قضت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولي وزكى الدين حسين نائبي رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار وكيلة وزارة الصحة بكفر الشيخ بالنقل الجماعي للأطباء سعاد عبده نافع وكامل محمد بركات ومحمد صلاح الدين عياد بنقلهم من وظائفهم كأطباء بشريين بمستشفى مطوبس المركزي إلى مستشفى بلطيم المركزي، وما يترتب على ذلك من أثار أخصها عودتهم إلى عملهم السابق وإلزام الإدارة المصروفات. وذكرت المحكمة أن المشرع الدستوري ألزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي، إيمانا منه بأن العناية بالأطباء وشمول أوضاعهم الوظيفية في كافة مناحي الوظيفة هو المدخل الحقيقي لتحسين المنظومة العلاجية خاصة. وقد تعرضت الأوضاع الوظيفية لفئة الأطباء لإهمال الدولة لمستويات متدنية على مدار عقود زمنية سابقة لا يتناسب مع دورهم الحقيقي وهم الفئة الأولى بالحماية وعلى اعتبار أن فلسفة حق الإنسان في الصحة والعلاج لا تخضع لنظام السلع واقتصاديات السوق لمن هو قادر عليها. وناشدت المحكمة في حكمها المنصف لصالح الأطباء، المشرع بتدعيم الدولة وإيمانها بأهمية الحق في الصحة للسعي نحو إنشاء مجلس طبي قومي حقيقي يتولى الإعداد الإستراتيجية القومية للتخطيط الصحي الجيد للوفاء بحق الشعب في الصحة والعلاج، خاصة الفقراء منهم وهو الأكثر أهمية للشعب من كثير من مجالس قومية أخرى بما يتطلبه ذلك من تحسين أوضاع القطاع الصحي بأكمله بل وتطوير التعليم الطبي ذاته وإمدادهم بالأدوات والأجهزة اللازمة للعمل شديد التطور التقني في العلم الطبي الحديث، والذي لا ينتظر من يتخلف عن ركب ملاحقته ، كما تناشد المشرع أن يجرى تعديلا يجعل بمقتضاه أخذ رأى نقابة الأطباء أمرا مهما فيما يخص الأطباء بجميع الوحدات العلاجية والصحية بالمستشفيات. وأضافت المحكمة: "يجب ألا تنسى الدولة أن مصر قد شهدت عصرا ذهبيا في تأسيس المدرسة المصرية للطب التي ذاع صيتها في العالم وتفوقت على المدرسة الأوروبية في ذلك الوقت بفضل اعتناء الدولة بعلمائها وكانت مصر هي أحد المراكز العالمية للعلاج لأبناء الأمة العربية والجاليات الأوروبية بعد أن أهملتها الدولة فذبلت تقاليدها الراسخة ". وأكدت المحكمة أن وكيلة وزارة الصحة لم تحصل على تفويض من المحافظ الذي لم يستخدم حقه في الرقابة والمتابعة لصدور مثل تلك القرارات التي تدخل في نطاق سلطته ودون الرجوع إليه. واختتمت المحكمة حكمها أن أمر النقل يجب عرضه على لجنة شئون العاملين وفى ذلك ضمانة ومرحلة هامة من مراحل تكوين القرار فإذا ما أصدرت الإدارة قرارها دون العرض على تلك اللجنة فإنها تكون قد أسقطت إجراء جوهريا يتطلبه المشرع ، كما يجب أن يرقى قرار نقل الأطباء بين المستشفيات إلى تحقيق الغاية التي شرع من أجلها النقل وهو حسن سير مرفق الصحة بحسبانه من أهم المرافق العامة بإعادة توزيع العاملين بينها توزيعا يحقق المصلحة العامة، أما إذا استهدف النقل التنكيل بالأطباء أو إنزال العقاب عليهم فإنه يكون قد قصد غاية أخرى تجعله متسما بعيب الانحراف في استعمال السلطة.