لم يكن الكثير من اللبنانيين يعرف بلدة عرسال الواقعة على الحدود الشرقية مع سوريا الحدودية إلى أن تصدر اسمها الأخبار مع تدفق اللاجئين السوريين إليها هربا من المعارك الدائرة بين قوات النظام السوري ومجموعات المعارضة. احتضنت عرسال الأعداد المتزايدة من النازحين الفارين من الموت على الجبهة السورية والذي وصل عددهم لأكثر من 106 آلاف لاجئ، حسب إحصاء شبه رسمي، أي حوالي ثلاث أضعاف عدد سكان البلدة، وهو ما حولها إلى أكبر "بقعة لجوء" في لبنان. وبدأت البلدة تغص بضيوفها الذين استقبلهم أهلها بداية في بيوتهم ومدارسهم، ثم تمددوا إلى محيطها حيث أقاموا مخيمات عشوائية، إلا أن الاضواء سلطت بشكل قوي على عرسال مع تسلل العشرات ثم المئات من المقاتلين السوريين إلى محيطها بعد المعارك الطاحنة بين قوات المعارضة وقوات النظام المدعومة من قبل حزب الله اللبناني في منطقة القلمون، المحاذية للحدود اللبنانية السورية. وتشترك عرسال، وهي بلدة سنية مساحتها 316.94 كلم مربع، وتقع على سلسلة جبال لبنانالشرقية بخط حدودي مع سوريا طوله 50 كيلومترًا. وسمح التداخل في حدودها مع الجبال السورية الوعرة المعروفة بجبال القلمون للمقاتلين المتسللين من الاختباء في هذه المنطقة والتمدد فيها مع ازدياد اعدادهم وسط مخاوف أمنية لبنانية متزايدة من وجودهم داخل الأراضي اللبنانية وانتماءهم لمجموعات متشددة. وانفجر الوضع في منطقة عرسال ودخلت على خط المعارك الدائرة على مقربة من الحدود بعد اعتقال الجيش اللبناني للسوري "أبو أحمد جمعة"، وهو قائد "لواء فجر الإسلام" (الذي ترك جبهة النصرة وبايع الدولة الاسلامية في العراقوسوريا بقيادة أبو بكر البغدادي)؛ ما أدى الى وقوع اشتباكات اندلعت السبت الماضي مع المجموعات المسلحة التي ينتمي جزء منها إلى تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"النصرة". هذه المعارك هدأت بعد وساطة من رجال دين لبنانيين أرست وقفا لإطلاق النار وبدء انسحاب المسلحين منها وإطلاق عدد من العناصر الأمنية المحتجزة، لكنها خلفت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجيش اللبناني والمسلحين القادمين من سوريا والمدنيين اللبنانيين واللاجئين السوريين. وأدت الاشتباكات أيضا موجة نزوح جديدة للاجئين السوريين بعد احتراق عدد من مخيماتهم بسبب القصف، فالتجأوا مجددا إلى داخل بلدة عرسال فيما قرر عدد منهم العودة إلى سوريا، إلا أنهم علقوا قريبا من الحدود اللبنانية؛ لأن الأمن السوري التابع للنظام لم يسمح لهم بالعودة. الأكيد أن الكثير تغيير في عرسال وما كان قبل معارك الجيش لن يكون مثل بعدها.