في شهر رمضان الكريم يستيقظ المسلمون كل يوم ببهجة وسعادة علي صوت المسحراتي لاستقبال يوم جديد من الشهر العظيم وينتظرون بلهفة وفرحة المدفع و الآذان لتناول الإفطار بعد يوم طويل من الصيام. أما في سوريا ومنذ ما يزيد عن الثلاث أعوام وفي ظل الصراع المحتدم بها يختلف الأمر كثيرا حيث يكون منبه السحور هو صوت مروع من انفجارات وإطلاق نار كثيف وبدلا من انتظار الآذان في سعادة ينتظروه في خوف من مستقبل غير مطمئن وفقدان الصحبة تجمع العائلة بسبب تفرق أهلها بين قتيل ومريض وشريد ولكن علينا أن نتذكر كيف كان رمضان في سوريا الجريحة؟. رؤية الهلال كانت تبدأ مراسم الإعلان عن رؤية هلال رمضان في سوريا قبلها بثلاثة أو أربعة أيام، حيث تفتح المحكمة الشرعية أبوابها لمن شاهدوا هلال رمضان ثم يتم إعلام القاضي الشرعي الأول بالعاصمة دمشق وهو بدرجة وزير برؤية الهلال وبعد ذلك يقوم القاضي بإبلاغ رئيس الجمهورية ثم يعلن بداية شهر رمضان العظيم. الاحتفال بحلول رمضان كانت تتميز سوريا باحتفالات ذات طابع خاص خلال شهر رمضان علي المستويين الرسمي والشعبي، فعلي المستوي الرسمي يتم تخصيص مجال متعدد من البث الإعلامي الإذاعي والتليفزيوني للبرامج الدعوية والدينية فهناك ساعات للقرآن الكريم وأوقات مخصصة للحديث الشريف وللسهرات الدينية، والندوات الحوارية. كما تخصص المساجد أوقاتا فيما بعد صلاتي الفجر والعشاء للدروس الدينية، وكذلك بعد صلاة التراويح، وترسل إدارة الإفتاء العام المدرسين الدينيين في مختلف المساجد على الأراضي السورية بالإضافة إلى إرسالهم خارج البلاد من أجل الدعوة الإسلامية، وذلك في إطار اتفاقات التبادل الثقافي مع الدول الإسلامية وغير الإسلامية. وشعبيا يحرص المسلمون في سوريا خلال الشهر الكريم علي تبادل الزيارات من أجل تدعيم اواصر صلة الرحم ويكثر عمل الخير والبر والحرص علي أداء الصلوات وخاصة صلاة التراويح كما تتزود الأسواق بالبضائع اللازمة لتلبية حاجات الصائمين، ويتم تعليق الفوانيس في الطرقات وعلى شرفات المنازل وفي واجهات المحال التجارية تحية لشهر رمضان وتعبر عن احترامه وقدسيته. المسحراتي "قوم يا صائم وحد الدائم يا أبو احمد وحد الله" نداء يستيقظ النائمون عليه كل ليلة في رمضان لبدأ يوم رمضاني حيث يتجول المسحراتي في الأحياء الشعبية بصوته المميز وطرقات طبلته داعيا الصائمين لعبادة الله وقيام الليل وتحضير السحور. الجدير بالذكر أن ظاهرة المسحراتي بدأت منذ العصر الأموي بواسطة الضرب علي الطبلة وتطورت مع مرور الزمن وأصبح هذا الرجل تقدم له وجبات من الطعام ومبلغ من المال يسمي " العدية" وذلك في آخر رمضان. مدفع الإفطار ينتشر مدفع الافطار في كل المدن والقري السورية وكان يوجد في دمشق مدفع واحد فقط يوضع علي جبل قسيون ولكن مع التوسع العمراني أصبح في دمشق 17 مدفع وعند سماع صوته في رمضان لا تجد أي شخص في الشارع. مائدة الافطار من أهم عادات المائدة عند أهل الشام تجمع كل أفراد العائلة علي الافطار من الأب والأم والأولاد والزوجات والأحفاد كما تشتهر مائدة الافطار السورية بأهمية وجود شوربة العدس أو شوربة الشعيرية ومعها اللحم أو مرقة الدجاج أما صحن الفول فهو سيد طاولة الطعام في رمضان، ثم الفتة. الحمص البليلة مع اللبن والطحينة والثوم والليمون مع المتبلات وأهم الوجبات هي الكبة والمحاشي، وغيرها من الوجبات المحببة لدى أهل الشام، مع السلطات الغنية بالخضار أو الفتوش والحلويات المشهورة دمشقيا كالعوامة والقطايف وأهم شيء بعد تناول الإفطار هو الشاي. ومن أشهر المشروبات السورية في شهر رمضان العرق سوس والتمر الهندي والقمر الدين ولا تكاد تخلو مائدة الإفطار من هذه المشروبات وخاصة بعد الصيام الطويل. صلاة التراويح تشهد صلاة التراويح في سوريا إقبالا كثيفا، بعض المساجد تلتزم بقراءة ختمة كاملة من القرآن الكريم خلال التراويح ومعها ختمة ثانية في الليالي العشر الأخيرة من رمضان. ومن العادات المتبعة أثناء صلاة التراويح عند أهل الشام أنهم بعد السلام من الأربع ركعات الأولى يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويترضون على أبي بكر رضي الله عنه، وبعد الثامنة يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم-، ويترضون على عمر رضي الله عنه، وبعد الثانية عشرة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على عثمان رضي الله عنه، وبعد الترويحة السادسة عشرة يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون على علي رضي الله عنه، وبعد تمام الترويحة العشرين يقولون بعض الأذكار ومنها: يا حنان يا منان ثبت قلبنا على الإيمان، نرجو عفوك والغفران، وأدخلنا الجنة بسلام. ثم يصلون الوتر .