منذ تفشي فيروس إيبولا وإغلاق العديد من المرافق الطبية الرئيسية، أصبح العديد من الليبيريين أطباء أنفسهم حيث أقبلوا على شراء الأدوية لأنفسهم ولأسرهم في المنزل دون استشارة الأطباء. وفي حديث لوكالة الأناضول، من داخل صيدلية بوسط مونروفيا، قالت "سو دويه"، وهي أم لستة أطفال "جئت لشراء أموكسيسيلين، (مضاد حيوي من فصيلة البنسلين لمعالجة العدوى البكتيرية) وأملاح معالجة الجفاف عن طريق الفم، لعائلتي". وأوضحت "نحن جميعا ندرك أن المستشفيات مغلقة، لذلك علينا أن نأخذ الاحتياطات بأنفسنا". وكانت العديد من المستشفيات الكبرى قد أغلقت أبوابها أمام الجمهور، وكرست جل انتباهها إلى الحالات المتعلقة بفيروس إيبولا، وليس من الواضح متى ستستأنف المستشفيات الكبرى في البلاد نشاطها بشكل كامل. ولكن حتى المراكز الصحية الصغيرة التي ظلت أبوابها مفتوحة للجمهور إلى حد كبير، قد أصبحت مهجورة من قبل الناس الذين يخشون أن يتم احتجازهم في الحجر الصحي كحالات يشتبه إصابتها بفيروس إيبولا، إذا ما ظهرت عليهم أعراض بسيطة مثل الإسهال، والنزيف، والملاريا، والهزال. وكانت ليبيريا قد أعلنت 294 حالة مشتبه إصابتها بفيروس إيبولا، وأكدت وقوع وفيات حتى 8 أغسطس/ آب الجاري، فيما يجري الإبلاغ عن العديد من الحالات المشتبه إصابتها بشكل يومي. وأعربت "دويه" عن اعتقادها بأن إغلاق العديد من المستشفيات، ينبغي على الليبريين شراء الأدوية والاحتفاظ بها في المنزل، مشيرة إلى أنها سافرت مسافة طويلة إلى صيدلية "أبير" وسط منروفيا لشراء أدوية لأسرتها. وأوضحت أنها تتخذ الاحتياطات في حال إصابة أي من أطفالها بأي مرض يكون بمقدورها التعامل معه (علاجه) بالمنزل. وعلى الرغم من إدراكها المخاطر المتعلقة بشراء الأدوية دون استشارة الأطباء، لا تزال "دويه" تعتقد أن هذا هو أفضل سبل النجاة في الوقت الراهن، وحثت بني وطنها على فعل الشيء نفسه. وفي الوقت الراهن، تزايد الطلب على ثلاثة عقاقير رئيسية في الصيدليات المحلية بشكل يومي، وهي "أملاح معالجة الجفاف عن طريق الفم"، و"فلاجيل"، الذي يعالج الالتهابات البكتيرية، وأموكسيسيلين. وتعد صيدليات "لاكي"، و"أبير"، من أكبر موزعي الأدوية في البلاد، التي انهمرت عليهم طلبات العملاء الذين يسحبون هذه الأدوية من جميع أنحاء البلاد لتأمين الأدوية لأسرهم، فيما توقف المبيعات المحلية (في متاجر العقاقير الصغيرة). والتقت الأناضول رجلا آخر، عرف نفسه فقط باسم "كلفن"، كان خارجا من صيدلية "أبير"، بعلبة من الورق المقوى ممتلئة بالعقاقير، وقال: "أرى الناس يشترون الأدوية ظنا منهم بأن إبقاء الأدوية في المنزل سيساعدهم". وأضاف "كلفن"، الذي يدير متجرا محليا للعقاقير خارج مونروفيا: "أعتقد أن ذلك (إبقاء الأدوية بالمنزل) ليس من الحكمة، ولكننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء حيال هذه المشكلة، فقد بات الجميع الآن أطباء أنفسهم". وفي المقابل، يعرب الأطباء عن خشيتهم من تعرض الكثير من الليبيريين للإصابة بمضاعفات طبية خطيرة إثر تناول الدواء دون استشارة الأطباء. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال الطبيب "ويلهيلمينا جالا"، مدير "الأمل من أجل النساء الدولي"، وهو مستشفى كبير يقدم الخدمات للنساء في جميع أنحاء ليبيريا: "على الرغم من أن وضع فيروس إيبولا في البلاد يسبب لنا الذعر جميعا، يمثل استهلاك الأدوية دون مشورة الطبيب تهديدا للحياة بصرف النظر عن الفيروس". من جانبه، نصح وزير الإعلام، لويس براون، المواطنين بألا يتولوا زمام الأمور بأيديهم، ومضى قائلا: "في هذا الوقت من العام، عادة ما يكون لدينا نسبة عالية من الحالات المبلغ عنها بأمراض التيفوس والملاريا والإسهال، وكلها تشترك مع أعراض فيروس إيبولا". وأضاف في تصريح لوكالة الأناضول، محذرا: "نحن لا نريد أن يعتقد الناس أن بإمكانهم علاج فيروس إيبولا في منازلهم، وهذا يحمل الكثير من المخاطر". وأوضح الوزير أن الحكومة تواصل تلقى بلاغات من الناس الذين يخلون الجثث من منازلهم وينقلونهم إلى الشوارع، خوفا من تطهير منازلهم، وخضوعها للحجر الصحي لمدة 21 يوما. وأعرب المسؤول الليبيري عن قلق الحكومة إزاء الصعوبات التي يواجهها المواطنين بعد إغلاق المستشفيات. وأشار "براون" إلى بدء إعادة تدريب العاملين الصحيين في اثنين من كبرى المستشفيات لاستئناف العمل بشكل طبيعي، وخدمة للجمهور. وكانت رئيسة ليبيريا، إلين جونسون سيرليف، قد أعلنت الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 90 يوما إثر تفشي إيبولا، وأمرت بالإغلاق الفوري لجميع المدارس، من بين عدة تدابير أخرى لاحتواء انتشار المرض. كما أمرت "سيرليف" أيضا بإعطاء إجازة إجبارية لمدة 30 يوما لجميع الموظفين غير الأساسيين في الوزارات والوكالات الحكومية، ودعت إلى إغلاق جميع الأسواق عبر الحدود مع سيراليون وغينيا حتى إشعار آخر. وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد أودى فيروس الايبولا بحياة حوالي ألف شخص منذ بداية العام، من أصل أكثر من ألف و700 حالة مشتبه في إصابتها. وتعتبر كلّ من سيراليون وليبيريا وغينيا البلدان الأكثر تضرّرا من هذا الوباء. ويعد فيروس "إيبولا" من الفيروسات الخطيرة والقاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى 90 %، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس، كما أنه وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى، والكشف عليهم، من خلال أجهزة متخصصة، لرصد أي علامات لهذا الوباء الخطير. وحتى الآن لا يوجد أي علاج أو لقاح واقٍ ضد فيروس "إيبولا"، هذا بالإضافة إلى أن المرضى المصابين بهذا الفيروس يحتاجون إلى عناية مركزة، ولا يمكن السيطرة على تفشي العدوى إلا من خلال استخدام التدابير الوقائية الموصى بها طبياً.