200 عاما من الخبرة في الصنعة استخدام الصودا الكاوية وفضلات الإنسان في التصنيع موائد طرشي بالمجان ونصائح ثمينة للزبائن إنشاء رابطة صناع الطرشي في مصر يضفي المرح على المائدة بألوانه المختلفة، ويلهب الشهية فتلتهم ما أمامها من أطعمة، يحقق الاستمتاع ويخفف من حدة الوجبات الدسمة، إنه راعي السفرة المصرية، "المخلل" أو "الطرشي" كما يطلق عليه أهالي المحروسة. في إحدى شوارع وكالة الغوري، تجد حارة "الكحكين" المتفرعة من شارع محمد عبده وتعلو إحدى محالها لافتة تناديك "دوق الطعم الأصيل لأشهر المأكولات الشعبية في مصر" وهي "وجبة الطرشي"، تحمل أسماء من تشرب الصنعة وتوارثها من الآباء والأجداد مذيلة بإمضاء من صفوت محمود صاحب المحل ليكون صاحب أخر حقبة في تاريخ زعيم الطرشي. ليس مجرد محل طرشي عادي، بل تاريخ يحمل عبق 200 عام من الزمن، فاستحق بجدارة لقب أقدم محل طرشي في مصر، حيث توارثت الأجيال فيه الصنعة ونقلت للآخرين خبرة ممتازة وملامح تراث مصري أصيل وكرم استقبال علاوة على تصدير الطرشي للخارج أيضا. شرب الصنعة لم يتجاوز عمره الخمس سنوات وهو يمر خلف والده على أواني الطرشي العملاقة ليتعلم كيف يتذوق، ومتى يقرر خروج الطرشي من مخبأه ليبهر ذواق الطعم الأصيل، فهو يعرف جودة الطرشي بمجرد أن يذوقه فقط. يعمل 18 ساعة متواصلة في حب الطرشي، معتبرا المحل بيته الأول بعد أن خصص 50 عاما من عمره في خدمة الطعم والجودة. التقت شبكة الإعلام العربية "محيط"، بصاحب المحل الذي أكد أنه لا يستحوذ على سر الصنعة لنفسه، بل تأته العديد من السيدات من أجل نصائح تصنيع الطرشي يوميا بشكل ثابت. في محل الطرشي، تجد العشرات من العمال، والناتج مذاق واحد مميز، ويعود القرار النهائي للطعم إلى صاحب المحل المخضرم، الذي يستضيف الزوار أو المارين من أمام المحل بأطباق الطرشي الخارجية المجانية ممزوجة بخلطة سحرية خالية من الألوان الصناعية، ما يجعل سمعته في المنطقة كبريق الماس. أنواع الطرشي ومواسمه داخل المحل تجد جميع أنواع المخللات، ما بين البلدي والإفرنجي، فالبلدي مثل البصل والفلفل والقرنبيط والبنجر والخيار واللفت البلدي، أما الإفرنجي فيتمثل في الزيتون بأنواعه والجزر بأشكاله وأيضا أنواع صغيرة الحجم من الشطة والليمون. أما الأدوات المستخدمة في التقطيع، فتختلف أيضا وفقا لنوع المخلل، فالبلدي يتم تقطيعه بالسكاكين اليدوية، أما الإفرنجي فله ماكينة خاصة لتقطيعه بالأحجام والأطوال المتوازية والمتساوية. ورغم أنه "ملك السفرة"، إلا أن للطرشي مواسم، فموسم في العيد الكبير وآخر في العيد الصغير وثالث طوال شهر رمضان الكريم، وخلال الموسم الواحد يتم إعداد ما يقرب من 10 طن من المخللات بأنواعها وأشكالها. وخلال الموسم الواحد، يشرف الحاج صفوت على المخللات بنفسه مرتين متباعدتين للتأكد من ضبط الخلطة السرية التي يحرص فيها على استخدام البهارات الخاصة به ليتميز عن نظرائه من ممتهني الصنعة. أيضا ما يميز المحل الخاص بالحاج صفوت عن غيره، حرصه على الإشراف الأسبوعي من وزارة الصحة للاطمئنان على الحالة الصحية للمنتج، وأنه مناسب للاستخدام الآدمي وخالٍ من المخالفات والأضرار الصحية. جرائم ومخالفات أوضح صفوت أنه يضع الألوان الطبيعية لتزيين المخلل، مدعما ذلك بأنواع أخرى وهى البنجر والفلفل وقرنبيط لتعطى ألون الأصفر الذهبي مثل لون الشمس. واستنكر من يضع الألوان الصناعية من أجل التزيين، مؤكدا أنه من الجرائم التي يرتكبها بعض العاملين بالصنعة، استخدام الصودا الكاوية لنضوج أسرع للمخللات، حيث أنها مضرة ومدمرة للصحة، محذرا من استخدام البعض فضلات الإنسان للحصول على لون مغري للطرشي وسرعة عملية التخليل. ويقول الحاج صفوت أن هذه الأساليب تعود إلى الصناع فاقدو الضمير الذين يهدفون في الأساس للكسب المادي السريع. رابطة صناع الطرشي يقدم الحاج صفوت، مائدة يومية مجانية لزوار المحل بالإضافة للأطباق الأخرى المعدة للتذوق، مستخدما للعرض أواني من الخشب والبلاستيك لأنهما لا يتفاعلان مع الملح ولا ينتج عنهما مادة ضارة. وأشار الحاج أنه يرسل منتجاته للبيع إلى جميع محافظات مصر، مؤكدا أن المحافظة التي أخذت القاعدة الكبيرة في الحصول على طرشي الحاج صفوت هي محافظة الشرقية. ومن أجل الحفاظ على المهنة، يسعى الحاج صفوت محمود لإنشاء "رابطة لصناع الطرشى القداما فى مصر" لتكون مدرسة تؤهل الصناع على الجودة والأصالة في صنع المخللات وتراقب الفاسدين منهم وتعاقبه. نصائح مخللاتي وفي لفتة طيبة منه، قدم صفوت نصائح ثمينة لمحبي المخللات والطرشي، يتبعوها لكشف جودة المنتج قبل الشراء، منها تذوق الزيتون الأسود والتدقيق في لونه، فإن كان مرا غامق اللون فهو مغشوش وغير صحي، بالإضافة إلى تجنب شراء أية مخللات مكشوفة ومعرضة للأتربة. وإذا أرادت ربة المنزل أن تخلل الفلفل والزيتون والليمون، فعليها أن تضع الفلفل أولا ثم تضع فوقه الزيتون، أما الليمون فيوضع في الأعلى فى برطمان به مياه وملح، مع زيادة مقدار الملح قليلا عن المعتاد حتى لا يتلف المخلل. ومن أسرع أنواع الطرشي التي يمكن لربة المنزل التعامل معها هو الفلفل الأخضر، خاصة الرومي منه، حيث لا يستغرق سوى اسبوع واحد لينضح ويكون جاهزا للأكل، أما الزيتون التفاحي فيحتاج حوالي 15 يوما، وأي نوع آخر يحتاج شهرين وأكثر، أما الليمون فرغم أنه متوسط النضج، إلا أنه إذا استمر في التخليل كلما كان أفضل في أكله.