحزب المتهم "بالفلولية" (نداء تونس) أهم شريك لحركة النهضة في الحوار الوطني.
وجاء الدستور وقانون الانتخابات ليؤكدا نهائيا القطع مع الحسم في المنظومة القديمة وليوفر لها إمكانات كبيرة للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم.
ويلاحظ المراقبون للمشهد الإعلامي التونسي أن اغلب المؤسسات الإعلامية الفاعلة قريبة من المنظومة القديمة الامر الذي جعل هذه المنظومة تستفيد من ذلك لتلميع صورتها من حملات إعلامية منظمة لما تعتبره أحزاب الترويكا "تشويها لصورتها لدى الرأي العام".
وليس غريبا اليوم في تونس أن تسمع مديحا للنظام السابق قبل الثورة يعدد خصاله في "المحافظة على الأمن ونظافة البلاد "بعد أن تصاعدت الأعمال الإرهابية التي أودت إلى حد الآن بحياة 55 عسكريا وأمنيا، وبعد أن ساءت الأوضاع البيئية مما جعل أكوام النفايات تهدد حتى المناطق السياحية الحيوية في البلاد مثل جزيرة جربة (جنوب).
ويبدو أن المنظومة القديمة تستفيد من دعم واضح وخفي من رجال الأعمال الذين كانت لهم - بحسب بعض المتابعين – تقاليد راسخة في تبادل الولاء بالمنافع حيث كان جلّهم يدفع للحزب الحاكم مقابل التهرب الضريبي والصمت الحكومي تجاه استغلال العمال، ويبدو أن البعض منهم يحلم باستعادة تلك الأيام.
أما الأحزاب التي صعدتها أول انتخابات ديمقراطية شهدتها تونس منذ الاستقلال في أكتوبر/ تشرين أول 2011 (حركة النهضة، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) فإنها تتقدم للانتخابات وقد مست من صورتها شيئا ما مشاكل الحكم والحملات الإعلامية المنظمة رغم أن الأرقام التي قدمتها مراكز سبر الآراء المتعددة في تونس لم تعكس نفورا كبيرا من الناخبين تجاه أكبر أحزاب الترويكا، حزب حركة النهضة إذ كان يتبادل المركزين الأول والثاني مع حركة نداء تونس كما عكست حركيته السياسية خلال هذا الصيف توثبا واستعدادا للموعد الانتخابي القريب (26 أكتوبر/ تشرين أول القادم).
وخبا شيئ ما، مع حكومة المهدي جمعة، الوهج الاحتجاجي للجبهة الشعبية (ائتلاف أحزاب ماركسية وقومية) الذي بلغ أوجه الصيف الماضي بتنظيم حملة ارحل لحكومة الترويكا وشهدت خروج بعض الأحزاب الصغيرة منها (حركة الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة أحمد الخصخوصي وحزب تونس الخضراء بزعامة عبد القادر الزيتوني) ومع انتهاء تحالفها مع نداء تونس تبدو حظوظ الجبهة الشعبية قليلة للفوز بالانتخابات.
وفي ظل المشهد الحالي، يتجه الوضع إلى صراع ثنائي بين حركة النهضة وحركة نداء تونس وقد تكون نتيجة الانتخابات كفيلة بتشكيل حكومة يتزاوج فيها القديم بالجديد حيث سيكون جزء من النظام القديم "متعايش" مع جزء من النظام الجديد رغم ما تسرب عن مشاكل داخل حزب نداء تونس مرتبطة برئاسة القوائم الانتخابية عكست صراعا خفيا بين الجناح الدستوري (نسبة للتجمع الدستوري الحاكم زمن بن علي) والجناح اليساري للحزب.
ولكن الاستقطاب الثنائي لن يمنع وصول مجموعات سياسية صغيرة إلى "مجلس نواب الشعب" القادم التي يضمن لها القانون الانتخابي أن تكون ممثلة فيه.
وفي ظل الأوضاع السياسية الحالية تبدو مطالب الثورة آخر المواضيع التي يفكر فيها الفرقاء السياسيون فالمحسوبون على النظام القديم لن يكونوا في كل الأحوال مع المطالب التي تدينهم وكانت وراء حل حزبهم (التجمع الدستوري الديمقراطي) خلال شهر مارس/ آذار 2011، أما ممثلو "النظام الجديد" وعلى رأسهم حركة النهضة فلن يجدوا الظروف المناسبة لطرح مطالب الثورة بكل وضوح بعد انقسام الطبقة السياسية التي كانت تعارض بن علي على نفسها وبعد الأخطاء التي ارتكبتها النهضة نفسها في إدارة الحكم وخاصة في التعاطي مع ملف الإعلام الذي بدا يتحكم في كامل المشهد.
وبالنسبة للمتمسكين بالثورة وأهدافها، فهم لا يترددون في طرح سؤال: هل يعود الوعي إلى كل القوى السياسية التي كانت تناهض دكتاتورية بن علي من أجل تدارك الانقسام الذي ضربها بعد انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين أول 2011 وتحاول الاستمرار في تحقيق أهداف المسار الثوري أم يتواصل الانقسام وتجبر أحكام تعايش القديم مع الجديد مختلف الأطراف على تقديم تنازلات مؤلمة لن تكون بالضرورة في مصلحة الثورة وأهدافها؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.