قال مصدر طبي في بلدة عرسال اللبنانية التي تشهد منذ 3 أيام اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين، أن عدد القتلى من المدنيين اللبنانيين والنازحين السوريين المقيمين في مخيمات البلدة وصل إلى 30 والجرحى إلى 205، فيما حذرت هيئات إغاثية من "تطورات مأساوية" إذا استمر القصف ودعت إلى إطلاق نار فوري لإدخال المساعدات واخلاء المصابين. وقال المصدر الطبي خلال اتصال هاتفي مع "الأناضول" من داخل "مستشفى الرحمة"، سمع خلاله إطلاق كثيف جدا للنار، أن 90% من هؤلاء الجرحى هم من النساء والأطفال، موزعين في "مستشفى الرحمة" والمستشفى الميداني في عرسال، مشيرا الى أن قدرة استيعاب المستشفيين لمزيد من الضحايا "مستحيلة" وأن المواد الطبية الموجودة فيهما "شحيحة جدا". وأكد أن الهيئات الطبية وخاصة الدولية "لم تتحرك لخدمتنا في المستشفيين في عرسال"، مناشدا الجهات المعنية التدخل الفوري "من أجل إنقاذ الجرحى قبل وقوع كارثة إنسانية بكل ما للكلمة من معنى". ولفت إلى وجود 15 جريحا "جراحهم خطرة جدا، قد يفارقون الحياة إن لم تقدم لهم الخدمات الطبية اللازمة بشكل عاجل وفوري". وأوضح أن الكثير من الجرحى موجودون حاليا في بعض شوارع البلدة وبعض المنازل "ولم تتمكن الفرق الطبية من الوصول إليهم بسبب القنص الكثيف والمتقن في قتل الأبرياء". وكانت مصادر في منظمات انسانية عالمية أفادت للأناضول" بأن "الوضع الامني في عرسال لا يسمح بإدخال أي مساعدات لأن الطرقات مقطوعة ولا نعرف أي شيء عن الوضع داخل البلدة". وحذر عضو هيئة علماء المسلمين في لبنان ومنسق اتحاد الجمعيات الاغاثية الشيخ حسام الغالي أن بلدة عرسال تشهد "تطورات مأساوية بعد اندلاع المعارك فيها واستمرار القصف عليها"، مشيرا الى "نقص كبير وحاجة ملحة" للأدوية الإسعافية والى تعرض مخيمات اللاجئين السوريين في البلدة للقصف والاحتراق. وقال الغالي، خلال مؤتمر صحفي عقده في بيروت، أن هناك قتلى وجرحى في الطرقات "لا نستطيع الوصول إليهم بسبب حدة القصف والقنص واستهداف سيارات الإسعاف وكل السيارات المتحركة". وأكد أن مستشفى الرحمة، الذي استقبل أكثر من 150 جريحا من نساء وأطفال، تعرض للقصف، لافتا الى أن المستشفى يضم حاليا جرحى بحالات خطرة جداً نتيجة إصابات عصبية ووعائية "وهم بحاجة لعناية مشددة وحياتهم في خطر إن لم يتم نقلهم الى مستشفيات متخصصة". وشدد أن "هناك نقص كبير وحاجة ملحة للأدوية الإسعافية وأهمها المسكنات والمضادات الحيوية واحتياج كبير لجميع فئات الدم". وعلى صعيد آخر، قال الغالي أن 6 مخيمات للاجئين السوريين التابعة لاتحاد الجمعيات الإغاثية تعرضت للقصف، و9 لحقها الضرر و6 احترقت بشكل كامل، متهما "جهات معنية"، دون أن يسميها، بتعمد قصف المخيمات وإحراقها "بشكل معد مسبقاً ومدروس". وأضاف أن هذه المخيمات "كانت آمنة وكان الجيش اللبناني يداهمها بشكل يومي ويعتقل من يريد ويفتش عن أي سلاح بشكل دائم"، رافضا اتهامها بأنها مصدر السلاح. وأضاف أن آبار الماء توقفت عن الضخ بسبب عدم وجود الكهرباء وأن مخزون الطحين والمازوت انتهى "مما ينذر بكارثة إنسانية كبيرة ويفاقم الوضع بشكل مخيف"، مناشدا الأطراف المتنازعة وقف إطلاق النار فوراً، وفتح ممر إنساني بحماية أمنية لإدخال الطحين والمازوت والخبز والماء والمواد الطبية والعمل على تحييد المدنيين. ودعا الغالي الى المساعدة على نقل الجرحى الذين يعانون حالات صعبة وحرجة إلى المستشفيات في المناطق اللبنانية الأخرى، مؤكدا "جهوزية فرقنا الإغاثية للانطلاق فورا إلى عرسال لتقديم المساعدة الطبية والإنسانية العاجلة فور السماح لها". وكان مسلحون شنوا السبت الماضي هجوما على مواقع الجيش والقوة الأمنية في بلدة عرسال ومحيطها وخطفوا عددا من المواطنين والجنود على خلفية اعتقال الجيش لأحد كبار قادة المجموعات "المتطرفة". وأتى هجوم المسلحين على عرسال بعد أن أوقف الجيش اللبناني أبو أحمد جمعة، أحد القادة الكبار في "التنظيمات الإرهابية السورية"، كما أكد مدير التوجيه في الجيش اللبناني، العميد علي قانصو خلال اتصال سابق مع "الاناضول". وتستضيف بلدة عرسال أكثر من 106 آلاف نازح سوري، في ما كان لجأ المئات من مقاتلي المعارضة السورية الى محيطها بعد سقوط القلمون ويبرود بيد قوات النظام السوري.