انتهى المونديال ولكن بعد عام من الآن سيتكرر الصدام.. هذه المرة اللقب لا يمكن أن يذهب لأوروبا، لأنها بطولة أبناء القارة.. كوباأمريكا 2015. مونديال البرازيل 2014 : البعض يطلق عليه بطولة الحراس، فيما يعتبره أخرون المنافسة التي أثبتت "نجومية الفريق" وليس "نجومية اللاعب"، بعد فشل من يوصفون بأنهم "عمالقة" اللعبة في تحقيق اللقب لمنتخباتهم، ونجاح الأداء الجماعي لل(مانشافت) في حسم الأمور. بعيداً عن هذا وذاك فإن المونديال كان بمثابة مقدمة لملحمة لاتينية ستشهدها بطولة كوباأمريكا 2015 .. صراع قد يشهد إما وأد "ثورات" فرق مثل تشيليوكولومبياوالمكسيك، أو نجاح البرازيلوالأرجنتين في تعويض الفضيحة وخيبة الأمل التي تعرضا لها في كأس العالم. لا يوجد فريق أكثر من البرازيل يجب عليه التتويج بلقب هذه البطولة لاعادة سمعته العالمية عن طريق تحقيق الهيمنة القارية، وذلك قبل التفكير في مونديال 2018 بروسيا. لا يمكن أن تنتظر البرازيل، صاحبة الألقاب المونديالية الخمسة، أربع سنوات أخرى لترى إذا ما كانت ستنجح في مداواة جراحها بلقب كأس العالم أم لا، هنالك فرصة تلوح في الأفق لاعادة جزء من هيبة "راقصي السامبا" بعد سباعية ألمانيا في نصف النهائي وثلاثية هولندا لتحدي المركز الثالث، ولا بد من استغلالها. استقالة مدرب البرازيل لوزيز فيليبي سكولاري أصبحت شبه رسمية وهي مسألة أيام قبل أن يتم الاعلان عن البديل الذي يجب عليه ألا يقع في نفس أخطاء سلفه وأهمها عدم تجاهل لاعبين مثل لوكاس مورا وماركينيوس وفيليبي كوتينيو وميراندا وفيليبي لويس، ومنح "حق العودة" لأسماء مثل رونالدينيو وكاكا وباتو وروبينيو، لكي ينجح في حصد لقب كوباأمريكا للمرة التاسعة. الأرجنتين هي الأخرى لديها جرح غائر بعد أن فشلت في تحقيق لقب كأس العالم.. 24 عاما انتظرها "راقصو التانجو" منذ مونديال 1990 لكي يصلوا للنهائي.. الكأس كان على بعد خطوة، ولكن رعونة هيجواين وبالاسيو وغياب فعالية ميسي والحرمان من أنخل دي ماريا أبقت الفريق بعيدا عن حلمه الذي تحول إلى كابوس بهدف جوتزه في الوقت الاضافي. كوباأمريكا تعتبر من البطولات المفضلة للأرجنتين حيث فازت بها 14 مرة، إلا أن كل هذه الألقاب لم يكن لليونيل ميسي يد فيها، البطولة ستكون فرصة جديدة أمام "البرغوث" لاثبات أنه يستطيع تحقيق لقب لمنتخب بلاده، عوضا عن احراز الأهداف في البوسنة وإيران ونيجيريا. تتشارك البرازيلوالأرجنتين خصائص كثيرة أهمها التاريخ والقدرة على امتاع الجماهير واقناعهم، ولكن أداء كل منهما في المونديال، وليس نتائجه، لم يكن مقنعاً أو ملهماً أو مخيفاً، بل أقل بكثير من الامتاع الذي قدمه "مستضعفي" المنطقة مثل تشيليوكولومبياوالمكسيك. تشيلي ستحتضن البطولة، لذا لا يوجد أفضل من هذه الميزة للسعي وراء التتويج بكوباأمريكا لأول مرة في تاريخها.. الجيل العبقري من لاعبيها في الوقت الحالي بقيادة أليكسيس سانشيز وأرتورو فيدال وجاري ميديل هو الأنسب لتحقيق هذا الانجاز. لماذا لا تحقق تشيلي المعجزة؟ لقد أبهرت في المونديال فازت على أستراليا وإسبانيا وهُزمت من هولندا بعد أداء هجومي راق، وخرجت أمام البرازيل في ثمن النهائي بعد أن أذاقتها الأمرين في مباراة انتهى وقتها الأصلي والاضافي بالتعادل بهدف لمثله ليتم الاحتكام لركلات الترجيح، كما أن لديها "ثعلب" عالم التدريب الشاب خورخي سامباولي، الذي تقترب حنكته من "المجنون" مارسيلو بييلسا. كولومبيا هي الأخرى أمامها الفرصة لتحقيق ثاني ألقابها في كوباأمريكا بعد أن وصلت لأول مرة لدور الثمانية بالمونديال الذي خرجت منه على يد البرازيل عقب هزيمتها بهدفين لواحد، كل هذا بدون نجمها الأبرز راداميل فالكاو. ولكن المونديال في نفس الوقت كان تجربة جيدة لكي يثبت المدرب خوسيه بيكرمان حنكته في الاستفادة من امكانيات اللاعبين الموجودين لديه وعلى رأسهم خوان جييرمو كوادرادو، وبالطبع هداف البطولة وواحد من أبرز نجومها الصاعدين جيمس رودريجز.. مجرد عام ويخوض "لوس كافيتيروس" تجربة جديدة بنفس قوام الفريق تقريبا لاثبات أن ما حدث في البرازيل لم يكن صدفة. المكسيك ستشارك في هذه البطولة ببطاقة دعوة بعد نجاجها في احتلال وصافة المجموعة الأولى بالمونديال خلف البرازيل دون هزيمة وبعد الأداء الرائع الذي قدمته أمام هولندا في دور الستة عشر ، حيث خرجت من البطولة بفضل هدفين دخلا مرماها في أربع دقائق بنهاية المباراة عقب أن ظلت متقدمة بهدف.. ستكون فرصة أخرى أمام ميجيل هيريرا اذا ما استمر في منصبة للنجاح في الفوز ب"لعبة عروش" أمريكا اللاتينية. أوروجواي، صاحبة الرقم القياسي في عدد التتويج بألقاب كوباأمريكا ل15 مرة، لا تدخل في زمرة ال"جبابرة" وليست من "المستضعفين"، إنها مزيج خاص بين هذا وذاك.. لا يوجد مستوى ثابت، الأداء دائما متذبذب، سواء على الصعيدين الجماعي والفردي، ولكنها حينما تلعب، تبدع خاصة عن طريق نجمها لويس سواريز، سواء قام بعض منافسيه أم لا. وتقام البطولة في الفترة بين يونيو ويوليو العام المقبل بمشاركة الأرجنتين وبوليفيا والبرازيلوتشيليوكولومبيا والإكوادور وجامايكا والمكسيك "بدعوة" وباراجواي وبيرو وأوروجواي وفنزويلا، ومن المقرر أن يتم اجراء قرعتها في 27 أكتوبر المقبل بمدينية فينيا ديل مار. وربما تحمل البطولة قدراً أكبر من المفاجآت والإثارة إذا ما نجح أحد "المستضعفين" الذين لم يشاركوا في المونديال مثل بيرو أو فنزويلا، في تحقيق مفاجأة، وربما ينجح "الجبابرة" في إسكات الجميع.. عام واحد وتتضح الأمور.